عندما ترك موسى عليه السلام بلاد مصر واتجه الى بلاد بيت المقدس وجد فيها قوما من الجبارين من الحيثانيين والكنعانيين وغيرهم، فأمر عليه السلام قومه بالدخول عليهم ومقاتلتهم واجلائهم عن بيت المقدس، فخافوا من هؤلاء الجبارين، فذمهم الله في تخاذلهم وعاقبهم بالتيه على ترك جهادهم ومخالفتهم رسولهم فكانوا يسيرون في الارض الى غير مقصد ليلا ونهارا وصباحا ومساء، يذكر تعالى انه انزل عليهم في حال شدتهم وضرورتهم في سفرهم في الارض التي ليس فيها زرع ولا ضرع، منا من السماء يصبحون فيجدونه فأخذون منه قدر حاجتهم في ذلك اليوم الى مثله من الغد، فيصنعون منه مثل الخبز، وهو في غاية البياض والحلاوة فاذا كان آخر النهار غشيهم طير السلوى فيقتنصون منه بلا كلفة ما يحتاجون اليه حسب كفايتهم لعشائهم، واذا كان فصل الصيف ظلل الله عليهم الغمام وهو السحاب الذي يستر عنهم حر الشمس وضوءها الباهر وجعل لهم ثيابا لا تلبس ولا تتسخ وجعل بين ظهرانيهم حجرا مربعا وامر موسى فضربه بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا في كل ناحية ثلاث اعين، واعلم كل سبط عينهم التي يشربون منها فلا يرتحلون محلة الا وجدوا ذلك الحجر بينهم بالمكان الذي فيه بالمنزل الاول بالامس، قال تعالى: (يا بني اسرائيل قد انجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الايمن ونزلنا عليكم المن والسلوى، كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى، واني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى).