عرف العرب قبل الإسلام بعض قبائل الهند مثل الزط (جات) والميدا وهما قبيلتان من قبائل السند عرفتا بالغزو فجندهما الفرس، وربما كثر احتكاكهما بالعرب.
وكانت التجارة العربية مع الهند تسير برا من مصر والشام على ساحل البحر الأحمر الى اليمن، ثم تبدأ الرحلة البحرية عن طريق حضرموت وعمان والبحرين الى كراتشي، أو عن طريق المحيط الهندي الى موانئ الهند، ولما جاء الإسلام استمرت صلة الهند قوية بالعرب، وهناك كلمات من اللغة الهندية موجودة في القرآن الكريم، وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم مثل مسك وزنجبيل وكافور، وقد أهدى بعض ملوك الهند للرسول صلى الله عليه وسلم جرة فيها زنجبيل فأطعم الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه منها. ولأن نشاط العرب كان تجاريا فإن لنا ان نتوقع ان يقتصر اتصالهم على السواحل الهندية التي كانوا يعرفونها جيدا، ويعرفون المدن الواقعة على الساحل الطويل لبحر العرب، كما كانوا ينطلقون من هذه البلاد الى ما وراءها فيذهبون الى خليج البنغال، وبلاد الملايو وجزر اندونيسيا.
ازدهار التجارة
أقام بعض التجار العرب في الموانئ والمدن الساحلية الهندية، واستوطنت جاليات عربية هناك قبل الفتح الإسلامي لهذه البلاد، وكذلك كان هناك هنود أقاموا بين العرب، وأخذوا عنهم لغاتهم، وتعلموا لسانهم، وعرفوا بينهم، واشتهروا بألقابهم مثل الزط والميدا والتكاكرة.
وبعد قيام دولة الإسلام، ازدهرت العلاقات التجارية بين بلاد الهند والسند، وبين البلاد العربية، ففي عهد أبي بكر رضي الله عنه استطاع العرب ان يدخلوا بلاد الشام والعراق، وقد أقر أبوبكر أباالعلاء بن الحضرمي على ولاية البحرين أحد مراكز التجارة العربية مع الهند والصين، وفي عهد عمر رضي الله عنه دخلوا بلاد إيران حتى وصلوا الى خليج العرب، وكانت هذه المنطقة في أيدي أقوام عظيمة، فقد كان الخليج العربي مركزا تجاريا في أيدي الفرس، ومنه كانت السفن التجارية تتحرك نحو بلاد السند والهند، والصين، حاملة أنواع البضائع من جهة الى جهة أخرى، وبالعكس.
ولما استولى العرب على هذه البلاد وفتحوها راجت تجارة العرب مع بلاد السند والهند حتى فتح العرب بلاد السند.
فتح السند
وفي سنة 591 اختار الحجاج صهره وابن أخيه (عمادالدين محمد بن القاسم الثقفي)، الذي كان واليا على الري ببلاد فارس، وعينه قائدا عاما على الجيش الإسلامي، الذي تقرر قيامه بفتح بلاد السند.
وقد اقترن اسم محمد بن القاسم ببلاد السند، فهو الفاتح الحقيقي الأول لها، حيث كانت ملجأ للخارجين عن الدولة الإسلامية، وكان أهلها كثيرا ما يعتدون على سفن المسلمين في البحر، مما دعا الحجاج بن يوسف والي العراق للوليد بن عبدالملك الى ان يُلح على الوليد بفتح تلك البلاد، فأذن له الوليد بذلك فجهز جيشا كبيرا قوامه عشرون ألف مقاتل، وعين محمد بن القاسم قائدا لذلك الجيش، وكان عمره سبع عشرة سنة.
وتحركت الجيوش الإسلامية من بلاد فارس عن طريق الساحل، وفي الوقت نفسه تحركت السفن من البصرة تحمل العتاد والرجال، وقد اكتمل وصول الجيوش البرية والبحرية الى (الديبل)، وعسكر محمد بن القاسم على أسوارها وحاصرها، وضربها بالمنجنيقات، وأتلف أسوارها، وهدم المعبد البوذي فيها، لأنه كان يستغل لأهداف عسكرية، وتمكن من دخولها عنوة، فهرب أميرها، فبنى المسلمون بها مسجدا، وأقامت بها جماعة منهم، ثم تقدم ابن القاسم شمالا في بلاد السند وتمكن من فتح العديد من المواقع.
وعندما قام ابن القاسم بحملته كان المسلمون قد نجحوا في فتح بعض المناطق في جنوب أفغانستان الحالية، ثم كانـــت حملـــة ابن القاســــم، الذي أتم الله على يديــــه نعمة نشر الإسلام في كل مناطق السند، ودخــــول أهلها في دين الله أفواجا.
وســــــار المسلمـــون يفتحون في بلاد السند حتى وصلوا الى «الملتــان»، وتمكنــــوا من فتحها عنوة، وكان بها معبد للبوذية يحــــج اليه أهل السند، ويستغل في أغراض عسكرية، فهدمه المسلمون وحطموا أصنامه واستقر ابن القاسم في «الملتان» وصارت مركزا رئيسيا للمسلمين.