-
هل أصبح السلاح النووي في عصر الوفاق الدولي عبئاً اقتصادياً وعسكرياً على مالكه؟
-
المعاهدة صالحة لعشر سنوات ويجوز للطرفين الانسحاب منها أو تمديدها5 سنوات جديدة
بقلم: إلياس فرحات*
«في 8 ابريل 2010 وفي مدينة براغ ـ قلعة براغ التاريخية في تشيكيا وقّع الرئيسان الاميركي باراك اوباما والروسي ديميتري مدفيديف معاهدة تقليص الأسلحة الاستراتيجية المعروفة ستارت 2 بعد مفاوضات لأكثر من سنة».
استحوذ هذا الخبر على اهتمام وسائل الإعلام الكبرى في العالم والمعبرة عن اهتمام زعماء الدول الأوروبية والآسيوية الكبرى ودول أخرى. الا انه بعد مضي وقت قصير تحول الاهتمام الإعلامي والسياسي الى الحروب والأزمات الكبرى في العالم لاسيما حرب العراق وافغانستان وباكستان ومشكلة الشرق الأوسط وجوهرها النزاع العربي ـ الإسرائيلي، وخفت الحديث عن المعاهدة ولم نلمس لها اثرا في تبريد النزاعات او تسوية الخلافات كما كان الحال عند توقيع معاهدات «سالت 1» و«سالت 2» غيرها بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق.
وصحيح اننا واعتبارا من 1992 دخلنا في النظام العالمي الجديد أي النظام الاحادي القطبية وأصبحت الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة في العالم صاحبة السلطة والقرار، لكن السلاح النووي والاستراتيجي بقي منتشرا في روسيا وقد جرى تعطيله في بعض دول الاتحاد السوفييتي السابق مثل اوكرانيا وروسيا البيضاء.
وهذا يحمل على الاعتقاد ان خطر المواجهة النووية مازال ماثلا رغم الفارق الكبير في النفوذ بين الولايات المتحدة وروسيا مما حمل كلا الدولتين على السعي الى خلق جو من الثقة «الاستراتيجية» بينهما لاسيما الولايات المتحدة التي كان البعض يفترض ان تفوقها يغنيها عن الدخول في مثل هذه المعاهدات.
الوفاق الدولي
اما الأسباب التي فرضت على الدولتين التفاوض على المعاهدة وتوقيعها فيمكن تلخيصها فيما يلي:
1 ـ إرساء جو من الوفاق الدولي والثقة بغية تعزيز السلم الدولي وإفساح المجال لإنهاء النزاعات واشكال الحرب الباردة السابقة والتخلص من الأخطار المحتملة لنشوب حرب نووية تهدد نتيجتها بنهاية العالم والحضارة، وتتمثل هذه الاخطار في استمرار وجود السلاح النووي وانتشاره وجهوزيته كما كان الوضع عليه خلال الحرب الباردة.
وكذلك تخفيف حال التوتر العسكري والسياسي بين الدولتين والتي لا يخفى على احد كلفتها الباهظة وخصوصا لجهة الحفاظ على جهوزية دائمة على مدار الساعة في عدد كبير من المرافق العسكرية والنووية في الدولتين.
هذه الأسباب والدوافع تدخل في الجانب السياسي والعسكري والإعلامي في العلاقات بين الدولتين، لكن الجانب الاقتصادي أمر آخر.
2 ـ التخلص من الكلفة العالية لتعهد وصيانة الأسلحة النووية الاستراتيجية والحفاظ على جهوزيتها الفنية بما يسمح بنقل الانفاق الى مجالات تنموية واقتصادية أخرى خصوصا ان كلا البلدين يعانيان من مشاكل اقتصادية وتحديدا بعد وقوع الأزمة المالية العالمية التي ما تزال الولايات المتحدة تعاني من تداعياتها المستمرة.
لقد كسبت الولايات المتحدة الحرب الباردة وهزمت الاتحاد السوفييتي الذي تفكك الى مجموعة دول من دون ان تستعمل السلاح النووي ولا الصواريخ الاستراتيجية، وفي المقابل خسرت روسيا وهي وريثة الاتحاد السوفييتي الحرب نفسها من دون ان يتسنى لها استعمال هذه الأسلحة للدفاع عن نفسها.
