التفكير «النظرياتي المؤامراتي» هو نمط تفكير موجود لدى عامة الشعب، عندما يفسرون ان أي أزمة كأزمة البصل او قرارات المرور الأخيرة المفاجئة انها جزء من نظرية مؤامرة حاكتها الحكومة لإلهاء الشعب وإبعاد أنظارهم عن قضايا اهم منها اقتصادية ومنها سياسية كتعطل جلسات مجلس الأمة بسبب طول مخاض الحكومة المرتقبة.
***
فهل هناك حقيقة نظرية مؤامرة تحيكها الحكومة لإلهاء الشعب بالبصل وحزام الأمان وغيرها؟! للأمانة وبقراءة سريعة لترابط الأحداث ان الحكومة لا يمكن ان تكون قد تعمدت اثارة اي قضية منها لا البصل ولا مخالفات سحب السيارات فكلها تصادف ان حدثت في وقت متزامن، والأهم انه أصلا لا يوجد فريق حكومي - بحسب علمي - يمكن ان يختلق أزمات كهذه من اجل إلهاء الشعب، ولو كان هناك فريق حكومي لخلق أزمات إلهاء فكان الأجدر ان يخلقها إبان حراك 2011 او حتى يخلق أزمة إلهاء في الاستجواب الأخير الذي أدى الى استقالة الحكومة.
***
وشخصيا لا يمكن ان نلوم اي شخص يقوم بتفسير الأحداث الأخيرة بأنها جزء من نظرية مؤامرة لإلهاء وإشغال الشعب عن أمور أهم، وذلك لسبب بسيط جدا، هو ان نظريات المؤامرة تشيع بين الناس في ظل غياب المعلومة الصحيحة، ففي أزمة البصل مثلا لم تخرج الحكومة بتصريح شاف واف واحد يشرح الأزمة ويحللها ويوضحها للناس، بل تضاربت التصريحات وغابت المعلومة ما خلق فراغا كبيرا بين الناس وسط تضارب المعلومات وتبادل الاتهامات بين الجهات الحكومية ما خلق مساحة واسعة لمن يريد ان يطرح معلومات زائفة وكاذبة حول الأزمة، فولدت وسط هذه الفوضى وغياب المعلومات وتضارب التصريحات فكرة ان الحكومة تتآمر على الشعب لإلهائه.
***
الحكومة لم تستطع ان تقدم تصريحا موحدا واحدا يشرح لرجل الشارع البسيط بالأدلة والوقائع والمعلومات حقيقة ما حدث، وما ساهم بهذا هو غياب ناطق رسمي حكومي يمتلك كامل المعلومات ليعلنها للشعب عبر تصريح متلفز يشرح حقيقة ما حدث بدءا من ندرة المعروض وحقيقة الإجراءات التي اتخذت ومن المتسبب بها، والتي حتى اللحظة لا احد يعرف كامل الحقيقة وراء ما حدث، ووصل الأمر الى اتهام سياسيين بأنهم يقفون وراء الأزمة التي رفعت سعر منتج غذائي أساسي.
***
لذا وبسبب غياب المعلومات عن اي حادثة يكون الناس أسرى لتفسيرات خيالية، فأنت لا تقدم لهم معلومة او لا تقدم لهم معلومة كاملة وهنا يبدأ الناس بتعبئة النقص في المعلومات لديهم بتفسيراتهم الخاصة وهو امر يسير وبسيط وغير مؤذي في أزمة البصل مثلا، ولكن لنتخيل ان أزمة اخرى اخطر من البصل طرأت وغابت الحكومة عن لعب دورها في تقديم المعلومات للناس، هنا سيكون الوضع خطير جدا.
***
من أولى بل ومن اهم واجبات الحكومة ان تقدم المعلومات للناس حول اي قضية تطرح وألا تترك الأمر رهنا للشائعات او وكالات أنباء يقولون، فمن حقنا ان نعرف ما الذي حصل ويحصل بالضبط.
***
سبب الارتباك الذي يحصل في مثل هذه الأزمات البسيطة ان الحكومة لا تقوم بدورها في ان تعلن للناس وبشفافية مطلقة حقيقة ما يحدث او ما يتم تداوله او تناوله في وسائل التواصل الاجتماعي وتوضح كامل المعلومات دون نقصان.
***
جهة حكومية واحدة اعتقد انها الأقدر حتى اليوم على سرعة كشف كامل المعلومات للجمهور حول اي قضية تحدث ضمن دائرة اختصاصاتها وهي ادارة الإعلام الأمني بوزارة الداخلية التي تسارع دائما الى كشف المعلومات الكاملة للجمهور حول اي قضية ما يغلق باب التأويل والشائعات، واعتقد ان استنساخ تجربتهم وتعميمها على بقية الوزارات ستكون خطوة موفقة.
***
توضيح الواضح: ادارة الإعلام الأمني في وزارة الداخلية رغم انها الأفضل في كشف المعلومات حول اي قضية ضمن اختصاصات الداخلية الا انها لم توفق كثيرا في إيضاح قرارات تطبيق سحب المركبات لمخالفات الحزام والهاتف وتعاملت إعلاميا مع الحدث بخلاف ما عهدناها.
***
توضيح الأوضح: غلطة الشاطر بألف.
[email protected]