- المحك الأول والأساسي لتنفيذ مصالحة القاهرة هو تشكيل حكومة جديدة يجري الاتفاق عليها بين الطرفين
- هل يقبل المجتمع الدولي بنتيجة الانتخابات الفلسطينية المقبلة أم تتكرر نتائج انتخابات 2005 بغض النظر عن الرابح؟
في 4 مايو 2011 اعلن في القاهرة عن توقيع اتفاق مصالحة بين حركة فتح ممثلة في رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وحركة حماس ممثلة في رئيس المكتب السياسي خالد مشعل، واكد عباس خلال التوقيع أن حماس جزء من الشعب الفلسطيني، وليس من حق احد ان يقول للشعب الفلسطيني ما الذي عليه ان يفعل، فيما اكد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس ان الحركة مستعدة لدفع كل ثمن من اجل المصالحة وان معركتها الوحيدة هي مع اسرائيل، بدا ان المصالحة تمت بمبادرة مصرية وحضر احتفال التوقيع وزير الخارجية نبيل العربي وامين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى ومدير المخابرات المصرية مراد موافي وحضر الاحتفال ممثلون عن 11 فصيلا فلسطينيا في العاصمة المصرية وشارك ثلاثة من النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي هم أحمد الطيبي ومحمد بركة وطلب الصانع وممثل عن الامين العام للامم المتحدة روبرت سيري، ويقضي الاتفاق الفلسطيني بتشكيل حكومة تكنوقراط تتولى إدارة الشؤون الداخلية الفلسطينية وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني بعد عام من إعلانه.
لاشك ان المصالحة كانت مفاجئة، فقد تخلى الطرفان عن الكثير من العناد الذي كان يطبعهما في المفاوضات السابقة، كما لم نسمع اتهامات ولا اتهامات مضادة مثل تلك التي كنا نسمعها بعد كل فشل او نجاح جزئي، فجأة شعر الطرفان بوجوب اللجوء الى المصالحة والخروج من الوضع الانقسامي الراهن، ابدى الشعب الفلسطيني فرحة عارمة باتفاق المصالحة وعبرت جميع الفصائل والاحزاب عن تأييدها لها وجرت احتفالات في الضفة وغزة، وامل الجميع ان تكون هذه المصالحة نهائية والا تتعرض للانتكاس كما حصل للمصالحات الماضية، في الجانب الآخر كيف نظرت اسرائيل الى المصالحة؟
ترحيب وتأييد
ان اي مصالحة تجري بين فريقين متنازعين تكون عادة موضع ترحيب وتأييد من جميع الاطراف ومنهم من يكون متضررا منها فعلا، لكن ندر ان اقدم مثل هؤلاء على انتقاد المصالحات علنا بل كان يجري الترحيب بها من قبيل اللياقة على الاقل، اطاحت اسرائيل بكل قواعد الديبلوماسية واللياقات الدولية، وشنت هجوما عنيفا على المصالحة واتخذت تدابير شديدة ضدها غير آبهة بردود الفعل على موقفها. اعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن التوقيع على اتفاق المصالحة ضربة هائلة لعملية السلام، وانتصار كبير للإرهاب، حسب وصفه ودعا نتنياهو الرئيس الفلسطيني إلى التخلي عن اتفاق المصالحة مع حماس واختيار السلام مع إسرائيل.
اما وزير الخارجية الإسرائيلي اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان فقد طلب من الجيش الإسرائيلي الاستعداد في أعقاب توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، زاعما أن أحد بنود الاتفاق بين الحركتين، ينص على إطلاق سراح مئات السجناء من حركة حماس، وهذا سيؤدي إلى عودة من وصفهم بالمخربين إلى السيطرة على الضفة الغربية، واضاف «ان هذا الاتفاق يعتبر تعديا للخطوط الحمراء بالنسبة لتل أبيب، لأن حركة حماس، تم اعتبارها منذ عام 2003، من قبل الرباعية الدولية منظمة إرهابية، واتخذ قرار بعدم إجراء مفاوضات مع منظمة هدفها تدمير إسرائيل»، ووصف الاتفاق المصالحة بين حماس وفتح بانه نابع من تخبط، مشيرا إلى أبو مازن الذي كان يعتمد على حسني مبارك، يتخوف من سيطرة حركة الإخوان المسلمين، وهي المنظمة الأم لحماس، على الحكم في مصر، وان خالد مشعل يشعر بضائقة هو الآخر في أعقاب قيام الرئيس السوري بإطلاق النار على المساجد والمصلين، في ظل أعمال الفوضى التي تسود سورية حاليا وهي الراعي الرئيسي لحماس».