نفقات مبالغ فيها
لنأخذ مثلا كلفة الأسلحة النووية الخيالية في الولايات المتحدة، ذكر الباحث ستيفن شوارتز من مركز جيمس مارتن لدراسات عدم انتشار الأسلحة ان ما بين عام 1945 وعام 1996 أنفقت الولايات المتحدة ما مجموعه 5.5 تريليونات دولار على الأقل على برنامجها النووي، وهذا الرقم لا يشمل مبلغ 320 مليار دولار كلفة خزن وتعطيل مواد سامة ورواسب مشعة لخمسة عقود من الزمن ولا 20 مليار دولار كلفة تفكيك انظمة أسلحة نووية والتخلص من فائض المواد النووية. وبذلك يكون المجموع نحو 5.8 تريليونات دولار، من أصل هذا المبلغ تم صرف 7% فقط (409 مليارات) من اجل صنع وتطوير واختبار قنابل ورؤوس حربية للصواريخ، وجرى صرف 56% (3.2 تريليونات) من المبلغ نفسه على نشر هذه الأسلحة في طائرات وعلى صواريخ وغواصات والعديد من أجهزة الإطلاق و14% (831 مليارا) نفقات القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات للحصول على معلومات نووية في العالم.
كما أنفقت الولايات المتحدة 16% (937 مليارا) على تأمين الدفاع ضد اي هجوم نووي لاسيما أنظمة الدفاع الجوي والدفاع الصاروخي والدفاع ضد الغواصات والدفاع على الجبهة الداخلية الذي يشمل اجراء تحصينات وبناء مخابئ وغيرها.
لقد اظهرت هذه الأرقام الكلفة العالية جدا التي تتكبدها الولايات المتحدة والتي تظهر ايضا كم تحقق من الوفر اذا ما جرى تقليص الإنفاق النووي، اما في الجانب الروسي-السوفييتي فيكفي ان نتخيل المبالغ المالية المخصصة للإنفاق على الأسلحة النووية لمواجهة الولايات المتحدة والتي مهما كانت قيمتها اقل مما تنفق الولايات المتحدة، فانها وبلا شك تعتبر كبيرة جدا لدولة مثل الاتحاد السوفييتي لا يتحمل اقتصادها هذا العبء الثقيل، ولهذا يعزو بعض المحللين سقوط الاتحاد السوفييتي الى عدم قدرته على تحمل كلفة سباق الأسلحة مع الولايات المتحدة واستمرار نشر الأسلحة الاستراتيجية والنووية مع انه انسحب من سباق استكشاف الفضاء باكرا بسبب الكلفة الباهظة.
بنود المعاهدة
نشر الموقع الرسمي للبيت الأبيض الأميركي نص المعاهدة وابرز ما جاء فيه:
تلتزم الولايات المتحدة وروسيا بتحديد سقف معين للأسلحة الاستراتيجية خلال فترة سبع سنوات اعتبارا من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
يحق لكل طرف ان يحدد لنفسه بكامل حريته بنية القوات الاستراتيجية في إطار السقوف القصوى المحددة في المعاهدة.
السقوف الاجمالية: 1550 رأسا حربيا قيد الخدمة على متن الغواصات وقواعد اطلاق الصواريخ وقاذفات القنابل الثقيلة المجهزة للتسليح النووي ويعتبر كل رأس معد للاستعمال بواسطة هذه الوسائل رأسا حربيا واحدا في اطار السقف المحدد، ويمثل هذا السقف حدا يقل بنسبة 74% عن السقوف التي وردت باتفاقية «ستارت 1» وبنسبة 30% عن الحدود القصوى لخفض الرؤوس الحربية الإستراتيجية التي وردت باتفاقية موسكو لعام 2002.
وتتضمن المعاهدة سقفا مشتركا لوسائل النقل وقدره 800 وحدة بالنسبة لوسائل النقل البرية والغواصات أو الطائرات القاذفة المجهزة للأسلحة النووية، كما تتضمن سقفا منفصلا بـ 700 وحدة من قواعد إطلاق الصواريخ المنتشرة ميدانيا في البر وعلى متن الغواصات والطائرات.
بالنسبة للتحقق والشفافية فقد تم الاتفاق على ان تعتمد الاتفاقية نظاما محددا للتحقق يجمع ما بين العناصر المناسبة التي وردت باتفاقية «ستارت 1» الموقعة عام 1991، وعناصر جديدة وضعت بشكل يتناسب مع السقوف الجديدة الواردة في هذه الاتفاقية.
وتشمل إجراءات التحقق استنادا إلى المعاهدة التفتيش الميداني المباشر والمقابل وتبادل المعلومات والتقارير ذات الصلة بالأسلحة الإستراتيجية الهجومية ومنشآتها الداخلة في بنود المعاهدة، وبنود أخرى تتعلق بضرورة تسهيل استخدام الوسائل التقنية لمراقبة تطبيق المعاهدة وحرصا من الطرفين على تعميق الثقة والشفافية، نصت المعاهدة أيضا على إمكانية استخدام أجهزة القياس عن بعد.
