بقلم: إلياس فرحات *
في فبراير 1979 وبعد عودة الامام الخميني من فرنسا تسلمت قوى الثورة الاسلامية زمام الامور في ايران وانهار نظام الشاه ومؤسسات الملكية الايرانية، في تلك الاثناء تحدث الرئيس الاميركي جيمي كارتر للصحافيين عن الوضع في ايران وتلقى سؤالا من احدهم يقول:هل يعني ما حصل اننا خسرنا ايران؟ اجاب كارتر: نحن لم نكن نملك ايران حتى نخسرها.
كان ذلك بمثابة اعتراف بالامر الواقع الجديد في هذا البلد المهم للولايات المتحدة.لم يقل كارتر ان الولايات المتحدة كانت تدعم النظام المستبد وانها تدخلت بمخابراتها وقواها عام 1953 من اجل اسقاط رئيس الوزراء محمد مصدق واعادة الشاه بالقوة الى السلطة ولم يحسب ان السلطة الثورية الجديدة لن تغفر لها ذلك ولن تتسامح بأي محاولة لتكرار ما حصل عام 1953 واعادة الشاه مرة ثانية.
ونشأ حذر شديد في اوساط السلطة الثورية الجديدة من تكرار ما حصل عام 1953 وبادرت الى تشكيل الحرس الثوري للدفاع عن الثورة ضد اي محاولات لضربها وشكل احتلال طلاب ثوريين مبنى السفارة الاميركية في طهران واحتجاز الديبلوماسيين رهائن داخلها تعبيرا عن الهوة العميقة التي تفصل السلطة الجديدة عن الولايات المتحدة التي لم يعد امامها الا الرهان على الخلافات بين اجنحة الثورة التي اتخذت طابعا دمويا بلغ اشده في التفجير الكبير الذي وقع في مبنى مجلس الشورى وأدى الى مقتل رئيس الجمهورية محمد علي رجائي ورئيس الوزراء حجة الاسلام باهونار وعدد كبير من اعضاء المجلس، ثم جاءت الحرب العراقية ـ الايرانية التي اعتبرها البعض مؤشرا على ان هذه الثورة لن يكتب لها النجاح وانها سوف تغرق بالمشاكل الداخلية واعباء الحرب مع العراق.
ولم تكن ايران في هذه المرحلة تشكل خطرا على مصالح الولايات المتحدة واوروبا. وفي عام 1988 اي بعد نحو ثماني سنوات من بدايتها انتهت الحرب العراقية ـ الايرانية وفي عام 1996 وعلى الجبهة الشرقية مع افغانستان سقطت العاصمة الافغانية كابول بيد حركة طالبان واكملت الحركة سيطرتها على البلاد ووجهت ضربة قوية الى الشيعة الهزارة المتحالفين مع ايران واعلنت قيام نظام ديني سلفي على تنازع عقائدي شديد مع ايران الامر الذي اثار قلق ايران من الحدود الشرقية في الوقت الذي كان العراق على الجبهة الغربية، رغم معاناته من الحصار الدولي اثر عملية تحرير الكويت، ولكنه كان لايزال يشكل حاجزا منيعا بوجه الثورة الايرانية.
وبعد احداث 11 سبتمبر هاجمت الولايات المتحدة افغانستان واسقطت نظام طالبان الامر الذي اراح ايران على جبهتها الشرقية. وفي عام 2003 هاجمت الولايات المتحدة وحلفاؤها العراق واحتلته وهذا ما انقذ ايران من خطر النظام العراقي فأفسح لها المجال للدخول الى العراق عبر حلفائها الذين كان يلوذون في ايران هربا من النظام البائد.
دور إيران يتزايد
وبذلك ارتاحت ايران من عدويها اللدودين على حدودها الشرقية والغربية وبدأت بسرعة تمارس دورا اقليميا نافذا في العراق وفي دعم حركات المقاومة ضد اسرائيل اي حماس والجهاد الاسلامي في فلسطين وحزب الله في لبنان، وسط ركود عربي وانشغال الولايات المتحدة بحربيها في العراق وافغانستان كثر الكلام عن توسع الدور الايراني في شرق افريقيا وخصوصا السودان والصومال واريتريا وفي اليمن بعد حروب الحوثيين والسلطة اليمنية وفي افغانستان اظهرت وثائق ويكيليكس ان الرئيس الافغاني كرزاي يتقاضى مخصصات مالية من ايران وهذا ما كشف حجم التدخل ومستواه.
