كنت أشاهد مع أحد أصدقائي وقائع بانوراما ختام مهرجان الكويت المسرحي الحادي عشر، وصديقي هذا بالمناسبة يستحق لقب جائزة «أكثر كويتي ضايق خلقه على وجه الأرض» ويستحق هذه الجائزة عن الأعوام من 1999 وحتى 2009، فلا يترك شيئا إلا ويعلق عليه ولا يمر عليه شيء إلا انتقده، ولا يشاهد فيلما إلا ووضع فيه ألف علة، ولا يذكر أمامه اسم شخص إلا وحلل شخصيته على طريقة الدكتور فيل و«متمة» التشخيص يقول لك «ما يستاهل»، يفهم في كل أنواع السيارات وسعات محركاتها وزمن تسارعها المسجل بالثواني من صفر إلى 100 كيلومتر ومع هذا لا تعجبه أي سيارة رغم أنه يمتلك سيارة أميركية قديمة قدم الديناصورات.
وبينما أنا وهو نشاهد وقائع حفل توزيع جوائز المهرجان أثناء إعلان أسماء الفائزين بالجوائز كنت أرى الفرح بعيون الفائزين والفائزات من الفنانين الذين قضوا ليالي في السهر ومواصلة الليل بالنهار ليظهر عملهم الفني على مستوى الحدث، وكان يعلق بعد إعلان اسم كل فائز «شدعوه فايزين بالأوسكار»، وكان يكرر تلك الجملة بعد إعلان اسم كل فائز أو فائزة كان إما يقفز فرحا أو تملأ ابتسامة الفوز وجهه.
لم يستغرق الأمر صديقي «ضايق الخلق» سوى هذه الجملة البائسة حتى يختصر ويمسح جهد فنانين نجوم وشباب عملوا بجهد وجد وكد ونزفوا سهرا على أرضية المسرح ليقدموا ما قدموه واستعدوا له أياما وليالي طويلة ليحصلوا على أي من جوائز المهرجان أو حتى ينالوا شرف المشاركة فيه.
أجبت صديقي «ضايق الخلق»، لا ليس أوسكارا ولكم يكن حفل أوسكار، بل كان احتفالا مسرحيا هادئا «على قدنا» شارك فيه فنانون نجوم وشباب وقدموا خلاله فنا جميلا يكاد يموت في هذا البلد الذي ابتلي بجماعات الضغط السياسي «في الطالعة والنازلة»، قدموا جهودا متواضعة في نظرنا ربما وربما في المقاييس العالمية ولكنهم على الأقل نالوا شرف محاولة تقديم شيء مضيء بدلا من لعن الظلام كما يفعل صاحبي وكثير من المتأثرين بموجات الضغط السياسي التي خنقت البلد حتى كادت مدينة الفن بداخل بلادنا تتحول إلى مدينة أشباح.
لقد حاول جميع المشاركين في مهرجان الكويت المسرحي الحادي عشر أن يشعلوا شموعا في مشاركاتهم المسرحية بينما صاحبي وغيره الكثير للأسف لا يكتفون بلعن الظلام بل يتفننون في صب جام اللعنات على كل من حاول أن يشعل شمعة بمشاركته في ذلك الاحتفال سواء كان نجما أو فنانا ناشئا أو مصمم أزياء أو مخرجا أو فنيا.
أنا شخصيا فرحت لحصول واحد من الفنانين المفضلين لدي وهو النجم المخضرم سليمان الياسين على جائزة أفضل ممثل وما أزال أتذكر أدواره الشهيرة في مسرحية «الواوي» عندما كان يردد واحدا من أشهر الأفيهات الكويتية «أبوي أبوي» و«شمحوطة». وتركت صديقي يكمل سهرته مع أفيهه السخيف «شدعوه فايزين بالأوسكار» ورحلت إلى منزلي وأنا أحاول أن أحاول حل لغز واحد فقط لماذا نصر على أن نقلل شأن ما لدينا؟ لماذا دائما نستمرئ جلد الذات ونعشقه إلى درجة أننا فقدنا إيماننا بقدرتنا على الإبداع؟ رغم أن ما رأيته في مسرح الكويت الحادي عشر يعني أننا لا نزال نمتلك الكثير والكثير لنقدمه ولدينا شباب لديهم طاقات لا يتخيلها أحد ولكننا
لا نؤمن، ونعشق لعن كل من يحاول أن يشعل شمعة!
[email protected]