- عروبة القدس أمر لا يقبل العبث أو التغيير.. واعتماد «2018» عاماً لها
القاهرة - ناهد إمام
دعا مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس جميع الهيئات والمنظمات العالمية، إلى الحفاظ على الوضع القانوني للمدينة المقدسة، وتأكيد هويتها، واتخاذ كل التدابير الكفيلة بحماية الشعب الفلسطيني، وخاصة المرابطين من المقدسيين، ودعم صمودهم، وتنمية مواردهم، وإزالة كل العوائق التي تمنع حقوقهم الآدمية الأساسية، وتحول دون ممارسة شعائرهم الدينية.
وحث المؤتمر في بيانه الختامي الذي صدر في القاهرة امس، بعنوان «إعلان الأزهر العالمي لنصرة القدس» والذي تلاه شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين د.أحمد الطيب، أصحاب القرار السياسي في العالمين العربي والإسلامي على دعم ذلك كله، دون اتخاذ أي إجراء يضر بالقضية الفلسطينية، أو يصب في التطبيع مع الكيان المحتل الغاصب.
وأكد البيان الختامي، الذي تضمن 13 توصية، أن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة والتي يجب العمل الجاد على إعلانها رسميا والاعتراف الدولي بها وقبول عضويتها الفاعلة في كل المنظمات والهيئات الدولية، وأن القدس ليست فقط مجرد أرض محتلة، أو قضية وطنية فلسطينية، أو قضية قومية عربية، بل هي أكبر من كل ذلك، فهي حرم إسلامي- مسيحي مقدس، وقضية عقدية إسلامية- مسيحية.
وشدد البيان على أن عروبة القدس أمر لا يقبل العبث أو التغيير وهي ثابتة تاريخيا منذ آلاف السنين، ولن تفلح محاولات الصهيونية العالمية في تزييف هذه الحقيقة أو محوها من التاريخ، ومن أذهان العرب والمسلمين وضمائرهم فعروبة القدس ضاربة في أعماقهم لأكثر من خمسين قرنا.
وأعلن مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس، في بيانه الختامي الرفض القاطع لقرارات الإدارة الأميركية الأخيرة والتي لا تعدو بالنسبة للعالم العربي والإسلامي وأحرار العالم، أن تكون حبرا على ورق، فهي مرفوضة رفضا قاطعا وفاقدة للشرعية التاريخية والقانونية والأخلاقية التي تلزم الكيان الغاصب بإنهاء هذا الاحتلال وفقا لقرارات الأمم المتحدة الصادرة في هذا الشأن.
وحذر المؤتمر العرب والمسلمين وأحرار العالم في الشرق والغرب، من أن هذا القرار إذا لم يسارع الذين أصدروه إلى التراجع عنه فورا فإنه سيغذي التطرف العنيف، وينشره في العالم كله.
كما أكد البيان وجوب تسخير كل الإمكانات الرسمية والشعبية العربية والدولية (الإسلامية، المسيحية، اليهودية) من أجل إنهاء الاحتلال الصهيوني الغاشم الظالم لأرض فلسطين العربية.
ودعا حكومات دول العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني إلى التحرك السريع والجاد لوقف تنفيذ قرار الإدارة الأميركية، وخلق رأي عام عالمي مناهض لهذه السياسات الجائرة ضد الحقوق والحريات الإنسانية.
وأعلن المؤتمر دعمه صمود الشعب الفلسطيني الباسل وانتفاضته في مواجهة هذه القرارات المتغطرسة بحق القضية الفلسطينية ومدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، كما حيا روح التلاحم الشعبي بين مسلمي القدس ومسيحييهم، ووقوفهم صفا واحدا في مواجهة هذه القرارات والسياسات والممارسات الظالمة وشدد البيان على وقوف الجميع مع الفلسطينيين حتى يتحرر القدس الشريف. ودعا إلى مواصلة الهبة القوية التي قامت بها الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم، للضغط على الإدارة الأميركية للتراجع عن هذا القرار المجافي للشرعية الدولية، كما حيا الموقف المشرف للاتحاد الأوروبي وكثير من الدول التي رفضت القرار الأميركي الجائر بحق القدس، وساندت الشعب الفلسطيني.
وأكد البيان الختامي لمؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس دعم مبادرة الأزهر بتصميم مقرر دراسي عن القدس الشريف يدرس في المعاهد الأزهرية وجامعة الأزهر، استبقاء لجذوة قضية القدس في نفوس النشء والشباب، وترسيخا لها في ضمائرهم، مع دعوة القائمين على مؤسسات التعليم في الدول العربية والإسلامية وفي سائر بلدان العالم، وكل الهيئات والمنظمات الفاعلة، إلى تبني مثل هذه المبادرة.