في هذه الاثناء اسدلت قضية العالم الباكستاني عبد القدير خان الستار عن نشاطات نووية ايرانية سرعان ما تنبهت لها الدول الغربية واثارتها عبر الهيئة الدولية للطاقة النووية ومن ثم بتدخل مباشر ومفاوضات بين ايران ومجموعة 5 زائد 1 (الدول الاعضاء الدائمون الخمس والمانيا). وازداد الاهتمام بإيران في الولايات المتحدة والدول الغربية وتصاعد الحديث عن ضربة عسكرية اسرائيلية او اميركية وشيكة ضد ايران.
رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق شارون الذي مازال يقبع في غيبوبة تامة منذ اواخر عام 2005، اعلن في ذلك العام ان بلاده تستعد لتوجيه ضربة للمشروع النووي الايراني كما فعلت مع المفاعل النووي العراقي عام 1980 وكرر خلفه اولمرت ذلك في مناسبات عديدة.
كان الملف الايراني حاضرا في كل المحادثات الاميركية ـ الاسرائيلية وشكل وما يزال هاجسا وجوديا لاسرائيل. وفي الولايات المتحدة ازدحمت الولاية الثانية للرئيس بوش بتصريحات وانتقادات لايران وتهديدات بضربها وبات العالم ينتظر ان تقع الحرب بين لحظة واخرى خصوصا بعدما افادت الانباء مرارا عن توجه ثلاث حاملات طائرات وعدد من الغواصات الى الخليج ولكن من دون ان تقع هذه الحرب، غادر بوش وجاء اوباما وها هو على مشارف السنة الثالثة من ولايته ولم تنفذ اي ضربة بل نراه يشدد على المواجهة الديبلوماسية وفرض عقوبات اقتصادية وفقا لقرارات صادرة عن مجلس الامن الدولي اضرت بالاقتصاد الايراني الى حدود معينة من دون ان تؤثر على المشروع النووي.
امست ايران الشغل الشاغل للديبلوماسية الاميركية فوضعتها بندا على جدول محادثاتها مع معظم دول العالم وخصوصا بعدما توسعت الحركة السياسية لايران واقامت علاقات وثيقة مع دول اميركا اللاتينية ووقعت اتفاقات مع تركيا.
من جانبها، كشفت وثائق ويكيليكس حجم الاهتمام الاميركي بايران لدرجة ان الباحث في مؤسسة كارنيغي الاميركي الايراني كريم سادجابور اعتبر ان من يقرأ برقيات ويكيليكس يشعر بان هناك قوتين عظميين في العالم الولايات المتحدة وايران.
انعكس هذا الوضع على علاقات ايران مع دول مجلس التعاون الخليجي، اذ ان معظم هذه الدول تستضيف على اراضيها قواعد اميركية شاركت عام 2003 في الهجوم على العراق، وهي سوف تكون منطلقا للقوى التي تهاجم ايران في حال اتخذ القرار بذلك.
ادت اجواء التهديد بالحرب الاميركية على ايران خلال السنوات الخمس الماضية الى ارباكات في مواقف هذه الدول من الخلاف الايراني ـ الاميركي الدولي.
كيف يصدر عنها مواقف تعزز العلاقة مع الجار الايراني فيما الحليف الاميركي المتمركز على الارض يروج للهجوم على هذا الجار ويحشد في البحر قواته ويطلق تصريحات وانذارات توحي بان الهجوم على ايران بات وشيكا؟ لكنها ابقت اتصالاتها مع ايران وكذلك التبادل التجاري ودعت في ادبياتها السياسية ايران الى التعاون مع المجتمع الدولي لايجاد حل سلمي للمسألة النووية الايرانية.
ومرت نحو 6 سنوات والضربة لم تقع وهناك بعض يصر على ترجيح وقوعها فيما بعض آخر يستبعد ذلك، وبقيت العلاقة الاميركية ـ الايرانية على تأزم شديد من دون ان يظهر اي خرق ديبلوماسي وبات وجود وزيري خارجية البلدين في محفل واحد وبقاء كل منهما للاستماع الى كلام الآخر هو التقدم الوحيد في مسار العلاقة بينهما.