وقال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز «ان الاتفاق الذي توصلت إليه السلطة الفلسطينية مع حركة حماس، ليس اتفاق وحدة»، معتبرا أن الحركتين اتفقتا على عدم الموافقة، واضاف: ان نتائج الانتخابات التي ستجرى في مناطق السلطة الفلسطينية، من شأنها أن تؤدي إلى فوز حركة حماس التي تدعو إلى استمرار الحرب وتدمير دولة إسرائيل، ودعا القيادة الفلسطينية إلى أن تتحد من أجل السلام وألا تتظاهر بمظهر الوحدة الخادعة التي لا تسمح لها بالتقدم إلى أي مكان، بدوره، قال ايهود باراك وزير الدفاع «ان اتفاق المصالحة الفلسطيني، يحمل في طياته فرصا وإمكانات دراماتيكية»، مشككا في أن يفضي هذا الاتفاق إلى تشكيل حكومة فلسطينية مشتركة من فتح وحماس، اما نتنياهو فقد صعد معارضته للاتفاق اثناء القاء خطابه في الكونغرس وقال: «اقول للرئيس الفلسطيني محمود عباس عليك ان تمزق ميثاقك مع حماس وان تجلس على طاولة المفاوضات وعليك ان تصنع السلام مع دولة يهودية».
نظرة أوباما السلبية
تطرق الرئيس اوباما في خطابه المخصص للشرق الاوسط الذي القاه في وزارة الخارجية الى المصالحة بنظرة تتوافق في سلبيتها مع النظرة الاسرائيلية، فقال «ان ما أعلن مؤخرا من اتفاق بين فتح وحماس يثير تساؤلات أساسية ومشروعة بالنسبة لإسرائيل: كيف يمكن للمرء أن يتفاوض مع طرف أظهر نفسه أنه غير مستعد للاعتراف بحقك في البقاء؟ وعلى القادة الفلسطينيين أن يقدموا في الأسابيع والشهور القادمة جوابا موثوقا به على هذا السؤال».
حماسة فلسطينية ظاهرة مقابل تنديد اسرائيلي وتشكيك اول نتائجه وقف تحويل الاموال الى السلطة الفلسطينية كإجراء عقابي والسؤال المطروح: لماذا جرت المصالحة الآن وبسرعة فاجأت جميع المراقبين؟
ـ منذ الانهيار السريع لآخر مصالحة في مكة المكرمة عام 2007 والتي لم تعمر اكثر من شهرين، سيطرت حماس بعدها على قطاع غزة وانقطع الاتصال بين الحركتين، ووصل الفلسطينيون الى وضع انقسام سياسي وجغرافي خطير ادى الى غياب اي افق لعملية السلام، وكثيرا ما شكا الاسرائيليون من عدم وجود شريك فلسطيني واحتجوا بذلك من اجل التهرب من موجبات عملية السلام وسط عجز عربي عن الخروج من هذه الحالة، وتحركات اوروبية اقتصرت على ادارة الوضع الراهن، ومحاولات اميركية لاستئناف المباحثات باءت بالفشل بسبب اصرار اسرائيل على التمسك بالاستيطان، خسرت فتح وخسرت حماس ايضا من جراء هذا الوضع وشعرت كلتاهما بمرارة الخسارة وتفاقمها مع استمرار النزاع، وظهرت تحركات في المجتمع الفلسطيني في الداخل وفي الشتات تدعو لوضع حد للانقسام عكست استياء شعبيا من هذا الوضع وتراجعا في تأييد المواقف العنيدة والاتهامية لكلتا الحركتين، عزز ذلك استمرار الاستيطان، خصوصا في القدس وفقدان اي آلية سياسية فلسطينية لمواجهته بسبب الانقسام. حتم هذا الطريق المسدود على الفريقين انتهاز اول فرصة للخروج من المأزق واجراء المصالحة.
