أنا عموما ضد التشهير بأي قضية كانت، والقانون الجزائي يخلو أصلا من إرفاق منطوق حكم أي عقوبة في أي قضية بالتشهير سواء في جرائم المخدرات أو الاغتصاب أو نحوهما مع الأخذ في الاعتبار شدة ضررهما على المجتمع ككل وخطورة المدانين بمثل هذه القضايا، ولكن فيما عرف اليوم باسم الشهادات المزورة اعتقد أنه لا بد من التشهير، خاصة أن المعلومات المتوافرة الآن تتحدث عن شهادات منحت لأشخاص لممارسة الطب والمحاماة والهندسة أيضا، وهي مهن تتعلق مباشرة بالصحة العامة للأفراد أو لمصالحهم الشخصية وحتى حقوقهم القانونية، فكم من شخص لا نعلمه تضرر صحيا من تشخيص طبيب مزور أو تلقى علاجا خاطئا على يد ممرض ذي شهادة مضروبة أو ترافع عنه محام لا يحمل من المحاماة سوى شهادة مزيفة، هنا صحة مرضى وضعت على المحك وحقوق بشر ضاعت، والمسؤول عنها ليس الطبيب أو المحامي أو المهندس من أصحاب الشهادات المضروبة بل الحكومة نفسها، وأعقد أن إعلان الأسماء هنا والتشهير بأصحاب تلك الشهادات أمر لازم حتى يعرف الناس مَن عالجهم ومن خدعهم باسم القانون ومن سرق ترقيتهم بفضل شهادة مزيفة.
****
كل المتضررين يجب أن يعلموا أسماء أولئك المزورين، والواجب على كل متضرر إن كان قد ناله ضرر من أي من أصحاب الشهادات المضروبة أن يعود برفع قضية ضد الحكومة التي سمحت بفضل إجراءاتها التي تم اختراقها لأن يصبح أولئك أطباء يعالجون ويشخصون ويصفون الأدوية.
****
التشهير بأسماء هؤلاء واجب على الحكومة، وإن كان قانون الجزاء لا يحوي فقرة التشهير بأصحاب الشهادات المزورة، فأعتقد انه من الواجب على أعضاء مجلس الأمة تبني تعديل قانون العقوبات في هذا الشأن، خاصة أن الأمر يتعلق بصحة الناس ومصالحهم وحقوقهم المالية، فهل تعلمون كم من شخص ذهبت صحته أو حياته ثمنا لصاحب شهادة مزورة، وكم من صاحب حق خسر حقه لأن من ترافع عنه ليس بمحام حقيقي.
****
الأطباء والممرضون تحديدا دون غيرهم، ممن مارسوا الطب لسنوات بشهادات مزورة يجب إعلان أسمائهم، بل أعتقد أن وزارة الصحة مجبرة أخلاقيا، بل والقانون، أن تعلن الأسماء إن كان ممن بين أصحاب الشهادات المزورة من عمل لديها أو منحته ترخيص مزاولة مهنة الطب أو الصيدلة أو التمريض للعمل في القطاع الخاص.
****
نعم، وزارة الصحة على عاتقها مسؤولية أخلاقية بهذا الخصوص ويجب أن تتعامل مع القضية بكل شفافية، على الأقل أن تخرج وعبر أي من مسؤوليها وتعلن صراحة على الأقل عن أعداد المنتسبين إليها ممن مارسوا تلك المهن الإنسانية سواء أكانوا 10 أو 20 أو 30، وان تعلن وبكل شفافية مطلقة عن أماكن عملهم والتخصصات التي عملوا بها وهل من بينهم من أجرى أي نوع من أنواع العمليات.
****
لأنه من حق كل شخص تضرر أو خسر صحته وربما خسر حياته أن يقوم أو يقوم الورثة بمقاضاة الحكومة وتحديدا «التعليم العالي» الباب الذي دخلت منه تلك الشهادات.
****
أعتقد أن المنطق وإذا ما أخذت قضية الشهادات هذا المنحى الذي أتحدث عنه فسيكون بابا واسعا لعشرات وربما مئات القضايا التي سترفع من متضررين وهذا لن يحدث ما لم تتعامل الحكومة بكل شفافية مع هذه القضية البالغة الحساسية.
[email protected]