بقلم: إلياس فرحات *
في 19 يناير 2011 ادانت هيئة المحلفين الفيدرالية في تاكسون اريزونا، غاريد لي لوفنر، بجرم محاولة قتل عضو الكونغرس غابريللا غيفوردز وقتل اثنين من مساعديها رون باربر وبام سايمون، وهي الإدانة الاولى التي صدرت في حادث اطلاق النار الذي جرى في باحة سوبر ماركت سيفواي في تاكسون في 8 يناير 2011 وأدى الى مقتل 6 اشخاص وجرح 13 شخصا. هزت هذه الجريمة المجتمع الأميركي والإدارة الأميركية ايضا لأنها جريمة سياسية ناتجة عن جو من التحريض والتعصب السياسي اليميني الذي ساد الولايات المتحدة اثر الازمة المالية التي عصفت بالبلاد، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل وانهيار السوق العقاري، ثم اعقبها انتخاب باراك اوباما اول رئيس اسود في تاريخ الولايات المتحدة ليذكي شرارات الحقد اليميني بوقود عنصري وليظهر قوة سياسية محافظة متشددة داخل الحزب الجمهوري هي حزب الشاي (نسبة الى حفلة شاي بوسطن التي كانت شرارة انطلاق حرب الاستقلال عن بريطانيا). هذا الحزب عزا اسباب الأزمة المالية الاقتصادية الى السياسات المتبعة، وأبرزها تراجع دور العرق الانغلوسكسوني مؤسس الولايات المتحدة والتساهل في قوانين الهجرة ومواجهة الاصلاحات الاشتراكية التي قامت بها الإدارة الديموقراطية الحالية وعدم حماية الانتاج الاميركي، ودعا بالاشتراك مع قوى اليمين المتشدد الى اعتماد الفردانية المطلقة في النظم الاقتصادية والاجتماعية. وهكذا تصاعد الخطاب التحريضي اليميني خلال الانتخابات التشريعية النصفية في أكتوبر 2010، وكان حزب الشاي وهو حركة داخل الحزب الجمهوري يقود هذا الخطاب. المرشحة لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية الأخيرة سارة بالين كانت ابرز المحرضين وكشفت عن عقيدة يمينية متطرفة.
أكثر اعمال التحريض إثارة للجدل كان اللائحة التي وضعتها بالين على شبكة الانترنت، تضم 20 عضوا ديموقراطيا في الكونغرس من الذين صوتوا عام 2008 على الاصلاحات في القطاع الصحي ومن بينهم غابريللا غيفوردز في اريزونا وخارطة تظهر ولايات هؤلاء الاعضاء وعبارة «آن الأوان لأن نتخذ موقفا. هيا لنستعد العشرين كلها (اي العشرين مقعدا في الكونغرس).
ونشرت صحيفة نيويورك تايمز أن بالين انتقدت غيفوردز بشدة وانها كتبت على صفحتها في موقع فيس بوك بعد ان صدق الكونغرس على القانون المذكور: «لا تتراجعوا، استمروا، أعيدوا حشو مسدساتكم»، ووضعت صورة غيفوردز وكأنها لوحة تدريب على إطلاق النار من المسدسات، وعرفت الولايات المتحدة في تاريخها مواجهات عنصرية متفرقة ومنذ الحرب الأهلية في أواخر القرن التاسع عشر التي أفضت إلى انتصار الشمال بمفاهيمه المناهضة للعنصرية والعبودية، لم تشهد هذه البلاد اصطفافات سياسية او عقائدية حادة فالخلافات الفكرية بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي لا تتعدى قضايا بين الليبرالية والنزعة المحافظة وفي احيان كثيرة كان يقترب بعض الديموقراطيين المحافظين من الجمهوريين والعكس، ولم يكن هناك انضباط تام في التصويت على مشاريع القوانين في الكونغرس، حيث في حالات عديدة صوت جمهوريون الى جانب الديموقراطيين وبالعكس.ان النزعة اليمينية الحادة التي تجتاح الولايات المتحدة حاليا والتي يشكل الحزب الجمهوري الحاضنة السياسية لها تهدد بإحداث اصطفافات جديدة وجدية وخطيرة في المجتمع الأميركي خصوصا عندما تترافق مع اعمال عنف وتحريض. كما ادى استمرار الأزمة المالية والاقتصادية وتزايد عدد العاطلين عن العمل وتقليص برامج الرعاية الاجتماعية الى خلق جيل من الشباب التائه الذي يجد ضالته في التنظيمات السياسية المتطرفة، تماما كما كان الفقراء وقود الحروب الأهلية في كثير من دول العالم.
