في منتصف الثمانينات كان المئات من الشباب والمراهقين يشدون رحالهم فرادا ومجاميع إلى قرطبة ليستمعوا إلى خطبة الجمعة من الشيخ احمد القطان، لم يكن أغلبنا ممن يحضر خطبته إسلاميا أو متأسلما حزبيا، بل الأغلب كانوا شبابا محافظين يتقدون حماسا، كنا نذهب لنستمع لخطبة مختلفة أو بالأصح خطابا مختلفا وليس لخطبة روتينية تقليدية تراثية الطابع مكررة المواضيع، كنا نذهب لنستمع لصوت منبري من خطيب مفوه، لم نكن نعرف توجهه السياسي أو انتماءه الديني أو ميوله ولم نكترث أصلا.
> > >
والشيخ احمد القطان مواطن كويتي قبل كل شيء، وقبل فترة نالته موجة انتقاد لمشاركته في مهرجان خطابي أقامه أهالي المعتقلين بقضية اقتحام المجلس في ساحة الإرادة، وبالنسبة لي اختلفت أو اتفقت مع ما قاله، أرى أن من حقه ان يبدي رأيه في القضية كمواطن بالدرجة الأولى يكفل له الدستور حرية التعبير عن رأيه بشكل صريح وواضح، كما قلت ان تتفق أو تختلف مع ما قاله ذلك أمر آخر مختلف عليه، ولكننا نتفق بأنه من حقه بل ومن كامل حقه ان يبدي رأيه. الانتقاد للأسف ضد الشيخ الجليل انصب على انه ليس من عمل الشيخ القطان التدخل في تناول أمر سياسي، وهم ذات أصحاب الانتقاد أنفسهم يعيبون على رجال دين آخرين عدم تدخلهم في القضايا السياسية، ففهمت ان الأمر ليس بأكثر من انتقاد ما قاله الشيخ وليس انتقاد الشيخ نفسه، فنحن وكما يبدو ننتقد رجال الدين لبعدهم عن السياسة، واذا ما خاضوا بالسياسة قمنا بالهجوم عليهم وقلنا لهم «جابلوا صلاتكم».
> > >
تاريخ الشيخ احمد القطان السياسي غير معروف لدى كثيرين، ولكن عامة في مجال السياسة وخوضه بها فهو يطرح رأياً ولا يطرح فتوى، ويمكن الرد على ما قاله دون ان نحجر عليه حريته في إبداء رأيه بقضية هي حديث الشارع السياسي اليوم.
> > >
الشيخ أحمد القطان لمن لا يعلم كان أحد منابر الكويت الخطابية المدافعة عن الحق الكويتي والمبررة لكثير من تحركات الكويت السياسية، ففي ١٩٩٠ وما بعدها مرورا بمنتصف التسعينيات وانتهاء بحرب العراق ٢٠٠٣ كان القطان سدا منيعا مدافعا عن الحق الكويتي، وناله من التجريح الشيء الكثير بسبب دفاعه عن بلدنا، بل في سبيل هذا طعن البعض في صلاح عقيدته، كان الشيخ القطان وبلا تكليف رسمي من أي نوع منارة إعلامية الدفاع عن الحق الكويتي، وهو أمر لا ينكره إلا جاحد أو جاهل، فقد هوجم الرجل بعشرات المقالات من خارج الحدود ولكنه أصر على الوقوف إلى جانب بلده وحقه في اتخاذ ما يلزم للدفاع عن أمنه الإقليمي.
> > >
الشيخ الجليل القطان ظهر في مقطع قبل يومين وهو ينشد أرجوزة، وناله من الانتقاد ما ناله وأن هذا لا يليق بمقام الشيخ ولا بسنه، والحقيقة ان الشيخ لم يأت سوى بشيء من طبيعة الناس، فالشيخ رجل دين جليل في منبره ومع طلبته وأب وجد محب ومازح بين أهله وفي بيته، وأن ينتشر له مقطع كهذا فهو إثبات لآدمية الرجل ولا يعيبه شيء، ومن عاب عليه أنشودته التي ظهر فيها بالفيديو إنما هو مريض بحاجة ماسة لعلاج من «الفلسفة الزايدة».
[email protected]