-
الإســلام كـرّم المـرأة وأعلى من شأنها وجعلها مساوية للرجل
-
القـرآن الكريـم مجّد العلم ودعا إليه وأشرف العلم ما ابتغيت به معرفة الله تعالى
أكد الداعية د.محمد سعيد البوطي أن السبيل الى الخروج من نفق التخلف الذي يعيشه المسلمون الآن هو العودة إلى القرآن الكريم والسنة والبعد عن تقليد الغرب. وقال في حواره مع «الإيمان» اثناء زيارته الأخيرة إلى الكويت ان الحوار والتلاقح والتبادل بين الثقافات حث عليه الله تعالى في كتابه العزيز، واشار البوطي إلى أن حقوق المرأة في الإسلام واضحة وأنها مكرمة معززة كما ذكر الله. وتطرق إلى أهمية العلم حيث إننا «أمة اقرأ» كما تحدث عن عدة قضايا هامة.. وإلى نص الحوار:
هناك من يرى أن السبيل للخروج من حالة التخلف لا تكون إلا باتباع الغرب وتقليده فما ردكم؟
نعم هذه هي مرحلة كان فيها جزء كبير من نخبة البلاد العربية والإسلامية لا يرى سبيلا للخروج من حالة التخلف إلا بتقليد الغرب، ولا يرى مسارا للنهوض إلا باعتناق الفكر المادي الغربي وتجاوز الفكر الديني، ولا سبيل لبناء دولة الحق والقانون إلا باعتناق العلمانية الغربية ولا سبيل لتحقيق التحضر والتمدن إلا بتقليد نمط الغرب في العيش، غير ان هذه المؤشرات تؤذن بوضع حد لحالة الافتتان يوما بعد يوم وأن ابناء المسلمين بمن فيهم اولئك الذين تربوا في المجتمعات والمدارس والجامعات الغربية اصبحوا اكثر اعتزازا وتشبثا من ذي قبل بانتمائهم للإسلام، بل أصبح ابناء الغرب اكثر اقبالا وتعرفا على الدين الاسلامي وثقافته وقيمه.
الحوار المتبادل
وما هو المطلوب في المرحلة الحالية؟
التواصل والاجتهاد المستمر من أجل انتاج فكر إسلامي إنساني مستوعب وبلورة خطاب قادر ليس فقط على تفنيد دعاوى أعداء الإسلام وخصومه مؤكد على البراءة من التشدد والغلو ولكنه ايضا يركز ويؤكد بالأساس على معاني التعارف بين الشعوب والأمم عن طريق الحوار والتلاقح والتبادل بين الثقافات مصداقا لقوله تعالى (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عن الله أتقاكم إن الله عليم خبير).
كيف يستعيد المسلمون أمجادهم السابقة كمصدر للقوة؟
تؤكد سنة الله في عباده أن مصدر القوة في حياة المسلمين يتمثل في تآلفهم وتضامنهم وسريان روح التناصر فيما بينهم فذاك هو الذي يكسبهم القوة بعد الضعف ويمتعهم بالغنى بعد الفقر، ويجعل للسلاح الذي تحت ايديهم فاعليته النافذة.
وارى ان الوازع الديني كلما ازداد قوة في النفس ازدادت الأمة تضامنا وازدادت تعاونا في سبيل الخير ودرء الشر وازدادت عوامل الود فيما بينها، وكلما ضعف الوازع الديني وتراجع تراجع التضامن جراء ذلك في حياة الأمة.
لذلك فإن سبب تخلف المسلمين والابتلاءات والمصائب التي تحط بهم اعراضهم عن الاسلام عن الالتزام بشرائعه واحكامه (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا).
كثير من المعادين للإسلام يطعنون في الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة ويعتبرونها غير كاملة فما تعليقكم؟
خاطب الله تعالى كلا من الرجل والمرأة في القرآن على مستوى واحد من الخطاب التكريمي وعلى مستوى واحد من التنويه بالقيمة الإنسانية التي يشتركان فيها فهو يقول مثلا: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) ويقول: (إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) ويقول: (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما).
كما قرر القرآن الولاية المتبادلة بين الرجل والمرأة فجعل من الرجل مسؤولا عن رعاية المرأة وجعل من المرأة مسؤولة عن رعاية الرجل إذ يقول تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر). كما يقرر الإسلام طائفة من الواجبات يفرضها على كل من الرجل والمرأة كما يقرر طائفة من الحقوق يمتع بها كلا منهما.