من المتهم؟
يعتبر لوفنر (22 عاما) مرتكب جريمة تاكسون ـ اريزونا مثلا على هؤلاء الشباب، هو ابن وحيد لعائلة متوسطة الدخل يعيش في حي على بعد 5 أميال من مكان ارتكاب الجريمة، غالبية ساكنيه من المهاجرين من المكسيك الذين يتكلمون اللغة الإسبانية، انشغل الرأي العام في ولاية اريزونا بالقانون المتشدد الذي أقرته حول الهجرة ووضع قيود شديدة على المهاجرين غير الشرعيين وتقع هذه الولاية في الجنوب على حدود المكسيك حيث تحصل بشكل دائم اعمال تسلل لعدد كبير من المكسيكيين الى داخلها ويستقر قسم منهم فيها ويتوزع الباقي على سائر الولايات. كانت الضحية ـ الهدف عضو الكونغرس غيفوردز قد عارضت هذا القانون بشدة وهي فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة بأغلبية 5 آلاف صوت فقط مقابل منافسها مرشح حزب الشاي الذي طالب باعادة عد الاصوات. كان لوفنر يعيش هذه الأزمة، أي أزمة المهاجرين والقانون الجديد، وعرف عنه وعن ذويه عدم اختلاطهم مع سكان الحي وبدا انه تأثر بالجو السائد من الخطابات السياسية حول مسألة المهاجرين، فقد ربطت تقارير إعلامية أميركية بين الجريمة والمناخ السياسي الذي خلقه حزب الشاي اليميني في جميع أنحاء البلاد. وقالت صحيفة واشنطن بوست: «يتساءل كثيرون عما إذا كان المناخ السياسي في البلاد، الذي صار متوترا ومستقطبا، قد لعب دورا غير مباشر في الحادث». وكتبت صحيفة نيويورك بوست «ان حزب الشاي يمثل سببا غير مباشر لما حدث، لأنه ينشر التطرف والتوتر». وعلى اثر كثرة التشريعات التي قدمها اوباما الى الكونغرس التي تتخذ طابعا يساريا مثل الرعاية الصحي، نقلت صحيفة الاندبندنت البريطانية عن شارون أنجل، المرشح الجمهوري اليميني المدعوم من حركة الشاي عن ولاية نيفادا لمجلس الشيوخ، انه «اذا استمر الكونغرس في السير في طريقه الحالي، فسيبحث الناس عن علاجات أخرى، علاجات استنادا الى المادة الثانية في الدستور» وذلك في اشارة الى حق الأميركيين في حمل السلاح.
رئيس شرطة الولاية كلارانس دوبنيك وصف الأجواء السائدة في الولاية بانها تعج بالتعصب والتحيز. مع ان دوبنيك لم يحدد دوافع الجريمة الا انه قال: «لا يوجد لدي سبب لاعتقد ان الجاني كان مصابا بخلل عقلي» وأجاب عن سؤال خلال مؤتمر صحافي حول ما اذا كان الجاني يعاني من عدم الاستقرار، انه يؤيد هذا الكلام.
كان للوفنر صفحة خاصة به على موقع ماي سبيس وسجل على شريط فيديو رسالة قال فيها: «وداعا يا أصدقاء. من فضلكم لا تغضبوا مني». وقد نشرت قبل ساعات من الحادث. وكتب في صفحته أيضا أنه يحب القراءة، وانتقد الذين لا يعرفون الكتابة والقراءة، وخصوصا المهاجرين في الحي الذي يعيش فيه، وقال زميله في المدرسة الثانوية، لوكالة أسوشيتد برس انه لم يهتم بالدين، وأنه لم يكن حريصا في الامور الدينية. «أنا لا أعرف إذا كان من الذين لا يهتمون بالحياة، أو أن هناك أشياء في داخله». وكان يتحدث كثيرا عن تعاطيه المخدرات وقد اعتقل مرة بتهمة حيازة مخدرات لكن التهمة اسقطت عنه بعد ان اكمل برنامجا اصلاحيا. وأشار أصدقاؤه إلى انه كان يشكك في اهداف الحكومة ويعتقد ان الإدارة الأميركية كانت وراء هجمات 11 سبتمبر وكتب لوفنر على «اليوتيوب» ان أفضل الكتب لديه هي: «مزرعة الحيوانات» و«عالم جديد شجاع» وكتاب «كفاحي»و«البيان الشيوعي» وعثر المحققون على مظروف في مقر إقامته يحتوي على كتابة بخط اليد تقول «خططت مسبقا» و«اغتيالي» واسم «غيفوردز» الى جانب اوراق تحمل على ما يبدو توقيع لوفنر. وفي سلسلة لقطات مصورة على موقع يوتيوب شكا لوفنر من سيطرة الحكومة على العقل الانساني وعلى القوانين المتعلقة بالخيانة وعلى العملة الأميركية، وكتب في إحدى اللقطات المصورة التي تتضمن بثا موسيقيا مع نص كتابات باللون الأبيض على خلفية سوداء «الحكومة تضمن السيطرة على العقل وتقوم بعمل غسيل ادمغة الناس عن طريق قواعد سيطرة»، وقال: «لا أنا لن أدفع دينا بعملة لا يدعمها الذهب والفضة. لا لن أثق في الرب».
