عندما كنا صغارا إذا ما أراد أهلنا إرسالنا في مهمة مستعجلة لإحضار شيء من البقالة أو المطبخ كانوا يسألوننا:«انت أسرع والا الصاروخ؟!» ثم ننطلق بسرعة البرق لإحضار ما يطلبون ونعود أدراجنا بسرعة محضرين ما يريدون أو ما طلبوه، كنا جيلا طيبا جدا إلى درجة «المقصة».
***
لا اعلم ما الذي خطر في بالي لأحاول ان أمارس ذات الخدعة بذات السؤال لابني الصغير يوسف لأقوم بإرساله لإحضار شيء لي وقلت له وكلي ثقة تملؤها السنون:«ها حبيبي انت أسرع والا الصاروخ؟!»، رفع عينيه من الآيباد وقال لي بصوت بطيء فيه نبرة تهكم لاذعة: «الصاروخ طبعا أسرع» ثم أشاح بنظره عني باتجاه شاشة الآيباد.
***
هذه إجابة ابني ذي السنوات الأربع، وأنا ظللت أنا وثلاثة أرباع جيلي حتى بلغنا الثانية عشرة ونحن نحاول أن تثبت لأهلينا أننا أسرع من الصاروخ في مشاوير بعضها كنا نقطع فيها الشارع دون ان نلتفت يمينا او يسارا.
***
هذا الجيل اعني الآن ممن هم من مواليد الـ 2000 وما بعدها، ممن سيدخلون الجامعات والمعاهد صيف هذا العام من خريجي الثانوية العامة جيل فتح عينيه على فضاء متسع وتكنولوجيا جعلت من كل شيء اقرب من رمش عينيك، هذا الجيل المتفتح جدا والمطلع جدا والمختلف جدا عن أجيال سبقته من جيل ما قبل النفط حتى جيل «انت أسرع والا الصاروخ»، جيل ولد منطلقا حرا مختلفا لا يمكنك ان تشكل شخصيته بمجموعة نصائح او مواعظ او شوية اشاعات بيضاء لتحذره من تجربة ما لا تريده ان يجربه..
***
هذا الجيل سيد تفكير نفسه، وسترون ان مقدمات التغيير الحقيقية ستأتي على ايدي أبناء هذا الجيل، نعم سيحمل شيئا من قبليتنا وعنصريتنا وطائفيتنا ولكن بقدر اقل وبكثير مما هو فينا، سيكون اقل ارتباطا بالقيود المجتمعية، وحتما سيكون اقل ارتباطا بالفكر السياسي المنغلق الذي نمارسه منذ ديموقراطيتنا الاولى.
***
أبناء هذا الجيل سيحق التصويت لأول موجة منهم في العام 2021 واعتقد ان أي انتخابات ستجرى بعد هذا العام ستكون مختلفة جدا في مخرجاتها بل حتى الساسة سيختلفون لأنهم سيجدون انهم يتحدثون مع جيل لا يحترم سوى الصدق المطلق ولا يهمه ان أنت ابن عمه أو ولد جيرانهم في تصويته لك، هذا الجيل لن تنطلي عليه حيلة «انت أسرع والا الصاروخ؟!» ولن تنطلي عليه حيل «القبيضة» أو عذر «عدم جدية البلاغ» أو سالفة «خطأ إجرائي» او حكاية «الأوامر التغيرية»، هذا الجيل سيكون باني الكويت السياسية الجديدة، وسيكون جيلا يجيد المحاسبة جيدا جدا، نحن حاولنا بقدر ما استطعنا خلال السنوات الماضية ولكن أغلبنا ولأنه من جيل الطيبين كنا نسكت عن الخطأ «احتراما» و«توجيبا» أكثر مما نتحدث عنه او نكشفه.
***
توضيح الأوضح: رحيل هذا المجلس مستحق فحتى القانون الذي كان ينتظره جميع موظفي الدولة تمت «كروتته» ولأننا طيبون جدا جدا اقتنعنا بطريقة «المكاسر» التي حصلت واعتبرتها تسوية مرضية، في حين ان ما حصل مع تعديل قانون التقاعد انهم انقصوا سنة واحدة فقط من الثلاثين عاما وزادوا علينا 1% من الاستقطاعات ستدفعها لمدة 29 عاما، ما سيدر على التأمينات 500 مليون دينار سنويا.
***
توضيح الأوضح: والآن...«انت أسرع والا الصاروخ»؟!
[email protected]