ودعم المؤتمر في بيانه الختامي وثيقة الأزهر الشريف عن القدس الصادرة في 20 نوفمبر 2011، والتي شددت على عروبة القدس، وكونها حرما إسلاميا ومسيحيا مقدسا عبر التاريخ، كما حث المؤتمر عقلاء اليهود للاعتبار بالتاريخ، الذي شهد على اضطهادهم في كل مكان حلوا به إلا في ظل حضارة المسلمين، وأن يعملوا على فضح الممارسات الصهيونية المخالفة لتعاليم موسى عليه السلام التي لم تدع أبدا إلى القتل أو تهجير أصحاب الأرض، أو اغتصاب حقوق الغير وانتهاك حرماته وسلب أرضه ونهب مقدساته.
واعتمد المؤتمر اقتراح الأزهر أن يكون عام 2018 عاما للقدس الشريف، ودعا كل الشعوب بمختلف مرجعياتها وهيئاتها ومؤسساتها إلى تبني هذه المبادرة، خدمة لقضية القدس بمختلف أبعادها.
وقرر المؤتمر تشكيل لجنة مشتركة من أبرز الشخصيات والهيئات المشاركة في هذا المؤتمر لمتابعة تنفيذ التوصيات على أرض الواقع ومواصلة الجهود في دعم القضية الفلسطينية وبخاصة قضية القدس، وعرضها في كل المحافل الدولية الإقليمية والعالمية.
واختتم شيخ الأزهر البيان الختامي للمؤتمر بالتأكيد على أن «للقدس رب يحميه وينصره وسينصره إن شاء الله».
وكان مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس استعرض في يومه الختامي امس الدور السياسي لاستعادة الوعي بقضية القدس والتأكيد على عروبتها، وحماية المسجد الأقصى من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
وعقد المؤتمر ٤ جلسات في اليوم الثاني والاخير من فعالياته التي انعقدت تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، بحضور فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، وشخصيات دينية وسياسية وخبراء من نحو 86 دولة.
وأكد د.عبدالعزيز التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم - خلال الجلسة الأولى امس - أهمية استعادة الوعي المؤثر دوليا بقضية القدس، والوقوف ضد مناورات تزوير قضية القدس ومخالفة قرارات الأمم المتحدة، مبينا أن استعادة الوعي مهمة أصحاب القضية على الأرض أهل القدس وبمساندة العالم كله.
بدوره، أشاد السفير مصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية السوداني السابق بدور الأزهر لدعم قضية القدس والمسجد الأقصى، موضحا أهمية المؤتمر «لدق ناقوس الخطر لتلك القضية مع بدء إجراءات التقسيم للمنطقة مما يستدعى تعزيز الجهود العربية والإسلامية ومواجهة تلك الأزمة».
من جانبها، أشارت د.فاديا كيوان المدير السابق لمعهد العلوم السياسية بجامعة القديس يوسف بلبنان إلى ما وصفته بالوهن السياسي العربي من خلال الحروب التي أنهكت بعض الدول، مطالبة برؤية وقيادة سياسية حكيمة، ولم الشمل العربي والفلسطيني، وتشكيل كتلة عربية قوية من خلال التنسيق بين مؤسسات العمل العربي المشترك تواجه المتغير في السياسة الأميركية وآخرها قرار نقل السفارة للقدس.
بدوره، أكد د.مصطفى حجازي مستشار رئيس الجمهورية السابق أهمية التنوير والعلم والمعرفة للتوعية بالقدس مع الوعي بالمتغيرات التي تحيط بالأمة العربية والعمل على مواجهتها، والحد من آثارها السلبية على نصرة قضايانا وأهمها القدس.
من جانبه أكد د.مفيد شهاب، وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية الأسبق، خلال الجلسة الثانية للمؤتمر أمس أن الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل في القدس المحتلة والقرار الأميركي الأخير بنقل السفارة الأميركية إلى القدس قرارات باطلة ولا يترتب عليها أي أثر، كما أكد أن البعد القانوني للقضية الفلسطينية واضح بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن أن القدس الشرقية أرض محتلة وأن أي قرارات تتخذها إسرائيل ويترتب عليها تغيير في المدينة أو بناء مستوطنات أو تغيير في تاريخ أو جغرافيا المنطقة هي والعدم سواء.