يميل المعلقون في الولايات المتحدة الى تبرير معظم الجرائم بان مرتكبيها يعانون من اضطرابات عقلية ويحاولون قدر الامكان إبعاد الدوافع السياسية والعنصرية بهدف عدم إثارة ردود فعل داخل المجموعات السياسية والعنصرية قد تفضي الى سلسلة من الانتقامات وتحدث اضطرابا في المجتمع الاميركي. ولقد أمكن لهذا التبرير ان ينجح في حالات عديدة لم تتوسع فيها حدود ردود الفعل على الجرائم. لكن مع حزب الشاي وخطابه المتشدد والواسع الانتشار بات من الصعب إخفاء الدوافع السياسية للجريمة، فقد تعرضت سارة بالين الى انتقادات وهجمات اعلامية بسبب حملاتها على الديموقراطيين التي اعتبرها البعض من اسباب استهداف غيفوردز. وردت بالين على منتقديها ومنتقدي اليمين المتطرف والهجمات الكلامية ضد الديموقراطيين. واستخدمت في كلامها عبارة «سكب الدم» وهي عبارة استخدمت سابقا لاتهام اليهود بقتل المسيحيين، لتشير الى التهم والأدلة الكاذبة الموجهة ضدها. وأثار ذلك ضجة كبيرة لأن غيفوردز أميركية يهودية فأشعلت بالين نارا جديدة بدلا من ان تطفئ النار المشتعلة اصلا.
أين كانت الدولة الاميركية إزاء هذه الأجواء المشحونة بالتوتر والتي أرخت بظلالها على الوضع الأمني لأعضاء الكونغرس وللناشطين السياسيين المستهدفين؟ لم تكن الأجهزة الأمنية والوزارات المختصة غائبة عما يجري وتنبهت جميعها للمخاطر المحتملة. وزارة الأمن الداخلي التي استحدثت بعد احداث 11 سبتمبر 2001 أصدرت تقريرا أعدته دائرة الراديكالية والتطرف في فرقة ابحاث تحليل التهديدات عنوانه: تطرف الجناح اليميني: المناخ السياسي والاقتصادي الراهن يساعد المتمردين في استمالة العناصر وتوجيههم نحو الراديكالية. عمم التقرير على اجهزة الشرطة المحلية وشرطة الولايات وأجهزة مكافحة الإرهاب الفيدرالية.
وأكد التقرير انه لا يتوافر للوزارة اي معلومات محددة عن هجمات يحضر لها العناصر المتطرفون لكن تبين ان انضمام اعضاء جدد اليهم يزداد عن طريق اللعب على المخاوف من المشاكل الاقتصادية الطارئة. أورد التقرير ان تهديدات جماعات العنصريين البيض والمناهضين للحكومة اقتصرت على الكلام الحاد من دون اي دليل على قيامهم بالتحضير لأعمال عنف. ومع ذلك ادت سلسلة التراجعات الاقتصادية من الافلاس العقاري وارتفاع معدلات البطالة وتعذر الحصول على ديون، الى خلق بيئة خصبة لانضمام عناصر جدد الى المنظمات المتطرفة والى احتمال حدوث مواجهات مع السلطات الحكومية.كما ان اليمين العنصري المتطرف استغل انتخاب اول رئيس اسود لتركيز جهوده على تطويع المزيد من العناصر وتعبئة المناصرين وتوجيههم ببث الدعايات التحريضية من دون العثور على اي دليل على تحضير هجمات.
أشار التقرير الى ان احتمال إقرار قانون يفرض قيودا على انتشار الأسلحة النارية أدى الى إقبال المتطرفين على الانضمام الى التنظيمات اليمينية التي قامت بعمليات واسعة لشراء أسلحة وذخائر مستبقة إقرار القانون.