شهادة امرأتين
لماذا اشترط الشرع في الشهادة شهادة امرأتين في مكان شهادة الرجل؟
هذا في قضايا المال وليس عائدا ذلك إلى أنوثة المرأة كما يتوهم البعض وإنما هو عائد إلى شرط أساسي في الشهادة وهو أن تكون للشاهد صلة وثيقة بالموضوع الذي يشهد فيه رجلا كان أو امرأة، فإذا كان موضوع الخصومة مما تكون صلته بالمرأة أشد ودرايتها به أعمق فالأولوية في ذلك لشهادة المرأة كمسائل الحضانة والنسب والرضاع وإذا كان مما صلته بالرجال أوثق فالاولوية في ذلك لشهادتهم كمسائل الجريمة والسطو والقتل.
حق الابتكار
هل الجهد الفكري في التأليف يورث صاحبه في ميزان الشرع، أي اختصاص حاجز يتضمن معنى الحق؟
نعم ومن أبرز ما يدل على ذلك ما هو ثابت من حرمة انتحال الرجل قولا لغيره أو اسناده إلى غير مصدره، بل كانت الشريعة ولا تزال قاضية بنسبة الكلمة والفكرة الى صاحبها لينال هو دون غيره أجر ما قد تنطوي عليه من خير وليتحمل وزر ما قد تجره من شر، بل قد ذهب الامام احمد في تحديد هذا الاختصاص وتفسيره مذهبا جعله يمنع من الاقدام على الاستفادة بالنقل والكتابة عن مقال أو مؤلف عرف صاحبه الا بعد الاستئذان منه فقد روى الغزالي ان الإمام أحمد سئل عمن سقطت منه ورقة كتب فيها أحاديث أو نحوها أيجوز لمن وجدها ان يكتب منها ثم يردها؟ قال: لا بل يستأذن ثم يكتب.
إذن فالتأليف يورث صاحبه حقا يتعلق بعمله الذي هو ثمرة جهد فكري او علمي.
العلم
تحدث القرآن الكريم عن العلم فهل المقصود به هو العلم الشرعي فقط؟
من الناس من يصر على ان القرآن الكريم نظرا لكونه المصدر الاول للاسلام وكونه البيان المعرف به واللسان الناطق بأهميته والداعي اليه، فينبغي ان يكون مقصوده بالعلم ادراك حقائق هذا الدين بدءا من اليقين بالله ووحدانيته وما يتبعه من الايمان بالنبوات والرسالات الالهية، وانتهاء بمعرفة السنن وضوابطها والشريعة واصولها، اذ ان اهمية العلم تكمن في كونه مقربا الى الله. وانما يقرب الانسان الى الله عز وجل نوع واحد هو العلم بالله وشرائعه واحكامه ولربما كان كل ما عداه شاغلا عن الله وصادا عن سبيل التقرب اليه، وعندما عدت الى السور التي يمجد فيها القرآن العلم ويدعو إليه فرأيت ان كثيرا من هذه السور تنزل في مكة اي قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة وفي مقدمتها (اقرأ باسم ربك الذي خلق) وقوله تعالى: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وقوله (ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق) وقوله (ذلك مبلغهم من العلم ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى)، فكيف يستقيم ان يكون المعني بالعلم في هذه الآيات وامثالها العلم بشرائع الله تعالى واصولها وبالسنة النبوية وضوابطهما مع ان هذه المعارف لم تكن قد ظهرت او ولدت بعد، اذ انها بدأت تظهر بعد ان هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة ففيها ظهر التشريع وتكاملت السنة وتوالت سلسلة علوم القرآن، فالعلماء متفقون على ان اشرف العلوم ما ابتغي به معرفة الله وقام به الدليل على وحدانيته فإنهم يتفقون ايضا على ان العلم من حيث هو بقطع النظر عن انواعه الكثيرة شريف ومطلوب.
فرق كبير
وما الفرق بين تجديد الدين والتبديل فيه؟
يتبين معنى التجديد جليا إذا وقفنا وقفة دراية وتدبر عنه كلمة الدين فمن المعلوم ان الدين هو الدينونة والخضوع المطلق للمعبود بحق وهو الله عز وجل والتجديد مسلط عليه اي على الدين ذاته لا على مبادئه واحكامه وانما يتمثل عمل من يبعثهم الله لتجديد الدين اذن في حمل الناس على تجديد بيعتهم لله وعلى العودة الى الانضباط بهديه واحكامه بعد طول تفلت وشرود واصلاح ما تصدع من صرحه وتمتين ما ضعف من دعائمه وسد ما تفتح من ثغرات في مفاهيمه وتخريج احكام المستجدات من الحوادث والمصالح والاعراف على كليات القواعد الفقهية والمبادئ الاصولية وقواعد تفسير النصوص دون اي عبث بها ودون اي استجرار لها الى ما تتطلبه الرغبات والاهواء وحظوظ النفس ومغانم الدنيا.