كما بدأت سلسلة من مقالاتي منذ فبراير الماضي بأن الهدوء السياسي بين المجلس والحكومة ليس سوى الهدوء الذي يسبق العاصفة وكما كررت وتنبأت في اغلب تلك المقالات بأن الأمر سينتهي بصدام سياسي يؤدي لحل المجلس أو تشكيل حكومي مبكر، وأتذكر أن أكثر من زميل اعترضوا منطقيا على مقالاتي بانه لا مبرر لأي من الإجراءين، الحل أو تشكيل حكومي، وان لا شيء يلوح في الأفق يستدعي هذا الأمر، بل ان بعضهم كان يستغرب أن أحدد أن الصدام السياسي بين المجلس والحكومة سيحدث قبل رمضان، وهو ما اتضح خلال الأيام الماضية من ثلاثة استجوابات متلاحقة لم يكن يتوقعها احد وقبلها طبعا إثارة ثلاث قضايا خلافية تدخل تحت ظلال الصراع الدائر بين الأقطاب.
***
الاستجوابات في مجملها «أسنة رماح» سياسية، وهذا لا يعيب المستجوبين ولا يبرئ المستجوبين، فالدعوة «سياسة في سياسة»، وما نشهده جزء من صراع مستمر في الجزء الرابع منه ان لم تخني الذاكرة، ويفترض أن يكون آخر أجزاء الصراع للأقطاب المتصارعة، ونفتح صفحة جديدة خلال شهر مايو الذي اعتقد انه لن يمر دون ان نشهد معه تغييرا في جزء من قواعد اللعبة على الأقل وليس بالضرورة حل المجلس أو استقالة الحكومة، فالحكومة إن أرادت يمكنها أن تعبر الاستجوابات الثلاثة بأربع طرق على الأقل فهي تملك كامل الخيارات للخروج من كل تلك الاستجوابات دون أدنى خسارة تذكر.
***
عامة، التغيير الذي ينتظره الكثيرون ربما يتجاوز حتى أبعد أحلامهم السياسية، وربما نعود إلى ما قبل العام 2003، كما أعتقد أن أي تغيير ستشهده قواعد اللعبة السياسية سيكون تغييرا إيجابيا والناس تنتظره حتى وإن لم تصرح به أو بشكله.
***
نعم، أي تغيير سياسي أيا كان سيكون تغييرا إيجابيا، على الأقل مهما بلغ حجم التغيير فسيكون افضل من حالة الجمود السياسية التي نعيشها منذ 2013، حتى اننا معها أصبحنا نعيش في حلقة مفرغة في ذات الدائرة الضيقة من ثلاث أو اربع قضايا يمسك بأطرافها ثلاثة أو أربعة أشخاص و«اللي نقوله نعيده» كما يقول إخواننا المصريون.
***
الآن الاستجوابات الثلاثة ربما تكون بابا للتغيير الذي ينتظره الغالبية سواء كان حلا أو تغييرا حكوميا أو كليهما، أو ربما ما هو أبعد، ولكنه سيكون للأفضل، فأحيانا أن تحدث تغييرا في دائرة جامدة افضل بكثير من ان تتسنه بئر السياسة بخلافات مرتبطة بأشخاص وليست مصلحة عامة.
[email protected]