منذ 31 عاما ما تزال العلاقات الاميركية ـ الايرانية في حالة انقطاع تام ويجري الاتصال بينهما بواسطة بعثة رعاية المصالح الاميركية في طهران في السفارة السويسرية.
اميركا هي الشيطان الاكبر بالنسبة لايران، وايران هي احدى دول محور الشر بالنسبة للولايات المتحدة..جفاء وعداء تمثل في تصريحات متعددة للرئيس بوش الذي حذر ايران في مؤتمر صحافي في كليفلاند، عام 2006 بالقول «ان التهديد الايراني هو بالطبع هدفهم المعلن بتدمير حليفتنا القوية اسرائيل. وهذا تهديد خطير. وهو تهديد للسلام العالمي. لقد اوضحت وسأوضح مرة ثانية، اننا سنستخدم القوة العسكرية لحماية حليفتنا اسرائيل» اذا استدعى الامر.ووصف ايران عام 2007 بأنها «دولة تثير قلقا بالغا»، وانها قوة تزعزع الاستقرار في العراق ينبغي عزلها، وحذر الايرانيين قائلا: «عندما نضبطكم تؤدون دورا غير بناء في العراق سيكون هناك ثمن يدفع» وفي كلمة ألقاها في أبوظبي خلال جولة في الدول العربية الحليفة عام 2008 قال بوش ان ايران هي أكبر راع للارهاب في العالم وانها تقوض السلام من خلال دعم حزب الله في لبنان وحركة حماس في المناطق الفلسطينية والمتشددين الشيعة في العراق. وقال «تهدد ممارسات ايران أمن الدول في كل مكان. لذلك فان الولايات المتحدة تؤكد على التزاماتها الامنية الثابتة منذ فترة طويلة تجاه أصدقائها في الخليج وتحشد الاصدقاء في أنحاء العالم لمواجهة هذا الخطر قبل فوات الاوان».
بناء المستقبل
اما الرئيس أوباما فقد قال بمناسبة رأس السنة الإيرانية، عام 2010 إن «الحكومة الإيرانية هي التي اختارت عزل نفسها واختارت التركيز على الماضي أكثر من الالتزام ببناء مستقبل أفضل».لكنه لم يستبعد أيضا أي خيارات في التعامل مع إيران، رغم أن المسؤولين الاميركيين أوضحوا مرارا أن خيارهم المفضل هو الديبلوماسية في ضوء الخشية من أن يؤدي العمل العسكري إلى توسع رقعة النزاع. على الرغم من تخفيف اللهجة بقي التهديد الاميركي لايران قائما كما بقيت كل الاوراق حاضرة على الطاولة.
في المقابل اعتبر المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي ان اميركا تقف على رأس اعداء ايران وبريطانيا هي الاشنع بينهم. واكد ان «الاميركيين والصهاينة وغيرهم من قوى الاستكبار حاولوا على مدى 30 عاما ان يعزلوا ايران لكنهم فشلوا».
وفي كلام له عام 2010 اكد خامنئي ان ايران ترفض فكرة «هيمنة» الولايات المتحدة على البلاد رغم تهديداتها النووية، وقال: «لا احد يجرؤ على تهديد البشرية بهذه الطريقة. ولن نسمح للولايات المتحدة بان تفرض مجددا هيمنتها على البلاد مع مثل هذه التهديدات».
اما الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد فقد وصف في دكار عام 2008 الولايات المتحدة بأنها «عدوة الانسانية جمعاء بسبب العمليات التي تقوم بها في الشرق الاوسط ودعمها لاسرائيل. وفي خطاب له في سبتمبر 2008 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد أن الامبراطورية الأميركية ستتجه قريبا إلى النهاية، من دون أن يحدد كيف، وقال انها وصلت إلى نهاية الطريق، ويجب على الحكام المقبلين التصرف فقط ضمن حدودهم. ووصف عام 2010 الاميركيين: بـ «أنهم وقحون إلى درجة أنهم يهددوننا ويقولون ان كل الخيارات مطروحة على الطاولة، فلتذهبوا إلى الجحيم، انتم الذين مرغتم وجه العالم في الوحل» واضاف ان الولايات المتحدة أطلقت كلبا مسعورا (إسرائيل) في المنطقة وبهذه الذريعة ينهبونها باستمرار.
