في السابق كان السفر لا يمثل أهمية عند الكثير من الناس سواء من المقتدرين أو غير القادرين، جميعهم منسجم مع نفسه وظروفه ورغباته على عكس اليوم الذي أصبح فيه السفر ضرورة وواجبا ومقررا رئيسيا في حياة معظم العوائل والأسر كبيرة العدد أو الصغيرة.
السفر أصبح في زمننا هذا ليس له موعد أو وقت محدد مفتوح طوال العام في الصيف في الشتاء في العطل والإجازات في فترة العمل والدوامات هناك سفر قصير كنهاية الأسبوع وهناك سفر بالأسابيع والأشهر وهناك سفر اليوم الواحد يذهب في الصباح ويرجع في المساء، أمور وتصرفات لم نعرفها في السابق ولم تكن رحلات السفر بهذا الحجم الذي نراه اليوم.
مكاتب السفر في السنوات الماضية لم يكن عليها إقبال إلا في إجازة الصيف وطوال العام تبقى راكدة يشتكي موظفوها من قلة الزبائن لدرجة أن الكثير منهم أغلقوا مكاتبهم ومحلاتهم بسبب الخسائر الكبيرة التي يتعرضون لها، حاليا تغير الوضع تماما وأصبحت مكاتب السفر يفوق عددها محلات البقالة بسبب كثرة الراغبين في السفر وكثرة العروض.
نحن هنا لا نطلب من الناس ألا يسافروا ولا ندعوهم لعدم الفرح والتمتع بإجازاتهم ولا ندعي أن السفر ليس أمرا جيدا وليس له داع، بل بالعكس نتمنى السعادة والفرح والاستمتاع للجميع بل ندعوهم للتفاؤل والإقدام على الحياة برغبة جامحة وبشكل إيجابي.
الإنسان إذا كان قادرا على السفر فلا يوجد إشكال أو ضرر، ولكن الخلل والخطأ يقع على الأشخاص غير القادرين والمقلدين للآخرين الذين يضعون انفسهم في دوامة المشاكل والضغط النفسي وإيذاء أسرهم وأبنائهم من خلال التقصير عليهم بسبب تحميل أنفسهم فوق طاقتهم وركوب الموجة الجديدة وهي السفر بالأقساط عن طريق بعض مكاتب السفر التي تتعامل بهذا الأسلوب وبعد انتهاء السفر والرجوع لبلدهم تبدأ الأقساط الشهرية الضخمة التي ترهق الميزانية وبعدها يعجز رب الأسرة عن دفع الأقساط ويتحول الفرح إلى هم وألم ومعاناة لا تنتهي ويتحسر عليها طوال حياته.
نحن الآن مقبلون على إجازة الربيع، لذلك يجب على أرباب الأسر رجالا كانوا أم نساء أن يخططوا جيدا وإذا كانت ميزانيتهم لا تسمح لهم فليؤجلوا السفر إلى أن يرزقهم الله ويحاولوا أن يتمتعوا بالأجواء الجميلة في البر والأماكن الترفيهية المتعددة لكي تكون سعادتهم دائمة وليست وقتية يتبعها الحسرة والضياع والندم.
[email protected]