لدي في رصيدي أكثر من 50 قصيدة منشورة، ولم يسبق لي ان فكرت أبدا ان اقدم أغنية لأي مطرب رغم قربي من عدد كبير من الفنانين والملحنين في الفترة التي كنت أمارس فيها دور الشاعر قبل ان أتوقف تماما في العام 2000 بعد ان نشرت لي مجلة المختلف قصيدة على صفحتين وهو من النوادر ان تقدر المجلة شاعرا بمنحه صفحتين لقصيدة واحدة، وكانت تلك بالنسبة لي بمنزلة أوسكار قدمه لي ناصر السبيعي وعلي المسعودي ونايف الرشيدي «مثلث مجلة المختلف المبدع» عندما نشروا لي قصيدة على صفحتين متقابلتين.
****
بعد 12عاما مع الشعر والشعراء لا اعلم على وجه الدقة لم تخليت عن فكرة ممارسة دور الشاعر، ربما لأنني لم انجح، وربما لأنني وكما أحب ان اخادع «نفسي احيانا» لم اجد الجمهور المناسب لي «كما يدعي بعض الشعراء الافلاطونيين، ولكن ما اعرفه ان مهنة الصحافة والكتابة أغوتني واغرتني أكثر من شيطان الشعر بجنه وأوديته وقوافيه وبحوره ومتنبيه وابي تمامه.
لأكثر من 12 عاما عايشت عالم الشعر والشعراء، علمت حقيقة واحدة ان الشعراء ليسوا كما يظهرون لنا في أشعارهم، وأنهم غالبا ابعد ما يكونون عما يدعون عن الشخصية التي يرسمونها لأنفسهم في قصائدهم من انهم اشجع الشجان واوفى الأوفياء وأبر الأصدقاء، رغم ان اغلب الشعراء النجوم ما وصلوا الى ما وصلوا اليه من نجومية ورقي إلا بـ«طعن» أقرب صديق شاعر لهم في بلاط احدهم.
كما اكتشفت من خلال عملي في الصحافة ان السياسيين أيضا غالبا ابعد ما يكونون عما يدعونه من مثاليات في تصريحاتهم ولقاءاتهم وجملهم الرنانة عن المحافظة على المال العام ووجوب وقف هدره، بل وجدت ان الساسة خاصة وفي هذا الجانب المتناقض اخطر وبكثير من تناقض الشعراء، فالشاعر حتى وان كان ابعد ما يكون عن الصفات التي يطرحها في قصيدته نفسه من الكرم والشجاعة والمروءة، فآخرته قصيدة و«صح لسانك» و«صح بدنك» و«سلامتك وتعيش»، لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم.
اما الساسة ففي تناقضهم خراب البلد، وهو ما لا ننتبه له غالبا، تصريحات الساسة وتحديدا أعضاء المجلس غالبا ما تكون متوافقة مع ما يريد هو وهو فقط لا انت كناخب ولا كمواطن ولا حتى كشخص يفهم، انت في النهاية في حسابات اغلبهم مجرد رقم في معادلة صندوق انتخابي لا اكثر ولا اقل، و«ابو 10 آلاف صوت» يفكر بك كناخب كما يفكر «ابو 30 صوتا» انت مجرد رقم، الا من رحم الله، بل حتى أكثرهم تطرفا في المثالية السياسية المفرطة لا يراك سوى صوت انتخابي يرتدي دشداشة وغترة وعقال، وما حديثه الغارق في المثالية سوى وسيلة لاستمالته يا «حجي صوت»..
[email protected]