أن تدفع مبلغا من حر مالك في مكان ما أو شيئا ما فهذا يعني أنك شريك ولو مؤقتا في هذا المكان، او على الاقل ان كان ما تدفع ريعا ماليا لأي جهة حكومية او خاصة فيعني ان من حقك الحصول على الخدمة التي دفعت مقابلها بأفضل شكل وأسرع وقت، وفي كل الحالات يمكنك انتقاد الجهة التي دفعت لها او فيها مالا، هذا هو المنطق وهذا هو القانون التجاري أيضا.
ولكن ان تخرج الحكومة بقانون يجرم انتقاد الجمعيات الخيرية، فهي اولا كأنها تقول لك تبرع وانت ساكت، وهذا أصلا ما لا ترضى به الجمعيات الخيرية نفسها ناهيك عن ان تقبله على متبرعيها، فالجمعيات الخيرية اكبر من مثل هذا القانون ولا تحتاجه.
****
الجمعيات الخيرية ككيانات قائمة منذ عقود من غير اللائق اخلاقيا انتقادها بهذه العلنية الفجة وهذه الحدة، خصوصا ان جميعها تخضع لرقابة جهات حكومية وبشكل صارم وتحديدا منذ ما بعد العام 2001، ولا يجوز أيضا التعريض بها بطريقة التشكيك كالموجة التي انتشرت مؤخرا، فالجمعيات الخيرية هي الوجه الحضاري الحقيقي للكويت، وهي باب صدقات أهل الكويت وزكواتهم للعالم اجمع، الجمعيات الخيرية بفضل رجال اخيار من أبناء الكويت تمكنوا من زراعة شيئين مهمين أولهما قرنت اسم الكويت بعمل الخير الخالص في العالم، ثانيهما تنمية ثقافة عمل وحب الخير لدى الكويتيين وهي الثقافة التي يعرفها الكويتيون منذ النشأة الاولى لبلدهم فجاءت هذه الجمعيات بمختلف مسارب تياراتها ونمت ثقافة عمل الخير.
****
اعلم ان هناك من يهاجم الجمعيات الخيرية من منطلق سياسي وآخر ربما عقائدي وآخر جهلا بحجم ما تؤديه هذه المؤسسات الرائدة في عمل الخير في الكويت وخارج الكويت، ولكن هذه الجمعيات لعبت وتلعب دورا مهما في الخارج يكاد يوازي في بعض البلدان بأهميته العمل الديبلوماسي الرسمي المنظم.
****
الجمعيات الخيرية قامت على أيدي رجال لهم اياديهم البيضاء التي لا يشكك في نظافتها احد وعملت وما زالت تعمل وستعمل وستكون الكويت كما نعرفها دائما عاصمة العمل الخيري في العالم، والسباقة في بناء وهيكلة وتأسيس الجمعيات الخيرية في المنطقة وربما العالم العربي حيث جاءت اغلب الجمعيات الخيرية الاسلامية بعدها نسخا منها وتقليدا حميدا لها، فالجمعيات الحيوية الكويتية الأكثر تنظيما والأكثر فاعلية والأكثر ثقة بين الناس بل وحتى الحكومات بالخارج من انها جمعيات خيرية بلا اي اجندات سياسية او حزبية او طائفية.
****
يرفع العقال لكل من أسس او ساهم او عمل في اي من الجمعيات الخيرية الكويتية منذ نشأتها حتى اليوم، فلم يسعوا الا بخير ولم يزرعوا الا بياض وجه لبلدهم الذي أصبح بفضلهم بلدا رائدا في العمل الخيري.
****
انت عندما تهاجم العمل الخيري او الجمعيات الخيرية ربما تكون هناك جزئية من انتقادك صحيحة لكنها ليست لازمة او واجبة، اما ان كنت تهاجم العمل الخيري من باب «شوفوني انا مثقف وما يضحكون علي المطاوعة» فأنت هنا تمنع المعروف بين الناس وتغلق بابا من أبواب الخير.
«المطاوعة» هؤلاء لا تعلم ربما يكونون سببا من أسباب الوقاية من مصارع السوء لأي ممن تصدق بماله عن طريقهم او بواسطتهم، وربما وقاية من بلاء، فلا تكن سببا في إغلاق باب خير يقوم عليهم ممن امتلأت قلوبهم خيرا من أحبتنا «المطاوعة» ولا نزكي على الله أحدا، ولكن مما نرى ونعرف من تلك الجمعيات والقائمين عليها من الخيرين.
****
العمل الخيري جزء أصيل من ثقافتنا الكويتية، وجمعياتها الخيرية نمت هذه الثقافة وأطرتها على شكل مؤسسات فكانت كما نراها اليوم.
[email protected]