بقلم: إلياس فرحات *
فوجئ العالم كله بسلسلة الاحتجاجات في بعض الدول العربية واتساع رقعتها في مصر وتونس وتمكنها من تغيير النظام في كلا البلدين. في مصر كانت المفاجأة كبيرة ودفعت المتابعين والمحللين الى البحث عن اسباب اندلاع التظاهرات بهذا الشكل الكبير والتساؤل حول الدافع الذي حرك هذا الجمهور والجهة التي نظمت التظاهرات وأعدت الشعارات وحددت المطالب وأدارت الوضع ونسقت التحركات والاجراءات وردود الفعل وهل هناك قوى أجنبية تقف وراء ما جرى أو أحزاب سياسية أو دينية. بالتحديد سأل كثيرون عن «الإخوان المسلمون» ودورهم وعن الدور الأميركي في ظل كثرة الكلام الأميركي عن ترويج الديموقراطية وعن دور محتمل لإيران وتحركت نظرية المؤامرة ورسمت احتمالات عديدة لكن الجواب الشافي لم يصدر بعد. إذا تطلعنا الى ميدان التحرير حيث يمكن الحصول على معطيات هذه الثورة نرى مشهدا فريدا لم يكن أكثر العارفين بالوضع يتوقعونه. في السابق كان تجمع لنحو 200 شخص يعتبر حدثا في بلد كمصر فكيف جاءت الملايين وما هو النسيج الذي يؤلفهم. هذه نظرة ميدانية سجلت ملاحظات جديرة بالاهتمام حول طبيعة التجمعات والتظاهرات أهمها:
1- ينتمي المتظاهرون والمعتصمون الى اعمار مختلفة، لم يكونوا صبية ولا شبابا فقط، بل كان هناك كبار في السن وشيوخ يشاركون بشكل بارز. انها ليست ثورة الشباب كما يحلو للبعض ان يسميها، انها حقا ثورة الشعب كله. وما يلفت الانتباه هو المشاركة النسائية من كل الأعمار بهذا الحجم. أثبتت المرأة المصرية بحق انها تتحلى بالوعي السياسي وبالأهلية والالتزام الوطني. لقد خرجت من «غير العاقل» الذي وضعتها فيه اللغة العربية الى العاقل الفاعل. لم تعد المرأة المصرية ديكورا يزين الحكومة ومجلس الشعب بل هي حاضرة بقوة في الشوارع وفي ميدان التحرير تسهم في تغيير الواقع المرير الذي عانى منه الشعب المصري.
2- لا ينتمي المتظاهرون الى ايديولوجية واحدة ولا الى ايديولوجيات متقاربة كما كان الحال في الثورة البلشفية أو الثورة الإيرانية بل جاءوا من مشارب سياسية متنوعة يمينا ويسارا ووسطا وأحزابا دينية وعلمانية. ولأنها ثورة شعبية مصرية وطنية حقيقية لم يستطع أي فريق سياسي أو ايديولوجي ان يصادرها ويضفي عليها طابعه الخاص. تميزت هذه الثورة بمظهر الوحدة الوطنية العفوي بين المسلمين والأقباط في وقت شهدت مصر توترا بين الفئتين على خلفية الأعمال الإرهابية التي تعرض لها الأقباط وموقف السلطة منها. كانت مشاركة الأقباط كبيرة وواضحة وأكملت صورة الموقف الوطني الموحد.
3 - لم يقتصر مسرح أحداث الثورة على العاصمة ولا على المدن الكبيرة بل شمل معظم المدن والأقاليم والأرياف انها في القاهرة وفي قلبها في ميدان التحرير، وفي الاسكندرية، وفي المدن الواقعة على الطريق بينهما طنطا وكفر الدوار وغيرهما. انها في مدن القناة، بورسعيد والسويس والاسماعيلية، وفي الزقازيق كما امتدت جنوبا الى الصعيد في أسيوط وقنا، وشملت الأرياف المحيطة بالمدن وتراوح عدد المتظاهرين حسب التقديرات بين 10 و20 مليونا من أصل 80 مليون مصري وهي نسبة لم تسجل من قبل، لا في مصر ولا في أي بلد آخر. جاء الثوار المنتفضون من مختلف الطبقات الاجتماعية. لم تكن الطبقة الوسطى مهيمنة كما يظن الكثير من الباحثين انما كانت طبقة محدودي الدخل هي الأكثر مشاركة ومن مختلف مستويات الدخل. كان الشعور بفقدان الكرامة والمهانة هو الدافع الأكبر بعد ان وصلت نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر الى 40% نتيجة لإخفاق السلطة في تنمية البلاد وتوفير فرص العمل للشباب وخصوصا خريجي الجامعات والمعاهد المختلفة الاختصاصات.
