في السنوات الأخيرة ازدادت عملية التعليم تعقيدا على كل المراحل الدراسية «وزارة التربية لم تراع أو تميز بين مرحلة وأخرى من حيث المناهج وكثافتها وأسلوب التعليم وتشابك وتزاحم الاختبارات المستمر لا فرق بين طالب الابتدائي وطالب الثانوي جميعهم مضغوطون بالدروس والواجبات والطلبات والتعليمات والتنبيهات والتغيرات التي لا تنتهي».
إن معاناة الأهالي وأولياء الأمور لا تكمن فقط في فترة الاختبارات التي نعيشها حاليا ولكنها تبدأ قبل بداية العام الدراسي فمعظمهم يقوم بحجز المدرسين الخصوصيين والتنسيق معهم وهذا أكبر دليل على ان المدرسة أصبحت مجرد التزام بالدوام حتى لا يتعرضون للفصل وليس لكسب العلم والمعرفة والاجتهاد والتفوق من خلال المعلمين في المدرسة.
لم تعد توجد ثقة من الآباء والأمهات في التعليم الحكومي لدرجة ان المسؤول الأول عن التعليم وزير التربية ذكر في تصريح لوسائل الإعلام بأنه لو كان يمتلك القدرة المالية لأدخل أبناءه في المدارس الخاصة ولا شك في ان هذا التصريح كان بمنزلة الصدمة للجميع حتى لو انه ذكر ان تصريحه اقتطع إلا ان الفكرة واضحة لا تحتاج تأويلا أو تفسيرا.
الدروس الخصوصية لا يمكن منعها أو القضاء عليها لأن الطالب المتفوق والعادي والمتخلف في بعض المواد جميعهم يحتاجون إليها حتى لا يعيشون تحت رحمة قيادات متخبطة تصدر القرارات قبل دراستها ثم ترجع وتغيرها تعلن عن شيء وتطبق شيئا آخر، الوزير نفسه لا يبقى في الوزارة أكثر من عام أو عامين على أبعد تقدير ومن يأتي بعده ينسف ما قام به سلفه.
إذا استمر الوضع على هذا الحال فلن يتغير شيء بل ستزداد الأمور سوءا من خلال التجارب السابقة التي عاصرناها خصوصا ما بعد فترة الغزو العراقي الغاشم التي أثبتت ان نجاح وتطور العملية التعليمية ليست بيد وزير أو وكيل أو مدير لأن منهم من اجتهد ومنهم من خرب ومنهم من نفع ومنهم من أضر اضطرارا كبيرا من خلال سياسات تعليمة فاشلة كل وزير يأتي يحاول أن يترك له شيء يعرف به في مرحلة توزيره ومعظمها كان مصيرها الفشل وانعكس اليوم على التعلم العام والوضع السيئ الذي نعيشه.
إصلاح التعليم لن يتم إلا بعنصرين أساسيين الأول: ان يكون التعليم بأكمله تابعا للدولة ممثلا بمجلس الوزراء الذي يرسم السياسات التعليمية من خلال جهات تنفيذية واستشارية تساعده وتعاونه على وضع خطط خمسية وعشرية لا تتغير او تلغى من وزير أو وكيل أو غيره، والعنصر الثاني: هو أن تكون هناك ثقة من قبل المعلم في قرارات الوزارة وفي أدائها وفي أسلوب تعاملها وتعاطيها وتنسيقها بين كل الأطراف التربوية والمجتمعية إضافة إلى ثقة الطالب نفسه بالأداء والشرح من قبل المعلم وثقته بالمنهج المتماسك وغير المفزع وغير المربك الذي يؤدي إلى الفوضى والتشتت والضياع، إن لم يتم هذا النهج فلن يتغير شيء وسنبقى على طمام المرحوم.
[email protected]