باب مراسيل واحد من اقدم الأبواب المتخصصة في تاريخ الصحافة الكويتية ويشرف عليه منذ اكثر من 20 عاما الزميل المخضرم جدا جابر سرور البغيلي، خلال اكثر من عقدين نشر هذا الباب الاقدم من بين الصفحات المتخصصة عشرات الالاف من الرسائل لقراء من مختلف أنحاء الوطن العربي بل وبعضها لرسائل من عرب يقطنون أوروبا او الأميركتين، كان هذا الباب «مراسيل» ولا يزال بابا لبوح ما في صدور كل هؤلاء كما كان بابا لصقل مواهب عشرات من الكتاب والإعلاميين والمعدين والشعراء وربما من الإرهابيين أيضا، ولكن تلك قصة أخرى نتداولها بيننا كزملاء مهنة.
***
كان باب «مراسيل» في الزميلة اليقظة من ابتكار الزميل الأديب علي المسعودي لسنتين، ولكن الزميل جابر سرور البغيلي أكمل احتضان هذا الابتكار وأشرف عليه لأكثر من عقدين وظل هذا الباب الأقدم من نوعه مقاوما لكل التغييرات التكنولوجية ولايزال صامدا ينشر خواطر وبوح وافكار وكلمات قراء سيكون بعضهم أدباء وكتابا وإعلاميين كما كان من قبلهم.
***
وللعلم فقط، جابر سرور البغيلي كان سببا مباشرا وغير مباشر في تشجيع عدد من الصحافيين الكويتيين لخوض غمار بلاط صاحبة الجلالة وكان يعتبر لبعضنا وأنا احدهم عرابنا وموجهنا دون ان يظهر في الواجهة، فكان البغيلي جابر من أوائل من اقتحم التحرير الصحافي وفن اللقاءات والتحقيقات او بالأصح من قلة الاوائل الذين اقتحموا مفهوم الصحافي الشامل، وكان وجوده فقط واسمه سببا في تشجيع عدد كبير منا لخوض غمار تجربة الكتابة الصحافية، شخصيا أتذكر أنه كان سببا رئيسيا ووحيدا لانتشاله قبل ٢٥ عاما من الصحافة الاعتيادية والتغطيات الى الصحافة الاستقصائية، وأتذكر ايضا انه لم يكن عرابا لي فقط بل عرابا لأكثر من ٥ صحافيين آخرين زملاء لي، وفتح لنا في أواسط التسعينيات من القرن الماضي الباب لأن تكون اليقظة الأعرق والأقدم بين المجلات مسرحا لنرتكب فيها تجاربنا الصحافية الأولى، ومنها وبسببها انتقلنا من صحافة التغطيات التحريرية الرتيبة المملة المكررة الى صحافة التحقيقات الاستقصائية الممتعة والممتدة الفضاءات.
***
كان الصحافي المخضرم جدا جدا جابر سرور البغيلي معلما غير مباشر للصحافيين الكويتيين الشباب وموجها لهم وناقدا، واعتقد بحسب علمي انه كان على الأقل سببا في ولادة اكثر من ٨ صحافيين كويتيين أصبحوا مفاصل مهمة في الصحف التي عملوا بها، بالأصح كان أشبه بدورة صحافية مكثفة مصغرة تخرج فيها عدد من الصحافيين الكويتيين، او بالأصح كلية صحافية مختصرة احتضنت عددا ممن أرادوا تعلم مهنة الصحافة بنكهة كويتية.
***
الصحافي المخضرم جدا جدا جدا جابر سرور البغيلي، كان ينقل تجربته الصحافية ونصائحه الإعلامية للصحافيين الكويتيين دون هدف منه، وكأنه يقول: «لا اريد جزاء ولا شكورا»، بل كان يعمل وفق قناعته بأن نقل تجربته للآخرين هو جزء من عمله كإعلامي تجاه وطنه وتجاه أبناء وطنه.
***
شخصيا أفخر بأن جابر البغيلي كان عرابا صحافيا لي في بداياتي الأولى وموجها وناقدا لأعماله اللاحقة كصحافي، واعلم انني تأخرت جدا في التصريح بهذا الأمر، ولكنني كنت استكثر الكتابة عن صديق وزميل وابن عم في المقام الأول، ولكن حفظا لحقه علي كانت هذه المقالة.
***
توضيح الواضح: دعوة لجامعة الكويت ولكل اساتذة ودكاترة الاعلام فيها ان يستعينوا بخبرات صحافي مخضرم كالأستاذ جابر البغيلي فما يملكه وما سيقوله عن الصحافة في الكويت وتاريخها خلال الثلاثين عاما الماضية لا يمكن الا لقلة مثله قولها والحديث عنها، فأمثال وقلة من الصحافيين الكويتيين يمتلكون التاريخ غير المكتوب عن صحافتنا.
[email protected]