لم يكن عمير بن سعد يؤثر على دينه احدا ولا شيئا، فقد سمع قريبا له اسمه «جلاس بن سويد بن الصامت» يقول: «لئن كان الرجل صادقا، لنحن شر من الحمر» وكان يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتاظ واحتار، أينقل ما سمعه منه للرسول صلى الله عليه وسلم؟ كيف والمجالس بالامانة؟ ايسكت عما سمع؟ ولكن حيرته لم تطل، وتصرف كمؤمن تقي، فقال لجلاس: والله يا جلاس انك لمن احب الناس الي، واحسنهم عندي يدا، وأعزهم علي ان يصيبه شيء يكرهه، ولقد قلت الآن مقالة لو اذعتها عنك لآذتك، ولو صمت عليها ليهلكن ديني، وان حق الدين لأولى بالوفاء، واني مبلغ رسول الله ما قلت، وهكذا ادى عمير لامانة المجلس حقها وادى لدينه حقه، كما اعطى لجلاس الفرصة للرجوع الى الحق، بيد ان جلاس اخذته العزة بالاثم وغادر عمير المجلس وهو يقول: «لابلغن رسول الله قبل ان ينزل وحي يشركني في اثمك» وبعث الرسول صلى الله عليه وسلم في طلب جلاس فأنكر وحلف بالله كاذبا، فنزلت آية تفصل بين الحق والباطل قال الله تعالى: (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا الا ان اغناهم الله ورسوله من فضله، فإن يتوبوا يك خيرا لهم وان يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الارض من ولي ولا نصير) التوبة: 74 فاعترف جلاس بما قاله واعتذر عن خطيئته، واخذ النبي بأذن عمير وقال له: «يا غلام، وفت اذنك وصدقت ربك».