الفترة الزمنية
حددت الفترة الزمنية لصلاحية هذه المعاهدة 10 سنوات ما لم يتم الاتفاق على معاهدة جديدة، على انه يحق للطرفين تمديد العمل بأحكام هذه المعاهدة لمدة لا تتجاوز 5 سنوات، كما تتضمن المعاهدة فقرة خاصة بالانسحاب كإجراء معمول به في اتفاقات ضبط التسلح. وأنهت المعاهدة العمل باتفاقية موسكو لعام 2002.
لا تتضمن المعاهدة اي بند يشير الى وضع قيود على برنامج العمل الصاروخي او تخطيط الضربات العسكرية التقليدية او نشر او اختبار او تطوير برامج الدرع الصاروخية الأميركية الحالية او المخطط لبنائها ولا على باقي القدرات الأميركية التقليدية بعيدة المدى الحالية او المخطط لها.
وأوضحت المعاهدة المقصود بالأسلحة الاستراتيجية وهي الأسلحة التي تتمتع بقدرة تدميرية هائلة تتخطى الحدود الاقليمية للدولة أي الأسلحة النووية المحمولة على صواريخ ذات مدى متوسط وأكثر وصولا الى الصواريخ العابرة للقارات.
كما يقصد بوسائل النقل اي وسيلة تحمل الرأس النووي برا او بحرا او جوا من مكان اطلاقه الى المكان المحدد لوصوله.
وتصبح المعاهدة سارية المفعول بعد ان يصادق عليها مجلس الشيوخ الأميركي والمجلس التشريعي الروسي. وتكمن العقدة عادة في مجلس الشيوخ حيث يتطلب ابرام مثل هذه المعاهدات أكثرية الثلثين وهو امر صعب المنال بوجود تحفظات لبعض المتشددين الجمهوريين.
كيف نظرت الإدارة الأميركية الى هذه المعاهدة؟
قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «إن المعاهدة التاريخية التي سيتم إبرامها بين روسيا والولايات المتحدة والرامية إلى تقليص مخزوناتهما من الأسلحة النووية بنسبة 30% تمثل التزاما من قبل ادارة الرئيس أوباما بتحقيق هدفه البعيد المدى الرامي إلى التخلص من الأسلحة النووية».
واضافت في حديث أدلت به في البيت الأبيض يوم 26 مارس بحضور وزير الدفاع روبرت غيتس ورئيس هيئة الأركان المشتركة مايك مالين ومعاونة وزيرة الخارجية لشؤون ضبط التسلح ألين توشر «إن الخطوات التي تتخذها حكومة أوباما لتقليص عدد الأسلحة النووية، ووقف انتشار الأسلحة النووية وتعزيز الأمن النووي في جميع أنحاء العالم تشكل تصريحا واضحا جدا عن نيتها وعزمها على متابعة تحقيق رؤيتها لعالم خال من الأسلحة النووية».
وأكدت أن معاهدة تقليص الأسلحة الاستراتيجية الجديدة تثبت أن «الحرب الباردة قد ولت حقا وأصبحت وراء ظهورنا، وأن هذه الترسانات النووية الضخمة التي يحتفظ بها البلدان كجزء من قوة الردع لم يعد من الضروري أن تكون بهذا الحجم».
وأضافت أننا لا نحتاج لمثل هذه الترسانات الكبيرة لحماية شعبنا وحلفائنا ضد أعظم خطرين نواجههما اليوم، وهما الانتشار النووي والإرهاب. واستطردت تقول إن المعاهدة تظهر للعالم، ولاسيما دول مثل ايران وكوريا الشمالية، أن إحدى أولوياتنا القصوى هي تعزيز النظام العالمي لمنع انتشار الأسلحة النووية، وإبقاء المواد النووية بعيدة عن «الايدي الخطأ» وتوضح التزام الولايات المتحدة بالتقدم نحو نزع السلاح بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووي.
اما في مجلس الشيوخ فقد وافقت مؤخرا لجنة العلاقات الخارجية التي يرأسها السيناتور جون كيري على المعاهدة بأغلبية 14 صوتا ضد 4 ومن بين الموافقين 3 أعضاء من الحزب الجمهوري. الا ان المجلس لن يلتئم بكامل أعضائه للمصادقة على المعاهدة قبل الانتخابات النصفية التشريعية المقرر إجراؤها في 2 نوفمبر2002 .