في ظل هذا الخطاب العدائي يصعب التنبؤ بتحقيق تقدم في العلاقات الاميركية ـ الايرانية خصوصا ان الولايات المتحدة بصدد اكمال الانسحاب من العراق في نهاية 2011 كما قررت الانسحاب مبدئيا من افغانستان في عام 2014 ولهذا يغلب على الموقف الايراني حسابات ما بعد مرحلة الانسحاب الاميركي كي تتحسن شروطها في اي عملية تفاوضية او مقايضة مع الولايات المتحدة.
ويجري بعض الباحثين في مراكز الدراسات الاميركية مقارنة لايران كخصم او عدو للولايات المتحدة بالصين والمانيا النازية والاتحاد السوفييتي حول المقارنة بالصين يقول هؤلاء ان النظام الايراني اصولي وبراغماتي وليس ايديولوجيا وهو يتوق الى التقارب مع الولايات المتحدة.انطلاقا من هذه النظرة يعتبرون ان دعمه لحزب الله وحماس وتحالفه مع قادة راديكاليين مثل هوغو تشافيز ومقتدى الصدر وانكاره للمحرقة اليهودية وترداد شعار الموت لاميركا كل اسبوع هي اعمال دفاعية في مواجهة العدوانية الاميركية وهذا ما يحمل على الاعتقاد ان تحركا اميركيا لافتا مثل زيارة نيكسون الى الصين عام 1972 يمكن ان يحقق تقاربا بين الولايات المتحدة وايران.غير ان بعضا آخر يقول ان الظروف الجيوسياسية مختلفة لان الصين في عهد ماو تسي تونغ كانت معادية للاتحاد السوفييتي وهذا ما جمعها مع الولايات المتحدة.اما اليوم فان قائد ايران السيد خامنئي معاد للولايات المتحدة، ونقل سادجابور عن بعض كبار المسؤولين قول السيد خامنئي في مجلس خاص: «ايران بحاجة الى عداوة الولايات المتحدة»، وكذلك قال خامنئي قبل الانتخابات الرئاسية عام 2009 انه ستحل كارثة وطنية في ايران اذا وصل الى السلطة رئيس يدعو الى التقارب مع الولايات المتحدة.(نشير الى ان الرئيس نجاد اقال وزير الخارجية متكي وهو في السنغال وغالب الظن على خلفية مواقفه غير الصدامية في حوار المنامة الذي جرى مؤخرا وحضرته وزيرة الخارجية الاميركية كلينتون).الرئيس اوباما قام بمبادرة تجاه ايران تمثلت في تخفيف اللهجة العدائية التي سادت عهد بوش وبرسالة الى القائد خامنئي ورسالة الى الشعب الايراني بمناسبة عيد النيروز، الا ان القادة الايرانيين يدركون تماما ان اي تقارب مع الولايات المتحدة في الوقت الراهن يثير مشاكل وقضايا لا طاقة لها على استيعابها.
وقد عبر عن ذلك بصراحة اية الله جنتي في حديث الى جريدة اعتماد عام 2009 حين قال: «اذا وصل اصحاب نزعة التفاهم مع الولايات المتحدة الى السلطة عندها نقول وداعا لكل شيء.ان العداء لاميركا هو من اهم ملامح الدولة الاسلامية».
من جانبهم، يرى بعض المحافظين الجدد ان ايران دولة اصولية غير قابلة للاصلاح ولا يبدو ان تشبيه احمدي نجاد بهتلر والجمهورية الاسلامية بالمانيا النازية مقنع.
