إن العبارة التي جاءت كعنوان للمقال لا شك أن الجميع سمعها وملّ سماعها من كثرة ما تم تكرارها من قبل الحكومة ومستشاريها ومؤيديها إضافة إلى من يطلب ودها والتقرب منها على حساب الناس منذ ربع قرن او ما يزيد، ومقولة الأجيال القادمة يتم تذكيرنا فيها بين الحين والآخر من قبل الفئات التي ذكرناهم في السابق عندما يحتاجون إليها خاصة عندما يقوم أعضاء مجلس الأمة بمطالبة الحكومة في بعض الأمور المادية التي تحسن من مستوى الأفراد، كثير من الناس لا يعرفون معنى هذه العبارة وآخرون يعتقدون أنها من صالحهم على الرغم من أن كثيرا من الأشخاص سمعوها وانتظروا طويلا ليشاهدوا ما الذي ستسفر عنه لان أولادهم كبروا وتزوجوا وانجبوا أولادا ومازالت هذه الكلمة تتردد ومنهم من توفى إلى رحمة الله ولم ير إيجابيات او سلبيات هذه العبارة.
في فترة الثمانينيات من القرن الماضي ظهرت او كثر ترديد هذه الكلمة أو المصطلح الغريب الذي لن تجده في أي دولة أخرى خاصة في فترة حل مجلس الأمة وتعليق الدستور إلى أن قام النظام العراقي بغزو الكويت ودمر البلاد ونهب ثرواتها مما دفع الحكومة لأول مرة إلى الاقتراض وسحب أموال صندوق الأجيال القادمة لإعمار البلد، أي أن كل شيء ذهب في مهب الريح وبعد التحرير تعدلت الأحوال ولله الحمد على مدى سنوات ورجعت مرة أخرى مقولة الأجيال القادمة، حقيقة نحن لا نعرف من هو الجيل المقصود ومن هم الأفراد الذين سيستفيدون من أموال هذا الصندوق لأنه لم يتم تحديد فترة او سنة معينة، من كان في مرحلة المراهقة في تلك الفترة اصبح اليوم أبا أو جدا ومع ذلك لم يسعد برؤية أرباح أو فوائد الأجيال القادمة أو حتى مزاياه.
أعتقد أن الأجيال القادمة ضحكة كبيرة صدقوها وحاولوا أن يوهموا الناس بأنها حقيقة أو منها فائدة اليوم أي موضوع تتم مناقشته ويتطرق لمشاكل الناس وهمومهم ومحاولة مساعدتهم لابد أن تجد الكثير من الأبواق المسترزقة أو التي تحاول أن تتقرب من الحكومة يرددون عبارة الأجيال القادمة وما يشابهها لمحاولة تشتيت الناس ويتحججون بأن الأموال التي سوف يتم صرفها على مثل هذه المطالبات ستؤثر على الأجيال القادمة ولن يجدوا من يعلمهم أو يصرف لهم رواتب أو يعالجهم، سبحان الله إلى هذه الدرجة سيتضرر الناس أو الأجيال القادمة.. الأجيال الخفية التي لا نعرف ما هو شكلها أو نهجها ومتى ستبدأ او ستظهر.
ان هذا الكلام الذي تتفوه به هذه الفئات من البشر التي ذكرناها اصبح اليوم مكشوفا للجميع وليست منه فائدة وعملية تكراره على الناس في بعض المواسم أو على حسب الظروف سيضعف منه أكثر وأكثر إلى أن نكتشف انه ليست هناك أجيال قادمة أو غيره وهذا ما سيحدث ولكن بعد أن تنكشف جميع أوراق الحكومة ويكون عجزها واضحا سواء في عملها أو في اقناع الناس ما نتمناه من حكومتنا الرشيدة أو بالاحرى من حكوماتنا القادمة لأنها تتغير في السنة مرتين إذا أرادت أي حكومة منها أن تكسب مصداقية الناس وثقتهم فلا بد أن تكون هي نفسها صادقة وبرنامج عملها واضح ومعد بشكل جيد ويتم تطبيقه بالفعل وليس مجرد كلام على ورق تتسلمه حكومة وتسلمه للحكومة التي بعدها ولم يتم تطبيق شيء منه، فهل ستحقق الحكومة الحالية هذا وتلتزم ببرنامج عملها الذي أخذ وقتا لم تتخذه حكومات دول مجتمعة.
شخصيا أنا لا أرى أن هناك شيئا سيختلف والأمور لن تتغير كثيرا عن السابق مادام أن عبارة الأجيال القادمة مازالت تردد من بعض أعضاء الحكومة ومن مجموعة 26 ومنهم على شاكلتها الوضع إذا استمر على هذا الشكل لن يستفيد احد للناس ولا أي من السلطتين لان كلا منهم يعمل في وادي الحكومة منشغلة بخطة التنمية التي أعلنت عن فشلها قبل فترة بسيطة، وفي المقابل النواب الصامتون ينتظرون التكسب وجني الأرباح الطائلة من قضايا بعيدة كل البعد عن الشعب ومصالحه.