وذكرت ايلين توشر في حديث لها نشر على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية ان الرئيس الأسبق ريغان قال عن معاهدات الأسلحة الاستراتيجية «امنح ثقتك لكن تحقق» وبما ان معاهدة «ستارت 1» انتهت في ديسمبر الماضي فانه لا قدرة للولايات المتحدة على التحقق من النشاطات الروسية، وعندما يصادق مجلس الشيوخ ستصبح لدينا القدرة على التحقق مما يقوم به الروس في ترسانتهم النووية. ووصفت المعاهدة بانها نافذة تمكن الولايات المتحدة من الدخول الى الترسانة النووية الروسية وتتبعها.
وأردفت: انها تمكننا من إحصاء عدد الرؤوس النووية في كل صاروخ وتمكننا أيضا من التعرف على رمز التعريف لكل سلاح من اجل متابعته، كما ان عمليات التفتيش تؤمن قاعدة بيانات افضل من تلك التي كانت في المعاهدة السابقة.
وتوجهت توشر الى مجلس الشيوخ قائلة: «حصلت هذه المعاهدة على دعم وتأييد من كل القادة العسكريين وخمسة وزراء دفاع سابقين وستة وزراء خارجية سابقين وسبعة قادة سابقين للقيادة النووية الأميركية» ولهذا اعتبرت توشر انه لا يجوز الإبطاء في المصادقة على المعاهدة.
على الصعيد الروسي كانت النظرة إلى المعاهدة مختلفة إلى حد ما فقد اكد وزير الخارجية الروسي لافروف موقف بلاده القائل إن المعاهدة الجديدة ـ التي ستحل محل سابقتها «ستارت 1» المنتهية صلاحيتها القانونية مطلع العام الحالي ـ تربط وبشكل صريح بين الأسلحة النووية الهجومية والدفاعات الصاروخية رغم أن الاتفاقية لم تضع أي قيود على تطوير أو نشر أي أنظمة دفاعية صاروخية. وشدد على ان روسيا لها الحق كاملا في التراجع عن تنفيذ بنود معاهدة «ستارت 2» في حال لمست أن أي «تراكم كمي أو نوعي في القدرات الأميركية الإستراتيجية المضادة للصواريخ يؤثر وبشكل كبير على القوات الإستراتيجية الروسية».
التقليد الحسن
ولفت لافروف الى أن المعاهدة السابقة ـ التي وقعت بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة عام 1991 ـ تضمنت كثيرا من البنود المنحازة لصالح الولايات المتحدة وهو الأمر الذي تتحاشاه الاتفاقية الجديدة كليا، معربا عن أمله في أن تحذو دول نووية أخرى المسلك نفسه وتعمل على خفض ترسانتها النووية.
وفي معرض تعليقه على فكرة الرئيس أوباما لتحويل العالم إلى مكان خال من الأسلحة النووية، قال لافروف «إن أي حديث جدي بخصوص هذه المسألة يتطلب الاهتمام أولا بمجموعة من العوامل التي قد تهدد الأمن العالمي» ومنها ـ على حد تعبير الوزير الروسي ـ عسكرة الفضاء التي أعلنت الإدارات الأميركية السابقة سعيها لتحقيقها.
كل فريق في هذه المعاهدة ينظر الى مصالحه وهذا طبيعي إلا ان التأخير في المصادقة على المعاهدة يراكم المسائل التي سوف تصبح موضع تحقق وتفتيش طبقا لأحكام المعاهدة، بالإضافة الى زيادة الإنفاق على انتشار الأسلحة وصيانتها وتعهدها للحفاظ على جهوزيتها.
في الولايات المتحدة مثلا، أوردت مؤسسة بروكنغز في تقرير لها ان مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة عالية جدا (أي فوق 90% وصالحة لإنتاج السلاح النووي) تبلغ 994 طنا متريا. وان اجمالي المساحة التي تتركز فيها قواعد الأسلحة النووية ومنشاتها تبلغ 15654 ميلا مربعا اي ما يعادل مساحة ولايات ماساتشوستس ونيو جرسي وناحية كولومبيا (العاصمة واشنطن). فيما تنتشر مواقع الأسلحة النووية الروسية على آلاف الأميال من خاباروفسك على المحيط الهادئ إلى اولنغورسك وجوكوفا على الحدود الغربية في 16 منشأة كبيرة تحتل مساحات واسعة، بالإضافة الى 80 موقعا آخر حسب نشرة غلوبال سكيوريتي. وتقدر كمية اليورانيوم المخصب بنسبة عالية جدا في روسيا بـ 500 طن متري.
