كل نائب اليوم مطالب بأن يجري مسحا شاملا لقياس الرأي العام في دائرته حول أدائه، وأن يكون مسحا حقيقيا وليس عبر شركة تسويقية إعلانية تعطيه في النهاية ما يرغب في سماعه بنظام «ريّح الزبون»، ومع النتيجة الحقيقية لمسح حقيقي سيعرف النائب حقيقة شعبيته وحقيقة رضا الناس عن أدائه، وأعتقد أن نصف الأعضاء على الأقل - وهنا أنا أجامل - ستصدمه نتيجة الاستفتاء.
***
حتى المجلس نفسه مطالب أيضا بأن ينحو المنحى ذاته، فالسلطة التشريعية يجب أن تجري بعد كل دور انعقاد قياسا للرأي العام حول أدائها، وستصدمهم النتيجة أيضا، رغم انه من دون استفتاء ولا استطلاع ولا مسح الكل يعرف النتيجة مسبقا.
***
نحن وللأمانة لا نمتلك أدوات فاعلة حقيقية لقياس الرأي العام لا حول الشخصيات ولا أداء الشركات أو الجهات الحكومية، حتى الحكومة - أثابها الله - لا تمتلك أي من وزاراتها إدارة أو قسما أو حتى فريقا متخصصا في قياس الرأي العام، وهذا خطأ يثبت ان الوزارات أو الحكومة بأكملها تسير من دون استراتيجية، فمن أبسط مفاهيم العمل أن تبني إستراتيجيتك كوزارة خدماتية على قياس مدى رضا الجمهور الذي تتعامل معه، هذا اذا كنت تريد أن تطور من أداء عملك كوزارة أو هيئة حكومية، ولكن هذا لا يحدث لذلك اغلب القرارات واغلب الشؤون التنظيمية لإمكان استقبال المراجعين لاتزال تدار بعقلية السبعينيات.
***
التطوير الحقيقي يبدأ من حيث بناء استراتيجية عملك للجمهور بأخذ رأي الجمهور واستطلاع رأيهم في أداء عملك بين فترة وأخرى بهدف التطوير، كما تفعل الشركات الكبرى التي تحرص على التطوير والمنافسة بهذا الأسلوب الأقدم في العمل التجاري، ولكن أن تكون العقلية الحكومية في الادارة هي مدير ومراقب ورئيس قسم وقرارات فردية ومزاجية تصدر عن القياديين دون النظر الى شريحة الجمهور وبمعزل عنهم، فهذا يعني ان تظل العقلية في العمل الحكومي أسيرة لمزاجية الأشخاص ولا تعتمد على منهجية عمل واضحة، فكل شخص يشكل الادارة بحسب مزاجيته لا بحسب علمه أو كفاءته التي تحتم عليه رسم استراتيجية يكون استطلاع رأي الجمهور جزءا مهما منها.
***
توضيح الواضح: اعتقد انه من الضروري الآن إدخال قسم أو إدارة لقياس الرأي العام في كل جهة حكومية، مجرد فكرة اعتقد أنها ستكون باكورة لبذرة الدخول في عالم رسم الاستراتيجيات المهنية وفق معطيات حقيقية لفتح الباب نحو التطوير الإداري لخدمة الجمهور، وليس معقولا أن بلدا عمره الإداري يتجاوز الـ ٦٠ عاما وللحين جمل «راجعنا باجر» و«السيستم عطلان» و«الموظف المسؤول ميت» هي سيدة الموقف.
[email protected]