التزام المتظاهرين
4 - المفاجأة الكبرى كانت الالتزام الشديد للمتظاهرين على امتداد الجمهورية بالتركيز على النضال المطلبي من دون الخوض في مواضيع خلافية تسمح بتسلل الثورة المضادة وقيامها بهجوم معاكس عليها وإحباطها. كان الانضباط مميزا في اطلاق الشعارات وفي سير التظاهرات وفي القواعد الأخلاقية باختلاط الرجال والنساء. لاحظ احد المراقبين انه قلما لا تتعرض سيدة مصرية وهي تسير في الشوارع الى عبارات المعاكسة من بعض الشباب حتى باتت شأنا عاديا تتحمله النسوة، انما في ميدان التحرير لم تسجل أبدا مثل هذه الممارسات وكان الاحترام سائدا والمحبة تغمر الجميع في ظل انتمائهم المصري. لعل أطرف ما حصل هو عقد زواج بين متظاهر ومتظاهرة جرى في ميدان التحرير أثناء الاعتصامات وهذا دليل على مستوى العلاقة بين المتظاهرين والذي أعاد الى المصريين فرصة لإظهار حقيقة واقعهم الذي شوهته الزبائنية الرخيصة لدى طبقة المنتفعين. لن ينسى المصريون مشاهد صلاة الجمعة وقداديس الأقباط في ميدان التحرير وفي جو من الاحترام المتبادل وستكون هذه المشاهد علامة ذكرى تنفع أيام الملمات في الحض على الوحدة الوطنية.
5 - سلمية التظاهرات: وهي الصفة التي لازمت المتظاهرين طيلة فترات التظاهر والاعتصام ولم تسجل أي أعمال عنف من المتظاهرين ولا أي اعتداء على الأملاك العامة والخاصة. خلافا لانتفاضة 1977 التي نسب الى المتظاهرين فيها تعديات وأعمال عنف وأطلق عليها إعلام الرئيس الأسبق أنور السادات تسمية «انتفاضة الحرامية»، لم تتمكن قوى الثورة المضادة في النظام وفي القطاع الخاص وفي الإعلام من تسجيل أي اعتداءات ونسبتها للمتظاهرين.
حصل ذلك رغم تعرض المتظاهرين والمعتصمين الى أعمال عنف من الأجهزة الرسمية وسقوط ضحايا بين قتيل وجريح وصلت تقديراتها الى نحو 1000 قتيل في الفترة بكاملها. بالاضافة الى العنف «الرسمي» الذي ساد من 25 الى 28 يناير وقامت به أجهزة الشرطة ومباحث أمن الدولة، بدأت اعتبارا من 29 يناير مرحلة جديدة من أعمال العنف قامت بها تشكيلات عصابية اصطلح على تسميتها بـ «البلطجية» هاجمت المتظاهرين وحاولت تفريقهم وطردهم، وكان أطرف هجوم هو ما سمي «معركة الجمل» عندما احضر العصابيون أحصنة وجمالا وهاجموا المعتصمين في ميدان التحرير وكان معظم هؤلاء من موظفي شركات كبار المستفيدين من النظام والذين يطلق عليهم المصريون لقب «حيتان المال» ارسلهم ارباب العمل في محاولة فاشلة لقمع المتظاهرين والحفاظ على النظام الذي أوصلهم الى ما هم فيه من ثراء ونفوذ وحفظ لهم مصالحهم. لم يكن لديهم اي دوافع سياسية أو عقائدية لنصرة النظام ولا تعاطف مع أي من أركانه وظهروا كموظفين ينفذون «مأمورية». نشير الى ان القوات المسلحة المصرية لم تتدخل لقمع المتظاهرين وبدا انها تجاهلت أوامر من أجل انهاء الاعتصامات بالقوة وعندما انتشرت وحداتها في ميدان التحرير للفصل بين المتظاهرين و«البلطجية» كان أداؤها جيدا وحمت حرية المتظاهرين وفي المقابل أكد المصريون جميعا ثقتهم بجيشهم الذي طالما كان في موضع محبتهم واحترامهم.