هل أصبح السلاح النووي في عصر الوفاق الدولي او النظام العالمي الجديد عبئا اقتصاديا وعسكريا على مالكه؟
على الارجح ان وجهة النظر هذه أخذت تتسع، لكن الامساك بالسلطة في جميع أنحاء العالم مع ما يعنيه ذلك من السيطرة على الموارد الطبيعية الحيوية مثل النفط والغاز والمعادن يحتم على الدولتين الموقعتين الاحتفاظ باحتكار السلاح النووي ليس لردع بعضهما البعض كما كانت عليه الحال في النظام العالمي القديم ثنائي القطبية، وإنما لردع باقي الدول الطموح.
وتحتاج روسيا لقوة ردع عسكرية ونووية من اجل الحفاظ على مصالحها وعلى امنها في مجالها الحيوي وخصوصا في دول الاتحاد السوفييتي السابق مثل اوكرانيا وروسيا البيضاء واسيا الوسطى مثل كازاخستان وقرغيزستان.
كما تحتاج الولايات المتحدة الى هذا السلاح ايضا لضمان بقاء تفوقها النوعي على جميع دول العالم والحفاظ على مصالحها وامنها ونفوذها في مختلف أنحاء العالم.
ومن المعروف ان الصين وبريطانيا وفرنسا تمتلك السلاح النووي الا ان كمية السلاح، على خطورته، وانتشاره لا تنافس روسيا ولا الولايات المتحدة.كما ان الدول التي انضمت فيما بعد الى النادي النووي العسكري الدولي وهي: الهند وباكستان رسميا وعلنا وإسرائيل سرا لا تشكل منافسة للقوتين العظميين انما تستخدم هذا السلاح كقوة ردع في النزاعات الاقليمية لاسيما السباق المحموم بين الهند وباكستان والنزاع بينهما على مسائل كثيرة ابرزها كشمير.
اما إسرائيل فقد اخفت سلاحها النووي ورفضت التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية ومازالت تلوح به كقوة ردع في نزاعها مع العرب.كما انه لم يظهر بعد ما اذا كان المشروع النووي الإيراني ومعه المشاريع النووية في الأردن والإمارات تصلح كمحاولة لإيجاد توازن نووي في المنطقة التي تشهد أصلا انتشارا عسكريا أميركيا لا يخلو على الأرجح من أسلحة نووية، لان غايات هذه المشاريع المعلنة هي الاستخدام السلمي للطاقة النووية ما خلا المشروع الإيراني حيث ترتاب الدول الغربية في احتمال ان تتمكن إيران من بناء سلاح نووي.
ان كل الدول التي تمتلك الأسلحة النووية او تسعى الى امتلاكها لا تستطيع بأي شكل من الأشكال منافسة الولايات المتحدة وروسيا وخصوصا في امتلاك وسائل النقل للأسلحة وقواعد الإطلاق وأنظمة القيادة والسيطرة والاتصال والانتشار والجهوزية الدائمة وهذا ما يعطي للمعاهدة الجديدة أهمية بالغة على صعيد الأمن والسلام الدوليين واعتبارها خطوة مهمة في السعي الى عالم خال من السلاح النووي مع إبقاء السيطرة النووية كقوة ردع تستعملها الدولتان من اجل الحفاظ على مصالحهما في العالم.
ماذا تتضمن معاهدة «ستارت 2» بين الولايات المتحدة وروسيا؟
نشر الموقع الرسمي للبيت الأبيض الأميركي نص المعاهدة وابرز ما جاء فيه:
تلتزم الولايات المتحدة وروسيا بتحديد سقف معين للأسلحة الاستراتيجية خلال فترة سبع سنوات اعتبارا من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
يحق لكل طرف ان يحدد لنفسه بكامل حريته بنية القوات الاستراتيجية في إطار السقوف القصوى المحددة في المعاهدة.
كما حددت الفترة الزمنية لصلاحية هذه المعاهدة 10 سنوات ما لم يتم الاتفاق على معاهدة جديدة، على انه يحق للطرفين تمديد العمل بأحكام هذه المعاهدة لمدة لا تتجاوز 5 سنوات، كما تتضمن المعاهدة فقرة خاصة بالانسحاب كإجراء معمول به في اتفاقات ضبط التسلح. وأنهت المعاهدة العمل باتفاقية موسكو لعام 2002.
* عميد ركن متقاعد في الجيش اللبناني