مؤلما ومحزنا جدا كان وقع خبر رحيل الصديق العزيز سعد المعطش، ومفاجئا أيضا كوننا نعتقد دائما في قرارة أنفسنا أن البَاسِمِين أبعد ما يكونون عن شبح الموت.
مخيف بالنسبة لي شخصيا لأنني وعلى غير العادة سأتصل برقمه ولن يكون بوصالح على الطرف الآخر من الهاتف.
لا أعرف الكاتب المختلف حوله سعد المعطش، ولكنني أعرف جيدا الإنسان الصديق طيب القلب النقي طاهر الروح عفيف اللسان بوصالح.
حتى في أسوأ حالاته كان يضع الابتسامة على وجهه ويصنعها ويوزعها على الجميع، كان رحمه الله أكثر شخص يؤمن بأن الابتسامة صدقة يستحقها الجميع.
كان حتى أكثر الناس اختلافا معه يحبونه سرا بينهم وبين أنفسهم، لأنه وببساطة كان يعزل وبشكل احترافي بين خلافه السياسي وتعامله الإنساني مع الآخرين.
اختلفت معه أم اتفقت، وافقته أم رفضت ما يدعو إليه على طول الخط، لا يمكن إلا أن تعترف انه شخص لا تستطيع كراهيته أو حتى رميه بنظرة كراهية واحدة، لأنك لابد ان تكون قد وقعت في فخ بياض قلبه.
ديوانه يشبه قلبه، يتسع للجميع على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم وآرائهم وأجناسهم، لذا ربما لم يعترض احد عندما اطلق على ديوانه «ديوان الوحدة الوطنية»، لسنوات وديوانه كان مقرا أدبيا سياسيا وعلوم رجال أيضا.
بو صالح الأخ والصديق والزميل وكاتم أسرار الكثيرين رحل عن دنيانا تاركا وراءه أثرا طيبا وذكريات جميلة تجدها في قلوب كل من عاصروه أو عملوا معه أو حتى كان حظهم سعيدا ان دخلوا في دائرة صداقته.
بوصالح كان كويتيا حقيقيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، يقف من الجميع على مسافة واحدة، قلمه يشبهه وحروفه فيها شيء من ملامحه وجمله التي يستخدمها في مقالاته هي ذاتها جمله التي يستخدمها في حياته اليومية، لا يمكنك أن تجد شخصا يكره سعد المعطش لسبب بسيط جدا انه كان لا يجيد الكراهية.
بوصالح رحمه الله كان متصالحا مع نفسه، لم يدع بشيء ليس فيه، عرفته منذ ٢٠ عاما ولم يتغير إلا إلى الأفضل.
شخصيته شخصية السهل الممتنع، قلب يسع الجميع حتى ان لم تسع قلوبهم لبعض آرائه السياسية.
ومن يعرفه جيدا يعرف ماذا أعني جيدا، فرحم الله الصديق والأخ العزيز سعد المعطش رحمة واسعة وبدل سيئاته حسنات، وأبدله دارا خيرا من داره وفتح على قبره روضة من رياض الجنة وكتبه مع الصديقين في عليين، فليس بأيدينا له سوى الدعاء وتقديم خالص العزاء لأسرته الكريمة.
توضيح الواضح:
والله لم أكن أحب أو أن أشأ أن أكتب مقالة رثاء في العزيز بوصالح، ولكن عزائي أن هذه المقالة لم أكتبها أنا بل كتبها بوصالح بطيب الذكرى التي أحفظها وأعرفها عنه لتكون آخر مقالاته بقلمي.. أو بالأصح بقلبه.
[email protected]