وشكل قدامى المحاربين العائدين من افغانستان والعراق إغراء للتنظيمات اليمينية من اجل ضمهم اليها نظرا لتمتعهم بخبرات عسكرية ومهارات قتالية. وأعطى التقرير مثلا على عنف هؤلاء، حادثة قتل 3 عناصر شرطة في مدينة بيتسبرغ ـ بنسلفانيا وظهور دعوات معادية للسامية تعيد اسباب خسارة الوظائف والأزمة المالية الى مؤامرة من النخب المالية اليهودية.
ووصف التقرير التنظيمات اليمينية المتطرفة بأنها معادية للإدارة الاميركية الحالية ولمواقفها من مسائل عديدة من بينها الهجرة والجنسية وتعميم برامج الرعاية الاجتماعية على الأقليات والقيود على اقتناء الأسلحة النارية واستعمالها وأبدى خشيته من حدوث اعمال إرهابية كبيرة مثل تفجير اوكلاهوما سيتي عام 1995.
إلى أين تتجه الولايات المتحدة؟
على عكس العديد من دول العالم الثالث ـ وضمنا الدول العربية ـ تكشف التقارير الصادرة حول المشاكل الطارئة في الولايات المتحدة وطرق معالجتها عن شفافية وصراحة تامة في عرض كل مشكلة بهدف الدقة في إيجاد الحلول الملائمة، ولا تتضمن هذه التقارير إخفاء لأي شائبة مهما كانت محرجة، وفي الغالب تكون الصراحة والواقعية جارحة لمشاعر الكثير إلا ان الثقافة الأميركية لا تعير اهتماما للمشاعر على حساب إيجاد الحلول الناجعة وهذا ما اكسب المجتمع الأميركي حيوية نادرة في تجنب الأزمات او تجاوزها عند حدوثها.ان ما تضمنه التقرير المذكور، إضافة الى تقارير صادرة عن اجهزة اخرى، يصف المشكلة الحاضرة بالتفصيل ويعرض لاحتمالات حلها من قبل القوى الأمنية المختصة. ولا توجد في قاموس هذه القوى تعابير مثل «لا شيء» او «الأمور ممسوكة» او «لا داعي للقلق» والتي تخفي عادة وجود شوائب كثيرة ومشاريع ازمات ومشاكل سرعان ما تنفجر وتفاجئ الذين يفترض بهم ألا يفاجأوا وهذا ما يحدث كثيرا في دول العالم الثالث (اندلاع قتال عنصري او ديني في افريقيا او آسيا...). تضمنت التقارير صراحة انتخاب رئيس اسود، وكلاما عن العنصرية، وعن الخطاب اليميني المتشدد، وغالبا لا يشار الى مثل هذه الامور في دول العالم الثالث التي تتغنى تقاريرها بالوحدة الوطنية غير الموجودة.
هذه الثقافة ظهرت عمليا في انهماك الإدارة وعلى رأسها الرئيس اوباما والمؤسسات الإعلامية والتربوية في تطويق مضاعفات هذه الحادثة الخطيرة. الرئيس اوباما سارع الى التحرك لتهدئة الجمهور والدعوة الى الاتحاد، ضاربا على وتر التعاطف مع الضحايا واستنكار بشاعة الجريمة فألقى خطابا أمام 27 ألف شخص احتشدوا في ملعب جامعة أريزونا في تاكسون، شدد على التخفيف من الجدل القائم حول حدة النقاش السياسي في البلاد الذي ازداد منذ وقوع الجريمة وحث الأميركيين على النقاش بطريقة «تعافى ولا تجرح» الآخرين، بغض النظر عن اختلاف الآراء السياسية وقال: «وحده حوار أكثر اتزانا وصدقا يمكنه أن يساعدنا على مواجهة صعوباتنا كدولة»، وأضاف: «نحن أميركيون جميعا، يمكننا التباحث في أفكار الآخرين من دون التشكيك في حبهم للوطن». و«علينا أن ندقق في جميع الحقائق الكامنة وراء هذه المأساة، ولكن لا يمكن أن نستغل هذه المأساة كفرصة لنواجه بعضنا البعض». وفي حركة دراماتيكية لقيت تجاوبا من الجمهور بعدما علم ان غيفوردز فتحت عينيها، كرر عدة مرات «غابي فتحت عينيها، غابي فتحت عينيها»، حيث ضجت القاعة بالتصفيق. وأضاف: «غابي تعلم أننا هنا، غابي تعلم أننا نقف بقربها». واهتم البيت الأبيض بهذا التطور، الذي وصفته عضو الكونغرس ديبي شولتز التي كانت في غرفة غيفوردز وشاهدتها وهي تفتح عينيها بأنه معجزة. وعمم البيت الأبيض مقتطفات من تصريحات شولتز على الاعلام في تركيز على تحسن حالة غيفوردز الصحية بعد زيارة أوباما لها. لقي الخطاب ردود فعل إيجابية جدا، حيث وصفته وسائل إعلام أميركية عدة بأنه من أفضل خطاباته وجعلته يظهر قدرته على قيادة الولايات المتحدة في أصعب الظروف خصوصا أن شعبيته ارتفعت الى أعلى نسبة منذ أبريل الماضي وبلغت 54%، وفي استطلاع للرأي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «أيه بي سي» الأميركيتان ان «تعامل أوباما مع الحادثة لقي صدى ايجابيا في الوسط السياسي». ونال أوباما على أدائه في هذه القضية 8 من أصل 10 نقاط، وقال 71% من الجمهوريين انهم يؤيدون كيفية معالجته للحادثة والتي شملت تأبين الضحايا.أما مجلة «رولينغ ستون» فاعتبرت أن الخطاب هو «أكثر خطاب تأثيرا في تاريخ رئاسة أوباما».