6- كشفت التظاهرات هشاشة النظام السياسي وعجز أدواته الأمنية عن ضبط الأوضاع وتقديم الحلول. بكل بساطة، لم يكن هناك في الحكم قوى سياسية ولا شخصيات قادرة على اجراء حوار مطلبي مع المتظاهرين وأثبتت تلك الأحداث ان حزب السلطة وأحزاب المعارضة «الرسمية» غير قادرة بحكم تكوينها على التحرك السياسي لمعالجة الأوضاع، فهي تضم في صفوفها مجموعات من المستفيدين تحكمهم علاقات زبائنية لا ترقى الى درجة وحدة الانتماء السياسي ولا تشدهم أي عصبية جامعة وكانوا دائما يغلبون مصالحهم الشخصية على المصالح الوطنية التي يفترض انهم يعملون من اجلها ويدافعون عنها. أظهرت الأحداث أيضا فشل تجربة الاستعاضة عن السياسة بالأمن وتسليم العمل السياسي للأمنيين في تقليد فاشل لأنظمة أوروبا الشرقية الفاشلة والتي انهارت بسرعة قياسية في أواخر القرن الماضي. وكشفت الأحداث أيضا غيابا تاما لمؤسسات الديموقراطية الشكلية من مجلس الشعب الى مجلس الشورى الى المجالس المحلية في المحافظات والأقاليم التي سرعان ما انهارت. لم نسمع بأي تحرك لمجلس الشعب ولا دعوة لانعقاده ولا لمجلس الشورى. من المفترض ان هذه المجالس هي الممثل المباشر للشعب، لكن الأحداث عرتها وكشفت انها منتخبة بنسبة اقتراع متدنية لم تتجاوز 10% في أحسن الأحوال، ناهيك عن التزوير والتدخلات والضغط على من اقترع والطعون الكثيرة التي قدمت ضد معظم النتائج. إذا كانت برلمانات الدول الديموقراطية الحقيقية قادرة على نزع الثقة بحكومة أو بوزير فان الشعب في ظل النظام المنهار لا يعرف كيف يعين الوزير ولا كيف يقال، وليس لممثليه المفترضين أي دور حقيقي في التشريع ولا في المساءلة بحيث تتراكم الأخطاء والمخالفات الجسيمة وينتشر الفساد بشكل غير معهود من دون حسيب ولا رقيب.
حاجز الخوف
7- انكسر حاجز الخوف.عند بداية الأحداث اعتقد كثيرون ان مصر العريقة بتاريخها تبقى دائما الى جانب فرعونها وان لحاكم مصر سلطة مستمدة من ثقافة متجذرة في المجتمع المصري لا يمكن ان تتزعزع وان سقوط الملكية عام 1952 كان بفضل القوة المسلحة المدعومة من الشعب (وللمفارقة اليوم الشعب مدعوم من القوات المسلحة)، لكن هؤلاء فوجئوا أكثر من غيرهم بحجم المعارضة الشعبية للنظام وتصميمها وعنادها. انكسر حاجز الخوف وهب الناس الى الشوارع بشكل غير منتظر، فقد كان من المتوقع ان يلبي الدعوة الأولى للتظاهر نحو 2000 شخص لكن المفاجأة التي أذهلت الجميع ان نحو 60 ألفا حضروا للتظاهر وبعدها انكسرت هيبة النظام واندفعت الجماهير الى الشوارع بإعداد غفيرة وصلت الى الملايين كما أوردنا سابقا، في مشهد شبيه لما حصل عندما أعلن الرئيس جمال عبد الناصر تنحيه عن الحكم عام 1967. فقدت الأدوات الأمنية هيبتها ولجأت الى اطلاق النار على المواطنين بغية ترهيبهم وكانت هذه أول إشارة ضعف تصدر عن النظام، أريد لها ان تكون اشارة قوة وحزم لكن حسابات من أمر باطلاق النار كانت مخطئة تماما. لقد كان للانتفاضة التونسية التي سبقت انتفاضة مصر دور أساسي في كسر حاجز الخوف وكان تأثير حركة الشارع التونسي واضحا تماما وللمرة الأول استحضر المصريون شعارا من خارج مصر وهو اللازمة التي رددها التونسيون وباتت معروفة في جميع أنحاء العالم العربي: «الشعب يريد تغيير النظام». اظهر هذا الشعار نجاحا تاريخيا باهرا في تعبئة الجماهير ولقي ترداده استحسانا من جميع الفئات. المصريون الذين قلما رددوا موسيقى الغير والأغاني والأناشيد غير المصرية كانوا في أحسن الاحوال عندما يقتنعون بموهبة أي فنان عربي يحضرونه الى مصر حيث «يتمصرن»انتاجه الفني والثقافي.الا هذا الشعار، فقد انتشر كسريان النار في الهشيم.لم يكن التأثير التونسي باتجاه واحد بل كان متبادلا، لأن مصر عندما أشعلت ثورتها دعمت الثورة الفتية في تونس.
