الانتخابات الفرعية التي يجربها بعض الطلبة في انتخابات الاتحادات أو الجمعيات الطلابية في الجامعات أو المعاهد ما هي إلا شكل من أشكال الانتخابات الفرعية المجرّمة قانونا وان كانت لا تأخذ في شكلها كامل اشتراطات الانتخابات الفرعية لمجلس الأمة المجرّمة، ولكن ماذا يعني أن يأتي فخذ من قبيلة ويبدأ التصفية ليخوض الناجح منها انتخابات تمثيل القبيلة في انتخابات طلابية، وخلال السنوات العشر الأخيرة أصبحت الانتخابات القبلية في الجامعات والمعاهد تعقد على عينك يا تاجر، و«فلان خير من يمثل القبيلة».
****
هذه الانتخابات القبلية الفرعية في الجامعات والمعاهد ما هي إلا شكل من أشكال الردة الديموقراطية، ومساهمة غير مقصودة في تفتيت الوحدة الوطنية، رغم علمي ويقيني بحسن نوايا من خاض تلك الانتخابات أو شارك بها أو دعا لها، إلا ان الواقع يقول إن مثل هذه الانتخابات الطلابية الفرعية هي ردة على الديموقراطية واجتراء على الوحدة الوطنية التي ندعو لها.
****
وهذه الانتخابات القبلية المصغرة التي أصبحت ظاهرة تتنامى منذ عشر سنين، بل وأصبحت وسيلة للبعض للوجاهة أو طريقا أسهل للوصول، والمصيبة ان تيارات سياسية لها ثقلها أصبحت تنتظر هذه الانتخابات لتعرف من الفائز منها لتقرر ضمه لاحقا ليكون جزءا من قائمتها التي تخوض الانتخابات الطلابية للاتحاد أو الجمعيات الطلابية، كارثة.
****
الكارثة ان أحدا لا يتكلم بصراحة عن خطورة هذه الانتخابات الطلابية الفرعية، لأن البعض يعتقد ان في حديثه عنها سيدخل في باب انتقاد القبائل، لا يا سادة القبائل كانت وستظل مكونا رئيسيا من النسيج المجتمعي، ولكن هذه الانتخابات الفرعية الطلابية لا تمزق النسيج المجتمعي فقط، بل انها تهدم بشكل غير مباشر العملية التعليمية، وسأشرحها تفصيلا من وقائع تحدث وحدثت وستحدث.
****
أولا، عندما يقرر طالب خوض الانتخابات الفرعية لقبيلته لينجح في تمثيلها في الجامعة أو المعهد فسيضطر لأن يتحول إلى نائب خدمات بين من يقوم بالترشح بينهم فهذا يفتح له شعبة وذاك يساعده في الانتقال أو تحويل أو حتى مساعدته في رفع درجاته وطبعا سيستعين بهذا كله بطلبة، من قبيلته أو من فخذه وأيضا من بعض الطواقم التدريسية، وهنا يصبح الأمر أشبه بخلق كنتون خاص في الحرم الجامعي أو التعليمي لهذه الفئة، وهذا أمر خطير جدا اذ انه ينتقل بشكل آلي وفكري بين الطلبة ممن خاضوا أو ساهموا في مثل هذه الانتخابات سواء نجحوا في الوصول أم لم ينجحوا، ما يخلق لديهم لاحقا حالة من عدم الإيمان بفكرة الدولة ككل أو عدم الإيمان بفكرة دولة المؤسسات، فتسقط تباعا، وسينتقل هذا التفكير مع أولئك الطلبة بعد تخرجهم وتعيينهم وتوليهم المناصب لاحقا، هذا التفكير الذي يراه البعض بسيطا وأنهم شوية طلبة يمارسون الديموقراطية على طريقتهم الخاصة، إنما هو تفكير خطير جدا، ويجب وقف هذه الممارسة وبشكل فوري وحازم.
****
الانتخابات الفرعية التي تجرى كل عام ويعلن خلالها صراحة تزكية الطالب فلان ممثلا عن الفخذ الفلاني أو فلان ممثلا عن القبيلة هي انتخابات يجب تجريمها، طبعا كما قلت هي تأخذ شكل الانتخابات الفرعية المجرمة ولكن أي من مواد قانونها لا ينطبق على الانتخابات الطلابية الفرعية، ولكن هذا لا يمنع الجامعة أو المعاهد من حظر نشر الإعلانات الفرعية الطلابية في كلياتها لمثل هذه الانتخابات ورفض قبول ترشيح أي طالب يخرج علانية بأنه أتت تزكيته من قبيلته أو فئتها وطائفته، وان كان الأمر مستعصيا أو فيه بعض الحرج على إدارات الجامعات والكليات، فيمكن ببساطة لأعضاء مجلس الأمة الكرام «اللي ما عندهم شغل هاليومين» ان يتبنى احدهم مشروع قانون يحظر مثل هذه الممارسات.
****
المشكلة ان الحكومة عاجبها هذا النهج التفكيكي بدليل انها تشاهده منذ سنوات ولا تلتفت إليه، بل وربما شارك بعض من أعضائها في فترة من الفترات السابقة بدعم مثل هذه الانتخابات.
****
نحن نعول على الطلبة بأنهم عقل الأمة القادم، فإذا كان بعض عقل الأمة يعمل بطريقة الانتخابات الطلابية الفرعية القبلية فهنا يجب أن تدق نواقيس الخطر لدينا، فهؤلاء هم قادة الغد ومفاصل المؤسسات في دولة المؤسسات.
[email protected]