حقيقة يجب أن نعترف بها أن أغلب الحوادث الأخيرة سببها استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، وهذا فعلا يتطلب تدخلا فوريا وحازما حاسما ومن هذا المنطلق فإن تطبيق قانون المرور بهذا الحزم فيما يتعلق بربط الحزام واستخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، أمر مستحق فالأول يحمي أرواح الناس بإلزامهم بربط حزام الأمان والثاني يوقف مهزلة ترنح السائقين بسياراتهم وهم يتابعون رسالة قصيرة وصلتهم وكأن الواحد منهم زومبي يقود بسرعة 100 كيلومتر معرضين حياتهم وحياة الآخرين للخطر.
***
هذا هو الرأي «التبريري» والمنطقي الذي استندت عليه الإدارة العامة للمرور في تطبيق «قانونها» المغلظ لسحب السيارة شهرين لكل من يضبط مستخدما الهاتف النقال أو لا يرتدي حزام الأمان أثناء القيادة، والحقيقة أن العقوبة لا تتناسب مع حجم المخالفة، بل إن العقوبة مبالغ فيها، والأهم إن الإدارة العامة للمرور لجأت للحل الأسهل لمعالجة مشكلة استخدام الهاتف أو عدم ارتداء الحزام، كونها كان يفترض بها أولا وقبل أن «تستصدر» مثل هذا القرار في رفع العقوبة أن تقوم بحملة توعوية شاملة، وهو ما لم تفعله «المرور»، فهي في الأصل إدارة تنظيمية وليست جهة عقابية، وقد تجاوز المسؤولون بها هذا الأمر وقفزوا قفزا نحو الحل الاسهل لفرض القانون، فهل قاموا بدورهم التوعوي أو العمل على نشر الثقافة المرورية التي تكاد تكون معدومة أصلا؟! لا أبدا، فكل ما حصل انهم فاجأوا الجميع وبشكل متسرع في رفع مستوى العقوبة من الغرامة المالية قفزا إلى حجز مركبة المخالف لمدة تصل إلى شهرين، وكان يوم الأربعاء الماضي أشبه باستعراض قوة وليس تنظيميا أو توعويا أو تثقيفيا كما هو المفترض ان يكون الدور الرئيسي والأساسي للمرور، أما أن تتحول الإدارة بأكملها من التنظيم إلى فرض القوة تحول معها رجل المرور إلى رجل أمن وقاض وجلاد، فهو يرصد المخالفة ويصدر العقوبة بالحجز ومن ثم يقوم بتطبيقها في ذات الوقت.
***
ثقافة الالتزام بقانون المرور شبه معدومة، كما ذكرت، وكان الأجدر بوزارة الداخلية القيام بدورها التوعوي بشكل واضح ونشر هذه الثقافة الناقصة، وفي حال رفع عقوبة ما لمخالفة مرورية يجب أن تسبقها حملة إعلامية تعريفية بالعقوبات، لا ان يتم فرضها فجأة كما مع الحملة التي أطلقتها «المرور» الأربعاء الماضي.
***
أما تطبيق القرار من ناحية إنسانية اجتماعية فهل يعلم المسؤولون في المرور كم شخصاً يمتلك سيارة «كاش» في الكويت؟!، إذ إن اغلب السيارات اما بالأقساط أو تأجير، فتخيل ان تحجز سيارة شخص قسطها أو إيجارها لا يقل عن 150 دينارا، وتحجزها شهرين، هنا انت تلزمه بدفع 300 دينار لخدمة لم يستخدمها، ومن ثم يدفع ثمن الونش الـ ٤٠ دينارا والمخالفة ٣٠ دينارا والأرضية لمدة شهرين 120 دينارا (بمعدل دينارين لليوم)، اي انه دفع وخسر ما قيمته 500 دينار لمخالفة لا تصنف أصلا جسيمة.
***
ومن ناحية قانونية أيضا ان الغريب في الأمر انني رجعت لموقع وزارة الداخلية وتحديدا صفحة الإدارة العامة للمرور «قسم حجز المركبات» ووجدت انه ووفق قانون المرور فحجز المركبات المنشور في موقع الداخلية حتى أمس الاثنين ينتج بسبب ارتكاب 26 مخالفة ليس من بينها عدم ارتداء حزام الأمان أو استخدام الهاتف اثناء القيادة، وهنا اما ان موقع وزارة الداخلية لم يقم بتحديث بيانات تغيير مواد القانون التي اعلن عنها في الإعلان، أو ان رفع العقوبة لم يكن مبررا على الإطلاق.
***
توضيح الواضح: أعتقد أن أي شخص حجزت مركبته يوم الأربعاء يمكن ان يستند على صفحة وزارة الداخلية التي لم تذكر صراحة وجود عقوبة حجز المركبة بسبب حزام الأمان أو استعمال الهاتف أثناء القيادة، وأعتقد أن هذا كاف جدا لإلغاء حجز مركبته، كون وزارة الداخلية أعلنت عن تغليظ العقوبات في وسائل الاعلام وعبر تصريحات مسؤوليها ولم تنشره في موقعها الذي لا يزال يعتمد مواد قانون المرور غير المحدث حتى تاريخ 20 نوفمبر 2017.
توضيح الأوضح: هل نشرت تعديلات قانون المرور المشتمل للعقوبات الجديدة في الجريدة الرسمية أم لا؟! سؤال مستحق.
[email protected]