انقسام شعبي
ـ مع مرور 4 سنوات على الانقسام ـ القطيعة بين فتح وحماس، تبين ان نتائج خطيرة بدأت تظهر وهي ان الانقسام بين الحركتين لم يعد انقساما بين قيادتين سياسيتين كما كانت عليه الحال، بل انه اصبح في احيان كثيرة انقساما افقيا شعبيا امتد الى انقسام ثقافي في امور اساسية كانت لا تزال موضع اجماع عند الشعب الفلسطيني من كل اطيافه. والخطورة ان هذه الحالة دفعت بالبعض الى اقتراح انشاء امارة اسلامية في غزة وصيغة كونفيدرالية للضفة الغربية مع الاردن وبذلك تتم تصفية القضية الفلسطينية نهائيا. هذا الاقتراح لا يهدف الى اجتراح حلول بل الى خلق مشاكل جديدة بين شباب فلسطيني يتبع حكما اسلاميا في غزة وآخر يتبع حكما مدنيا قريبا من العلمانية في الضفة الغربية. ومنذ بداية القطيعة الجغرافية والشعبية بلغ الامر نقطة خطيرة، الامر الذي حمل قوى حية في المجتمع الى قرع ناقوس الخطر وتنظيم تظاهرات طالبت بالوحدة الوطنية. في هذه اللحظة الانقسامية الحرجة جرت المصالحة واول مهماتها ردم الجسور الثقافية والفكرية والسياسية بين ابناء الشعب الواحد وتحويل الخلاف الحاد الحالي الى خلاف في الرؤى السياسية بين مواطنين من شعب واحد.
ـ التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم العربي بعد نجاح الانتفاضات الشعبية بأحداث تغيير في نظام الحكم في كل من تونس ومصر واستمرارها في ليبيا واليمن وما شهدته البحرين وتشهده سورية من احتجاجات واحداث غيرت الواقع العربي، اذ خسرت السلطة الفلسطينية حليفا استراتيجيا هو الرئيس السابق مبارك كما ان حركة حماس انتابها قلق حول ما يجري في سورية، الامر الذي دفع كلتا الحركتين الى التفكير جديا في اجراء يحفظ المصلحة الفلسطينية ومصلحة كل منهما.ان استمرار الخلاف في ظل التحولات العربية من شأنه ضياع الفلسطينيين في حمأة المفاجآت التي نتجت وقد تنتج في المستقبل القريب عن حركة الاحتجاج في العالم العربي.
ـ ينظر العالم كله بترقب واهتمام الى سبتمبر المقبل، حيث تنعقد الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها العادية السنوية لعام 2011 والتي من المتوقع ان يكون مدرجا على جدول اعمالها مشروع قرار بالاعتراف بدولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967، الامر الذي يقض مضاجع اسرائيل ومؤيديها. من شأن اعتراف الامم المتحدة بالدولة الجديدة ان يحرج اسرائيل التي طالما اعلنت التزامها بالقانون الدولي وفي الوقت نفسه تنكر على الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة. اعتبارا من اليوم وحتى سبتمبر موعد انعقاد الجمعية العامة، من المنتظر ان تقوم اسرائيل بتحركات سياسية وديبلوماسية من اجل اجهاض هذا المشروع، ليس آخرها زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو الى الولايات المتحدة وتلبيته دعوة لالقاء خطاب في الكونغرس تمحور حول رفض مشروع الدولة الفلسطينية.ان اكبر حجة كان يستخدمها المفاوض الاسرائيلي هي ان الفلسطينيين منقسمون وانه لا يوجد شريك فلسطيني للسلام ولهذا كانت اسرائيل توقف جميع اقتراحات السلام الاميركية والاوروبية تحت هذه الذريعة، وسوف تزداد وتيرة الضغط الاسرائيلي من اجل احباط ولادة الدول الجديدة.