8 - هل حصلت تدخلات خارجية؟انها مسألة مطروحة على نطاق واسع. المواطن العربي الذي يعيش منذ زمن طويل زمن الهزائم لا يصدق ان نجاح تحرك شعبي أمر ممكن، إلا إذا كان هناك قوة خارجية تدعمه وتنظمه وتديره. في المقابل ليس سرا ان المصريين لديهم حساسية كبيرة ضد أي تدخل خارجي في شؤونهم وإذا أراد النظام في مصر ان يجمع الجماهير حوله يلجأ الى اتهام المعارضين بالاستناد الى الدعم الخارجي فتنجح مساعيه في اتهام المعارضة بأنها تتبع أجندة أجنبية. في هذه الحالة قيل الكثير عن دور أميركي من التخطيط الى التنفيذ الى المتابعة خصوصا بعدما ظهر اهتمام البيت الأبيض بمتابعة التظاهرات والإعلان عن إنشاء خلية أزمة. ثم قيل عن تدخل ايراني واخر قطري، لكن هذه الأقاويل لم تنجح لأن المصريين لم يجدوا غير أنفسهم في الميدان وكانت مطالبهم مصرية بحتة ولم يعطوا آذانهم للكلام عن التدخل الخارجي. وهنا لابد من الإشارة الى ما ورد في كلام السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله عندما توجه في احدى كلماته المتلفزة الى المصريين فاستهل كلامه بأن أعلن انه استشار اصحاب الشأن من المصريين قبل ان يتكلم وشد على أيدي المتظاهرين وأعلن دعمه لهم وشبههم بمجاهدي المقاومة وكأنه كان يوحي بان من كسر حاجز الخوف من اسرائيل يدعم كسر هذا الحاجز من الأنظمة ايضا. والمفاجأة ان مرشد الثورة الايراني تقدم أكثر في دعم المتظاهرين فأدان النظام السابق وأثار ذلك خشية من ان يرتد كلامه سلبا على الانتفاضة المصرية لكن الأمور كانت قد ذهبت بعيدا ولا مجال لسيطرة النظام مجددا.
حصل مؤخرا امر مقلق يحمل تفسيرات عديدة وهو الحملة التي يشنها المتظاهرون على مباحث امن الدولة. بعد تنحي الرئيس وتغيير الحكومة وحل مجلسي الشعب والشورى، بات الحفاظ على المؤسسات ضروريا لانطلاق عجلة العمل في البلاد.مهما كانت أدوات النظام السابق مرتكبة لجرائم كثيرة على مر السنين فان تدميرها وإحراقها يلحق خسارة بمؤسسات البلاد وخصوصا ان التظاهرات في مرحلة ما قبل تنحي الرئيس كانت على درجة عالية من الانضباط، فماذا جرى كي تصدر مثل هذه الممارسات؟. أثار إيفاد الرئيس الأميركي مبعوثا الى مصر برتبة عالية هو وزير الدفاع روبرت غيتس لبحث موضوع الهجمات على المراكز الأمنية تساؤلات حول حقيقة ما يجري وأثار شكوكا من ان شيئا خطيرا يدبر بالخفاء.كما جاء حادث الاعتداء على كنيسة في القاهرة بمثابة صوت نشاز عن أصوات المتظاهرين.هل بدأ الهجوم المضاد؟
قيادة مجهولة
9 - غياب القيادة وغموضها: ما تزال القيادة التي حركت التظاهرات وإدارتها غائبة عن الظهور وهي تعمل بكفاءة عالية لكن بغموض مثير.من يحدد مكان التظاهر وزمانه وحجمه؟.من يدير الأمور على الأرض؟ أسئلة كثيرة طرحت ولاتزال تطرح كل يوم.لم تستطع وسائل الإعلام الأجنبية ولا المحلية ان تجرى مقابلة مع احد يدعي انه قيادي في هذه الحركة.لم تصدر هذه القيادة أي بيان ما خلا إعلانات موجزة حول قبول أو رفض موضوع معين.لا شك ان غياب القيادة اثبت نجاحا، لكن متى تعلن هذه القيادة عن نفسها؟هل نرى هؤلاء القادة أعضاء في مجلس الشعب الجديد؟ أم نراهم يشكلون حزبا سياسيا؟ لا يزال الغموض يكتنف التشكيلة القيادية التي أحدثت تغييرا تاريخيا في مصر.
