في مثل هذا اليوم من عام 2003 سقطت بين يدي قطعة من الجنة اسمها «مي»، ابنتي التي انطلقت صرخة ولادتها الأولى تزامنا مع عيد استقلال قطعة الجنة التي أعيش على أرضها.. حبيبتي التي تدعى الكويت.
وطني وابنتي يحتفلان اليوم بعيدي ميلاد استقلال وحياة، وأتذكر أنه ولسنوات قبل حتى أن أتزوج وأنا اسمع إشاعة مفادها أن كل طفل يولد في يوم 25 فبراير تمنحه الحكومة مبلغا ماليا ولا أعلم من هو مطلق تلك الإشاعة ولكنني أعلم الآن يقينا أنها كانت مجرد واحدة من الإشاعات التي يلوكها كثيرون على ألسنتهم وفي أذهانهم دون أن يتحققوا منها، بل إن أحدا ممن أعرفهم لم يتوقف ليتحقق منها فقد كانت تروى وتدور وينتهي الحديث إلى لا يقين، مجرد ضباب شك يلف الجميع قبل أن نفض الحديث، وأنا شخصيا لم أعلم أنه لا وجود لمكافأة من أي نوع لمن يولد في مثل هذا اليوم المبارك إلا بعد أن رزقت بابنتي الصغيرة.
في جنتي الكويت عشرات من الإشاعات، وكثير منها يضرب العمق في ذمم خلق الله من القياديين والتجار والكتاب دون تحقق، وتدور تلك الإشاعات المؤذية وتلف الكويت طولا وعرضا، فهذا تاجر حرامي وهذا قيادي مرتش وذاك مسؤول يمرر الصفقات وهذا يبحث عن عمولة، ونجد الإشاعات تطرحهم بالأسماء علنا وبلا حياء في الدواوين، على مراكب جمل تسير في بحور الحديث العائم على شاكلة «يا أخي هالتاجر حرامي تصدق إنه سرق مناقصة كذا ومناقصة كذا وتجاوز في مناقصة كذا»، الجميع يتناول هذه الإشاعة وينقلها ويسير بها بين الدواوين سير الركبان المتعجلين، حتى أن بعضا من الزملاء الكتاب للأسف يقعون ضحايا لمثل تلك الإشاعات «السماعية»، ففي حين يفترض بالصحافيين أو الكتّاب الصحافيين أن يكونوا صماما أمام ما ينقل من معلومات نجد أن بعضهم لا يتأخر في نقل إشاعات والتعليق عليها والكتابة عنها وهو ما نشهده اليوم.
ونصيحتي ومن تجربة ألا تصدقوا كل ما تسمعونه ما لم تتحققوا منه بشكل شخصي ورأي العين، من حقنا انتقاد الوزراء والنواب والتجار والقياديين عامة في البلد ولكن لا أعتقد أن من حق أحد الطعن في ذممهم ما لم يمتلك من المعلومات ما يسد بها عين الشمس، أما ضباب الإشاعات الذي يملأ البلد فلم يصورها إلا كحارة لصوص ولا أعتقد أن جنتي الكويت كذلك ولم تكن يوما كذلك.
[email protected]