وترجل احد فرسان الكرم في عصرنا الحديث الشيخ محمد بن مفرج المسيلم الذي وافته المنية مساء أول من أمس بعد صراع مع المرض، ورغم أن الكرم ليس صفته الحميدة الوحيدة التي عرف بها الراحل الغالي «بوجاسم» إلا أن الناس أحبته وعرفته وذاع صيته به لأنه «شلع» باب ديوانه حتى لا يغلق مقر ديوانه أمام من جاء يطلبه أو ينتظره.
>>>
صوته هادئ حد الحكمة، يتحدث بلا كبر رغم منصبه الاجتماعي كونه احد أعيان القبائل في الخليج العربي كافة، لكنه كان يتخذ من علو منزلته الاجتماعية بابا للتواضع عرفه به الجميع ممن عاشروه او عاصروه او زاملوه.
>>>
كان، رحمه الله، احد فرسان السياسة في المشهد المحلي حتى وإن لم يكن عضوا أو ممثلا سياسيا لأي تيار أو يتولى أي منصب، فبحكم مكانته الاجتماعية كأمير قبلي كان له دور في كثير من المراحل السياسية الحرجة التي كانت تتطلب تدخلا عقلانيا، فكان الراحل المسيلم من أولئك العقلاء الذين يتدخلون فقط لتسوية أو تهدئة الأمور أو الإصلاح.
>>>
كان دوما حاضرا هناك للجميع، لا يرد أحدا ولا يترك أحدا ممن قصده بلا حل أو بلا أن ينهي ما جاء من أجله، رحمه الله كان يقضي حوائج الناس في الكتمان، بل في الكتمان الشديد فلا يتحدث بما سعى فيه ولا يعلنه ولا حتى لأقرب الناس لأصحاب الحاجة، كان دائما العضو الحادي عشر في منطقته، فكان يقصده أبناء منطقته ودائرته بل كان العضو الحادي والخمسين لأهل الكويت كلها إن جاز لنا التعبير.
>>>
الرجال لا يختارون أن يكونوا كريمين بل الكرم هو من يختار الرجال لأنه يكون جزءا منهم ومن حياتهم، وكان احد من اختارهم الكرم واختاروه وكان جزءا من شخصيتهم وحياتهم الراحل محمد المسيلم كان أحد هؤلاء الرجال الذين سيروي الناس سيرته ويتناقلون اسمه حتى بعد وفاته بسنوات طويلة جدا، هو من القلة الذين صنعوا مجدهم الشخصي في العصر الحديث بقصة من قصص الفرسان الأوائل عندما أزال باب ديوانه بالكامل بعد أن عاد إلى منزله ووجد رجلا ينام أمام باب ديوانه الذي كان مغلقا ومن يومها قرر ألا يكون لديوانه باب و«شلع» الباب ليترك بعده من روح التراث في قصة من قصص عصرنا الحديث.
>>>
... رحم الله أمير قبيلة الرشايدة محمد المسيلم وأبدله الله دارا خيرا من داره وتجاوز عنه وغفر له وبدّل سيئاته حسنات وجعل قبره روضة من رياض الجنة، وألهم ذويه الصبر والسلوان.
[email protected]