شريك في عملية السلام
لابد للفلسطينيين ان يتوحدوا من اجل الظهور كشريك فاعل في عملية السلام والوقوف بوجه المحاولات الاسرائيلية لنسف مشروع الدولة الفلسطينية، وفي هذا المجال علم ان اسرائيل تحاول اقناع الدول الاعضاء الدائمين في مجلس الامن الدولي بتقديم مشروع قرار بانشاء دولة فلسطينية على ان يجري التفاوض حولها بين الفريقين الفلسطيني والاسرائيلي مما يعني عودة الامور الى المربع الاول وبصيغة قانونية دولية. كذلك حملت الانباء ان اسرائيل قد تقدم مشروع قرار بالغاء حق العودة للفلسطينيين وستعمل على اقراره في مواجهة مشروع الدولة الفلسطينية لافراغه من مضمونه، يشير آخر تقدير اسرائيلي الى ان 130 دولة على الاقل ستصوت لصالح مشروع الدولة. امام السلطة الفلسطينية الموحدة الكثير من اجل مواجهة التحركات الاسرائيلية ويتوجب على الحكومة الجديدة ان تقوم بديبلوماسية ناشطة من اجل احباط المحاولات الاسرائيلية لاجهاض مشروع الدولة وتوفير العدد اللازم من الدول لاقراره.
ـ ان اولى نتائج المصالحة كان توحد الفلسطينيين في خطوة المسيرات السلمية باتجاه فلسطين التي قامت في ذكرى النكبة في 15 مايو واستشهد عدد من الفلسطينيين من كل الفصائل جراء اطلاق النار عليهم من قبل القوات الاسرائيلية على الحدود المقابلة في لبنان وسورية والضفة الغربية وغزة ومصر. لقد اثارت هذه الخطوة اهتمام العالم بقضية اللاجئين الفلسطينيين وحركت موضوع حق العودة واقامة الدولة الفلسطينية بحيث بات من الضروري ان تسير حركتا فتح وحماس قدما بتنفيذ الاتفاق ومتابعة ما جرى للفلسطينيين على الحدود مع اسرائيل من منطلق مسؤولية واحدة لسلطة وطنية واحدة، والقيام بنشاطات اخرى بهدف ابقاء القضية الفلسطينية حية وتفادي جمودها ونسيانها.
ـ ان التصعيد السياسي الجاري حاليا في الخليج واتهام دول مجلس التعاون الخليجي لايران بالتدخل في الشؤون الداخلية لدولة عضو هي البحرين قد ولد وضعا سياسيا جديدا متوترا خيم ليس على اجواء الخليج فقط بل على المنطقة برمتها. كما ان قرار دول مجلس التعاون في قمتها الاخيرة التي انعقدت في الرياض حول الاستعداد لقبول عضوين جديدين في المجلس هما المغرب والاردن قد وسع من مسرح العمليات السياسي ليطول لاول مرة دولا بعيدة عن الخليج. ان استحضار القوة المغربية والاردنية هو رسالة واضحة لايران ان مجلس التعاون مصر على مواقفه وانه يزداد قوة بضم اعضاء جدد من الدول العربية. من الممكن ان يتصاعد هذا التوتر مع ايران ويستحوذ على اهتمام دول المنطقة والمجتمع الدولي ويضع القضية الفلسطينية في الظلال لمصلحة الخلاف مع ايران ويحد من الاندفاعة الدولية من اجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي قد تلقى التأجيل بسبب الاوضاع الراهنة التي تؤثر على مصالح الولايات المتحدة واوروبا في مجال تدفق النفط اليها. ان وجود سلطة فلسطينية واحدة موحدة تحمل لواء قضية فلسطين له من دون شك تأثير سياسي ومعنوي ويمكنها عند تشكيلها اقتناص الفرص السياسية من اجل تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني واهمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
تسوية المسألة
ـ انكفاء التحركات الدولية عن تسوية المسألة الفلسطينية. سبق واعلن الرئيس الاميركي اوباما عن مبادرة لتحريك عملية السلام وعين لهذه الغاية السيناتور السابق جورج ميتشل وهو صاحب خبرة سابقة في حل النزاع في ايرلندا الشمالية. حضر ميتشل الى المنطقة وجال على زعمائها واصطدم بجدار الاصرار الاسرائيلي على استمرار بناء المستوطنات. رغم كل الاغراءات الاميركية بما فيها زيادة المساعدات وتمويل مشروع القبة الفولاذية من اجل الحماية من خطر الصواريخ قصيرة المدى والتنازلات الفلسطينية لم توافق اسرائيل على استئناف المباحثات. ورغم ابتكار المحادثات القريبة غير المباشرة فشلت ادارة اوباما في إرغام اسرائيل حتى على تجميد الاستيطان لفترة محددة وعلى العكس تسارعت وتيرة الاستيطان وخصوصا في مدينة القدس وشملت مناطق قريبة من المسجد الاقصى رغم معارضة العالم العربي والاسلامي ومعارضة دولية كبيرة. جمدت المحادثات واحتجت اسرائيل مرارا بعدم وجود شريك وكان طرحها للتعامل مع حركة حماس هو معاملتها كمنظمة ارهابية رغم تمثيلها الشعبي وادارتها للوضع في قطاع غزة بواسطة حكومة اسماعيل هنية، واخيرا انهارت الجهود الاميركية واستقال ميتشل واعلن اوباما تعيين ديفيد هيل مكانه بشكل مؤقت واسدل بذلك الستار على مبادرته التي لم تجد نفعا.