ونتنياهو قال في خطاب في لوس انجيليس عام 2006 ان ايران اليوم هي المانيا عام 1938 وان استعمالها للقوة امر لايمكن تجنبه.وانضم اليه في هذا الرأي رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. في جانب آخر رأى باحثون آخرون ان ايران تختلف عن المانيا النازية فلا يوجد في ايران تطهير عرقي ولم يرتكب النظام عمليات ابادة.وعلى صعيد التسلح وصف تقرير لوزارة الدفاع الاميركية ان التسلح الايراني يقتصر على الاسلحة الدفاعية فيما لا تتجاوز موازنة الدفاع الايرانية 2% من موازنة الولايات المتحدة.ثم ان نجاد رئيس منتخب لولاية محددة تنتهي عام 2013 وبعدها لا يمكنه الترشح للانتخابات الرئاسية وفقا لاحكام الدستور الايراني.
اما تشبيه ايران بالاتحاد السوفييتي فقد تناوله العديد من الباحثين في مراكز الدراسات ولعل اطرف بحث هو المقارنة التي اجراها كريم سادجابور الباحث في مؤسسة كارنيغي لمقال صدر عام 1947 عن الاتحاد السوفييتي كتبه جورج كينان ونشر في مجلة فورين افايرز بعنوان «مصادر السلوك السوفييتي» وبتوقيع (اكس) لانه كان في ذلك الوقت ديبلوماسيا يعمل في تخطيط سياسة الولايات المتحدة تجاه الاتحاد السوفييتي وظل في عمله لحين انهياره عام 1991.استبدل سادجابور التعابير الواردة في المقال كما يلي:
-الاتحاد السوفييتي بالجمهورية الاسلامية.
-القادة السوفييت بالقادة الايرانيين.
-روسيا بايران.
- الاشتراكية بالاسلامية.
-الرأسمالية بالليبيرالية
-لينين بالخميني.
-ستالين باحمدي نجاد.
-تسلم السلطة عام 1917 بتسلم السلطة عام 1979 .
-البروليتاريا بالمقهورين.
النظام النازي في المانيا بالنظام البعثي في العراق.
-البوليس السري بالباسيج.
- القوى الرأسمالية بالقوى الغربية.
وهكذا بدا المقال كأن باحثا اميركيا كتبه في هذه الايام حول موضوع ايران.
ووضع للمقال 15 عنوانا توضح معظم ما كتب عن الاتحاد السوفييتي بعد 30 سنة من انتصار الثورة الشيوعية اي 1947 واليوم وبعد 30 سنة ايضا من انتصار الثورة الاسلامية تنطبق العناوين على ايران واهمها ما يلي:
1- يمكنننا تعريف الثوار الايرانيين من خلال رؤيتهم لاعدائهم واسلوب مواجهتهم وليس بالاهداف التي يسعون لتحقيقها.
2- ايديولوجية الثورة الاسلامية لم تتطور.
3- نقص الشرعية لخامنئي يولد انعدام الامن وهذا بدوره يولد الاستبداد.
4- العداء الاسلامي لليبيرالية متجذر ولا يمكن تجاهله.
5- الاداة الامنية التي اعدت للدفاع عن الدولة عادت وهيمنت عليها.
6- التلويح بالعدو الخارجي هو حاجة من اجل تبرير القمع الداخلي.
7- شعور الجمهورية الاسلامية بالحصار هو نبوءة تتحقق من تلقاء نفسها.
8- قد تقدم الجمهورية الاسلامية عروضا تكتيكية للتسوية لكن عداءها للغرب يبقى استراتيجيا.
9- لا يمكن للولايات المتحدة ان تتوصل الى تسوية مع نظام يعتبر انه بحاجة الى عداوتها.
10- على الولايات المتحدة ان تعتمد استراتيجية طويلة الامد بدلا من تدابير تكتيكية قصيرة الامد.
11- على الولايات المتحدة ان تبقى هادئة وتظهر رباطة الجأش كقوة عظمى.
12- بدأ التعب الايديولوجي يظهر على القيادة الايرانية.
13- الداعمون الكبار للجمهورية الاسلامية لا يعيشون فيها.
14- تداول السلطة في ايران غير مضمون.
15- تستطيع السياسة الاميركية التعجيل بالتغيير السياسي في ايران لكنها غير قادرة على هندسته.
