الفارق بين مجلسنا وجامعتنا العربية أكثر من 36 عاما فقد ولدت جامعة الدول العربية عام 1945، بينما ولد مجلس التعاون الخليجي عام 1981، ورغم فارق السنين بينهما إلا أن إنجازات مجلسنا الخليجي الشاب والذي بالكاد بلغ سنته التاسعة والعشرين كانت أهم وأوقع وأشمل وأعم من تلك الإنجازات التي «تحاول» أن تحققها جامعتنا في كل قمة تعقد.
من حقي كخليجي أن أفخر بإنجازات مجلس التعاون الخليجي التي وجدت طريقها إلى أرض الواقع منذ إنشائه، بل وأفخر حتى بالأحلام التي لاتزال حبيسة قرارات تبحث عن منفذ إلى أرض الواقع، خلال 28 عاما حقق المجلس الخليجي ما عجزت عنه الجامعة بسنواتها الـ 64، ربما يعود هذا لاختلاف المعطيات والظروف وحجم عدد الأعضاء بين كل من الجامعة «الكبيرة» والمجلس «الشاب» ولكن السبب الرئيسي أن المجلس يتعامل مع واقع ما هو كائن والجامعة تحاول غالبا أن تتعامل وفق خيالات ما يجب أن يكون عليه الوضع وهناك فارق كبير بين الاثنين، فارق جعل المجلس ينجز ويقرر ويفعل والجامعة تصدر قرارات لاتزال تبحث عن أرض واقع تحط عليها منذ عقود طويلة.
الفخر بإنجازات المجلس منبعه أن هناك قرارات وإن كنا لم نلمسها في لحظة إقرارها إلا أنها فعلا غيرت كثيرا من مفاهيمنا في الخليج العربي وانعكست إيجابا علينا كخليجيين، ولو لم يفعل المجلس سوى المساواة في معاملة مواطني دول مجلس التعاون الخليجي بالمثل في كل من الدول الخليجية الست سواء من حيث التعليم أو التملك أو التجارة أو حتى التأمين الاجتماعي لكفى المجلس وقادته فخرا لمائة عام قادمة.
لاتزال طموحاتنا أكبر مما أقر من إنجازات، ولا نزال نبحث عن مزيد من التقارب السياسي بين الدول الخليجية.
وحسنا فعل قادة مجلس التعاون ومنذ قمته الأولى بأن يخطوا على أرض الواقع ويقوموا بإصدار قرارات تتواءم مع الواقع المعاش اللحظي ولم يقروا أحلاما ولا أماني كما تفعل دائما جامعة الدول العربية في أغلب قممها التي غالبا ما تخرج إلى لا شيء.
حتى وإن رأى البعض أن القرارات التي تصدرها القمم الخليجية بطيئة إلى حد ما، إلا أن أعمار الشعوب لا تقاس بالعام ولا العامين بل بالعقود، ومجلسنا لم يكمل عقده الثالث بعد ومع هذا أنجز الكثير برأيي خاصة على مفهوم المواطنة الخليجية التي نسعى إليها جميعا والتي هي أصل كل قرار يمكن أن يصدر لاحقا.
لا نزال نبحث عن المزيد كخليجيين، وأنا شخصيا أرى أننا لو لم نجد من المجلس إنجازا سوى اللوحة التي نراها على مداخل المطارات المكتوب أعلاها «مدخل مواطني دول مجلس التعاون الخليجي» لقلت «كفاني فخرا أن هذا المجلس أسس لمفهوم المواطن الخليجي حتى ولو في لافتة».
يسموننا في بعض دول الجامعة «عرب البترول» كنوع من الانتقاص لكينونتنا، ولمطلقي التسمية أقول يكفينا فخرا أننا نحن عرب البترول أسسنا لمنظمة إقليمية نجحت حيث فشلت منظمات دولية، يكفينا فخرا أننا نسير على درب الوحدة دون أن تكون هناك حاجة للتفكير حتى بإطلاق رصاصة، يكفينا فخرا أننا نقول ونفعل ما نقول، ونعد وننفذ وعودنا، ونحلم ونسعى لتحقيق أحلامنا، نخطئ نعم ولكننا نتجاوز أخطاءنا ولا نجترها ولا نقف عندها، بل نختلف ونتصالح ونعترف، قيمنا الاجتماعية لاتزال في أعلى مستوياتها وجملة «مصيرنا واحد» لم تكن جزءا من أغنية «أنا الخليجي» التي انطلقت مع أول قمة عقدت في الكويت بل كانت حقيقة ها نحن نشاهدها اليوم تتمثل أمامنا في القمة الثلاثين شاهدة على كل ما سبق.
[email protected]