الرباعية الدولية المنشأة منذ نحو 7 سنوات والمؤلفة من الولايات المتحدة والاتحاد الروسي والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، خففت وتيرة اجتماعاتها وما يزال توني بلير الامين العام للرباعية يؤجل اجتماعاتها بشأن اعلان الدولة الفلسطينية حتى كاد العالم ينسى هذه الرباعية التي رسمت خارطة طريق لحل النزاع لم تسلكه ابدا. هذا الانكفاء الدولي لا يمكن تحريكه ولا تنشيطه في ظل وضع فلسطيني انقسامي ولابد من توحيد السلطة واجراء المصالحة بين الفريقين الاساسيين فتح وحماس كي يتم التعامل مع هذا التراجع الخطير في جهود السلام.
ان المحك الاول والاساسي لتنفيذ الاتفاق هو تشكيل حكومة جديدة يجري الاتفاق عليها بين الطرفين وتجسد جدية الاتفاق. من المنتظر ان يعلن خلال ايام الاتفاق على اسم رئيس الحكومة وان يباشر الرئيس الجديد مشاوراته لتشكيل حكومة من التكنوقراط مبدئيا، لكن بما ان جميع الفصائل تدرك تماما انه لا وجود لتكنوقراط فلسطيني غير مسيس، خصوصا في مرحلة حرجة في تاريخ الشعب الفلسطيني تتطلب قرارات سياسية مصيرية بحجم اتفاق سلام مع اسرائيل او انشاء كونفيدراليات مع دول عربية مجاورة او الموافقة على الكفاح المسلح، لذلك يجب ان يتأمن التمثيل السياسي لفتح وحماس وكل القوى السياسية الاخرى كي يكون القرار الحكومي وطنيا موحدا، وان تستطيع الحكومة الجديدة تسويقه فلسطينيا وعربيا ودوليا. وقد لفت في هذا المجال استقبال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في موسكو وفدا فلسطينيا مشتركا، حيث دعا الى ضرورة مشاركة جميع الفصائل الفلسطينية في تشكيل الحكومة الجديدة.واعتبر أن تشكيل حكومة جديدة على أسس الاتفاق الذي توصلت إليه حركتا فتح وحماس في القاهرة يساعد على إنشاء دولة فلسطينية. واعتبر أن هذا الاتفاق يتميز بأهمية تاريخية، انطلاقا من ان الوحدة ضرورة لكل الشعوب وبشكل خاص للشعب الفلسطيني مما يمكنه من إنشاء دولته، وقال «لتحقيق هذا الهدف لابد أن يحظى موقف السلطة الوطنية الفلسطينية بدعم كل الفلسطينيين».
تبقى الانتخابات المقبلة للمجلس التشريعي والرئاسة هي الاساس وسينبثق عنها سلطة جديدة وشبه هوية فلسطينية جديدة نجدها اليوم مشتتة هنا وهناك. هل تجري الانتخابات بحرية وسلامة؟ هل يقبل المجتمع الدولي بنتيجتها ام تتكرر نتائج انتخابات 2005 بغض النظر عن الرابح وتتكرر معها ردود الفعل الدولية والعربية ايضا ويدخل الشعب الفلسطيني وقياداته في متاهات الانقسامات من جديد؟
بقلم: إلياس فرحات
عميد ركن متقاعد في الجيش اللبناني