ان مضمون هذه العناوين التي يرى الباحث سادجابور انها كانت تنطبق على الوضع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي عام 1947 وتشبه الى حد بعيد الوضع بينها وبين ايران اليوم هو لاشك جذاب للبحث والدراسة، لكنه بعيد عن الواقعية لأسباب سياسية وعسكرية واقتصادية عديدة منها ان الولايات المتحدة هي في حالة انكفاء عسكري من المناطق المحيطة بايران اي العراق وافغانستان بعد فشل ذريع في تحقيق اهداف الحرب(البعض يعتبر ذلك هزيمة) كما انها تعاني من ازمة مالية لم تخرج منها بعد، فيما كان اقتصادها خلال الحرب الباردة على درجة من القوة حملت الرئيس نيكسون عام 1972 على فك الارتباط بين الدولار والذهب غير آبه بالاقتصاد العالمي.كما ان ايران عايشت مدة 30 سنة حصارا وقطيعة مع الولايات المتحدة ورغم ذلك تمكنت من احراز تقدم بارز في مختلف الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية ما جعلها هاجسا للولايات المتحدة.
أسئلة واجبة
لماذا هذا العداء الاميركي لايران؟ ولماذا ينشغل السياسيون والباحثون في دراسة السبل لضرب ايران وزعزعة استقرارها؟
كما تطرح بعض الجهات الأميركية مقارنة بين علاقة الولايات المتحدة مع إيران وعلاقاتها مع فيتنام وباكستان.
خاضت الولايات المتحدة حربا في فيتنام أودت بحياة 50 ألف جندي أميركي ومئات آلاف الجرحى، وقتلت الملايين ودمرت معظم المنشآت المدنية في ذلك البلد الفقير. واستمرت الحرب إلى أن انسحبت القوات الاميركية تاركة السلطة لاعدائها الشيوعيين. وبعد نحو 25 سنة من العداء دخلت الولايات المتحدة في مفاوضات مع فيتنام، واعادت العلاقات الديبلوماسية معها ثم العلاقات الاقتصادية العادية.
وباكستان بلد حليف أساسي للولايات المتحدة، وقف الى جانبها عندما كانت جارتها المنافسة الهند تميل إلى الإتحاد السوفييتي ودول عدم الانحياز، وكانت باكستان قاعدة انطلاق للمجاهدين الافغان لقتال القوات السوفييتية وتمكنت من هزيمتها وانسحابها المذل والذي اعقبه تفكك الاتحاد السوفييتي.
وباكستان هي المصدر الأساسي لحركة طالبان ومن مدارسها انطلقت الحركة وسيطرت على أفغانستان ونشرت ايديولوجيا القاعدة. وكانت أفغانستان وباكستان منطلقا لعمليات الإرهاب التي ضربت سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام وقصفت المدمرة كول في ميناء عدن ووجهت الضربة التاريخية الكبيرة في 11 سبتمبر والتي على اثرها استجابت الولايات المتحدة لدعوات الرأي العام بالانتقام، فكانت الحرب على أفغانستان ردا انتقاميا سريعا.
ورغم ذلك لا يزال تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان فاعلا ومازال الطالبان موجودين. وتعتبر الولايات المتحدة ان تنظيم القاعدة هو العدو الرئيسي لها ومن المفترض أن تركز جهودها للقضاء عليه. لكننا نجد في المقابل أنها تدعم باكستان بالمال والسلاح من دون اي تقدم في محاربة القاعدة. باكستان دولة نووية لم توقع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية، ونفذت تفجيرات نووية، وأعلنت جهارا امتلاكها للسلاح النووي، ومع كل ذلك تعتبر نفسها حليفة للولايات المتحدة الأميركية.
