حتى قبل 20 عاما مضت كان اذا أردت أن تتحقق من حادثة تاريخية ما فإن امامك ثلاثة طرق: أولا أن تعود لأمهات الكتب، وثانيها أن تغوص في أرشيف الصحف وما نقلته من أخبار (تستطيع أن تحدد دقتها ومصداقيتها حسب المطبوعة وتوجهها من تلك الحادثة)، أما ثالثها فإن تعود الى أشخاص عاصروا تلك الحادثة.
> > >
اليوم في عصرنا الحالي وبعد ولادة الإنترنت وأرشيفها الافتراضي المترامي الأطراف فإن أولى الوسائل وأهمها لمراجعة أي حدث أن تعود لما تركه الناس في ذاكرة الانترنت من مقالات وكتب وتغريدات ومقاطع فيديو من اخبار ولقاءات لأشخاص عاصروا الحدث الذي تبحث عن حقيقته فشهود الوقائع التاريخية ستجدهم أحياء بداخلها بالصوت والصورة حتى وإن غيبهم الموت منذ سنوات.
> > >
«الإنترنت» بمحتواها الهائل ستكون ذاكرة العالم عن أي حدث ستبحث عنه الأجيال القادمة وسيجدونه موثقا بالصوت والصورة والأوراق يستطيع أي شخص أن يستحضرها بكبسة زر.
وما ذكرته يحدث الآن، فإذا ما أردت أن تبحث حقيقة أي حدث سياسي اليوم وأسبابه وتداعياته وحقيقته أيضا المجردة فلن يستغرق الأمر سوى ساعة من البحث في اليوتيوب وأرشيف الصحف المتوافر وما نشره أشخاص عاديون وستتضح لك الصورة كاملة، ما يسهل عليك ربط الامور ببعضها البعض لتصل الى كامل الصورة.
> > >
في هذا العصر انت لست بحاجة ـ كمتخصص على الاقل ـ الى من يخبرك عن الحقيقة، فكل الطرق التي توصلك الى الحقيقة بين يديك ويمكنك مراجعتها دون ان تستعين بصديق، بكبسة زر في الهاتف الذكي الذي تضعه دائما في جيبك ويمكنك ان تبحث عما تريد، سواء كانت قضية سياسية محلية او حدثا عالميا، فقط عليك ان تكلف نفسك عناء البحث عنها، فالحقيقة لا تأتيك عن طريق وسطاء، ابحث وستجدها، مثلا هل تريد ان تعرف حقيقة ما حدث في الكويت منذ ما بعد العام 2011؟ الامر سهل للغاية، راجع بشيء من التمعن والتأني كل ما ورد في مقاطع الفيديو عبر اليوتيوب على ألسنة الساسة مع وضع الاعتبار كل مقطع في اي قناة ورد ومن القائل، كما قلت سيستغرق الامر بعضا من الوقت ولكن بشيء من التتبع المنطقي ستعرف الحقيقة، او على الاقل جزء كبير منها، فكل مقطع سيخبرك صاحبه بشيء من الحقيقة، كل ما عليك هو ان تجمع اجزاء الاحجية، لتكتمل لديك الصورة، ليس كلهم صادقون، ولكن حتما ليس جميعهم كاذبون، وبين تقاطع المعلومات بين الصادق والكاذب ستجد جزءا من الأحجية.
> > >
طبعا قبل أن تشرع في البحث، عليك أن تتخلى عن كل فكرة مسبقة عن اي توجه سياسي لك سواء كنت معارضا او حكوميا.
> > >
الحقيقة يا سادة في جيوبكم، لستم بحاجة لسؤال احد عنها او استشارة رأيه، بالعربي «شغل مخك وشغل موبايلك» وستجد الحقيقة، بل وستجد من تناقض اقواله افعاله، بل أيضا ستجد من تتناقض اقواله الحالية واقواله السابقة، وكأنه يرد على نفسه بنفسه، قلة قليلة لا تعد على أصابع اليد الواحدة ستجد انهم ثابتون لم يتغيروا، هؤلاء هم الاصدق وهم الأقرب الى الحقيقة.
> > >
توضيح الواضح: شغل عقلك ولا تجعل غيرك يديره لك.
[email protected]