10 - غياب المثقفين عن مسرح الاحداث: لا شك ان دور المثقف طليعي في مجتمعه وان مصر تزخر بعدد كبير من المثقفين المؤثرين في كتاباتهم وانتاجهم الفني والذين وصل تأثيرهم الى جميع أنحاء العالم العربي. غياب المثقفين عن قضايا الناس مستغرب وهم عندما يهتمون بها يكون اهتمامهم من قبيل الترف الفكري أكثر مما هو التزام وطني أو سياسي. لقد تغلبت التكنولوجيا على الكتاب والخطابة والفن وتيسر تعبئة المتظاهرين على شبكة الانترنت وموقع فيس بوك وتأمين التواصل الدائم. كان عدد المثقفين الذين نزلوا الى ميدان التحرير قليلا جدا رغم انهم لم يتحولوا جميعا الى مثقفي السلطة. ربما لم يأخذ أحد منهم التظاهرات على محمل الجد أو أنهم اعتبروها مرحلة عابرة لا تستحق التوقف عندها وسرعان ما تنتهي. أضف الى ذلك ان بعض الفنانين الذين أحضروا الى الميدان وأطلقوا شعارات مضادة للثورة، في محاولة للتملق للنظام المنهار تسببوا في إثارة غضب الجماهير منهم وبإحراج مع السلطة القادمة. ولفت أيضا الأداء الهزلي لإعلام السلطة الراحلة والفاقد لأي درجة من الاحتراف.كانت عناوين صحف النظام وأخبارها وتناولها لقضية التظاهرات مثيرة للسخرية ولاتزال عناوين إحدى الصحف في أوج تظاهرات ميدان التحرير «تظاهرات واحتجاجات تعم لبنان»موضع تندر حتى ان صحفا نشرت هذه العناوين كخبر من الطرائف لقد كان الإعلام الرسمي محاميا فاشلا عن قضية فاشلة.
11- غياب أي تصور معلن للمستقبل: رغم النجاح الذي حققته التظاهرات فإن آفاقه لاتزال مجهولة ومازال الغموض يلف طبيعة المشروع السياسي للمتظاهرين.هناك حديث عن الحريات والديموقراطية والانتخابات لكن لم يتضح بعد نحو أي نظام تتجه مصر، هل يعتمد النظام الرئاسي أم النظام الرئاسي البرلماني؟ماذا ستكون صلاحية البرلمان وهل يتولى المساءلة والمحاسبة؟هل يتولى المصادقة على تعيين الوزراء وكبار الموظفين؟هل نجد في مصر في المستقبل القريب برلمانا لا يوافق على تعيين وزير داخلية اقترحه الرئيس؟كيف ينظم الإعلام وهل تجرى إصلاحات في النظام القضائي وكيف ينظم الاقتصاد وكيف يحدد دور الدولة ودور القطاع الخاص؟مسائل شائكة تطرح نفسها أمام أصحاب السلطة الجدد ترقى لدرجة التحديات فكيف تجري مواجهتها؟ أخيرا ماذا عن السياسة الخارجية؟
ماذا عن المستقبل؟
رغم نجاح التظاهرات الشعبية في مصر فإن آفاقه ما تزال مجهولة، ومازال الغموض يلف طبيعة المشروع السياسي للمتظاهرين، فهل ستعتمد مصر النظام الرئاسي أم النظام الرئاسي البرلماني؟ وماذا ستكون صلاحية البرلمان وهل سيتولى المساءلة والمحاسبة؟ هل يتولى المصادقة على تعيين الوزراء وكبار الموظفين؟ هل نجد في مصر في المستقبل القريب برلمانا لا يوافق على تعيين وزير داخلية اقترحه الرئيس؟كيف ينظم الإعلام؟ وهل تجري إصلاحات في النظام القضائي وكيف ينظم الاقتصاد، وكيف يحدد دور الدولة ودور القطاع الخاص؟ مسائل شائكة تطرح نفسها أمام أصحاب السلطة الجدد ترقى لدرجة التحديات فكيف تجري مواجهتها؟ أخيرا ماذا عن السياسة الخارجية؟
* عميد ركن متقاعد في الجيش اللبناني