اما إيران فماذا فعلت للولايات المتحدة؟ وأين الأضرار التي ألحقتها بمصالحها؟ إن احتجاز عناصر السفارة الأميركية في طهران لمدة سنة غداة انتصار الثورة، رغم عدم مشروعيته، اقتصر على التعبير عن غضب الشعب الإيراني من السياسة الأميركية التي كانت تدعم شاه إيران وأجهزته التي قمعته ونكلت به، وانتهى الامر بالافراج عنهم سالمين، فهل تستحق هذه القضية عداء أميركيا وحصارا اقتصاديا ومقاطعة ديبلوماسية لمدة 30 سنة ولا تزال. هل تجسست إيران على أميركا كما فعلت إسرائيل في قضية الجاسوس جوناثان بولارد؟ هل قصفت إيران مواقع عسكرية أميركية كما فعلت إسرائيل عندما قصفت السفينة ليبرتي عام 1967 وقتلت وجرحت عددا كبيرا من بحارتها؟ ويضيف اولئك الباحثون ان قليلين يتذكرون انه حصلت في طهران مسيرات استنكار لضحايا الارهاب «البن لادني» وأقيم حداد وطني على ضحايا هجمات 11 سبتمبر الاميركيين وأضاءت الجموع الشموع تعبيرا عن الحزن كما استنكر خطيب صلاة اول يوم جمعة بعد التفجير تلك الهجمات الإرهابية.
رغم ذلك تستمر حالة العداء الاميركي الايراني وتنتقل من ادارة الى اخرى من دون وضع استراتيجية للخروج من هذا الوضع الشاذ. وبعد اكثر من 30 سنة على نجاح الثورة لم تعد المراهنات الاميركية على تغيير ايراني داخلي مجدية. لقد استنفدت الحرب الاعلامية من بث برامج باللغة الفارسية واطلاق مواقع على شبكة الانترنت وتنظيم حملات اعلامية في معظم وسائل الاعلام العالمية ولم تحقق شيئا.
من الجانب الايراني تبدو الصورة ان سياسة الولايات المتحدة تجاه اسرائيل هي اكبر حجة مقنعة للنظام الثوري الايراني.كل الطروحات الاميركية حول الحرية والديموقراطية والعدالة وحقوق الانسان تتهاوى امام اذعانها للعدوان الاسرائيلي المستمر ضد الشعب الفلسطيني وأخطرها تغاضيها عن الاستيطان وعن تهويد القدس المدينة المقدسة عند المسلمين.
كل الحجج الاميركية التي تستخدمها في حربها الناعمة ضد ايران تضعف عندما يصل الامر الى المسألة الفلسطينية.
مازالت آفاق هذه العلاقة مسدودة تماما ولا يبدو في المستقبل المنظور ان يبزغ ضوء داخل النفق. لكن بعد الانسحاب الاميركي من العراق وافغانستان سوف تحضر ملفات امنية اميركية ـ ايرانية مشتركة في الخليج وافغانستان وباكستان والنزاع العربي الاسرائيلي.
هل يمكن مقاربة هذه الملفات من دون حوار اميركي ـ ايراني؟ هل نرى في المستقبل القريب حوارا سياسيا امنيا رسميا مثل حوار المنامة البحثي يفرض نفسه ازاء التطورات المقبلة؟
كيف أضرت طهران بمصالح واشنطن؟
يطرح باحثون عدة أسئلة بهدف الوصول إلى سبب العداء بين أميركا وإيران منها مثلا: ماذا فعلت إيران للولايات المتحدة؟ وأين الأضرار التي ألحقتها بمصالحها؟ ويقولون إذا رجعنا قليلا للخلف نرى ان احتجاز عناصر السفارة الأميركية في طهران لمدة سنة غداة انتصار الثورة الاسلامية، رغم عدم مشروعيته، اقتصر على التعبير عن غضب الشعب الإيراني من السياسة الأميركية التي كانت تدعم شاه إيران وأجهزته التي قمعته ونكلت به، وانتهى الامر بالافراج عنهم سالمين، فهل تستحق هذه القضية عداء أميركيا وحصارا اقتصاديا ومقاطعة ديبلوماسية لمدة 30 سنة وما تزال. مازالت افاق العلاقة بين طهران وواشنطن مسدودة تماما ولا يبدو في المستقبل المنظور ان يبزغ ضوء داخل النفق. لكن بعد الانسحاب الاميركي من العراق وافغانستان سوف تحضر ملفات امنية اميركية ـ ايرانية مشتركة في الخليج وافغانستان وباكستان والنزاع العربي ـ الاسرائيلي. هل يمكن مقاربة هذه الملفات من دون حوار اميركي ـ ايراني؟ هل نرى في المستقبل القريب حوارا سياسيا امنيا رسميا مثل حوار المنامة البحثي يفرض نفسه ازاء التطورات المقبلة؟