ومن جانبها، وصفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مرتكب حادث اطلاق الرصاص بأنه «متطرف» وقالت ان على الناس في كل أنحاء العالم أن يرفضوا الايديولوجيات المتطرفة وأدلت كلينتون بهذا التصريح في الإمارات العربية المتحدة ردا على سؤال بشأن هجمات 11 سبتمبر 2001 التي نفذها تنظيم القاعدة وقالت خلال لقاء مفتوح في الإمارات: «لدينا متطرفون في بلادي. أطلق متطرف في بلادنا الرصاص مؤخرا على امرأة رائعة وشجاعة للغاية هي عضو الكونغرس غابريللا غيفوردز».
الاضطرابات النفسية والعقلية
نشرت الصحف ووسائل الإعلام مقالات ودراسات حول الاضطرابات النفسية والعقلية التي يعاني منها لوفنر وأدت الى طرده من المدرسة واقترح بعضها زيادة عدد المرشدين النفسيين والاجتماعيين في المدارس وتوسيع حالات المعالجة النفسية وركزت على إصابة لوفنر بخلل نفسي واعتبار ذلك سببا أساسيا لارتكاب الجريمة بعدما شرحت علميا ما يمكن ان يقوم به العقل المضطرب. كما توسع آخرون من الكتاب وأبرزهم مايكل غرونوالد الذي تساءل كيف انه من المستحيل ان تحمل زجاجة شامبو على متن طائرة وكيف من السهل ان تشتري بندقية نصف أوتوماتيكية تقتل بها الناس حسب القانون الأميركي الحالي، داعيا إلى الإسراع بتعديله وفرض قيود على انتشار الأسلحة النارية بين الأميركيين والنظر الى الحالة النفسية لحامل السلاح.
بين الخلل العقلي والتعبئة السياسية المتعصبة ارتكب لوفنر جريمته ويرتكب آخرون جرائم عديدة والمجتمع الأميركي يعاني من تصاعد معدلات الجريمة، لكن من جهة أخرى تتنبه المؤسسات السياسية والاجتماعية والتربوية الى مخاطرها وتنكب على معالجتها للحفاظ على الأمن الاجتماعي. من يسبق من؟ المجرم ام المرشد الاجتماعي او النفسي؟ والى اين يسهل دخول التحريض السياسي؟ وكيف تحصن المختل والسوي معا لمواجهة التحريض؟ ورشة كبيرة تعيشها الولايات المتحدة.
ورشة كبيرة تعيشها الولايات المتحدة
بين الخلل العقلي والتعبئة السياسية المتعصبة حاول غاريد لي لوفنر قتل عضوة الكونغرس غابريللا غيفوردز، ويرتكب آخرون جرائم عديدة والمجتمع الأميركي يعاني من تصاعد معدلات الجريمة، لكن من جهة أخرى تتنبه المؤسسات السياسية والاجتماعية والتربوية الى مخاطرها وتنكب على معالجتها للحفاظ على الأمن الاجتماعي، من يسبق من: المجرم أم المرشد الاجتماعي أو النفسي؟ والى أين يسهل دخول التحريض السياسي؟ وكيف تحصن المختل والسوي معا لمواجهة التحريض؟ ورشة كبيرة تعيشها الولايات المتحدة.
* عميد ركن متقاعد في الجيش اللبناني