(سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم ـ البقرة: 142-143).
يقول فيها المفسرون: إنها نزلت في تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى البيت الحرام بمكة المكرمة.
وذلك أنه لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يتوجه في صلاته نحو الكعبة، فأنزل الله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولنيك قبلة ترضاها).
فقال السفهاء من الناس ـ وهم اليهود ـ ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ قال الله تعالى ردا عليهم: (قل لله المشرق والمغرب، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم).
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء والابتهال الى الله ان يوجهه جهة الكعبة، التي هي قبلة ابراهيم عليه السلام فاستجاب الله له وأمره بالتوجه الى البيت العتيق فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس وأعلمهم بذلك، وكانت أول صلاة صلاها جهة البيت الحرام هي صلاة العصر، وكان ذلك بمسجد بني سلمة ولذا سمي مسجد القبلتين.
وكان رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ماتوا على القبلة الأولى، فجاءت عشائرهم فقالوا: يا رسول الله توفي إخوان لنا، وهم يصلون الى القبلة الأولى، وقد صرفك الله عنها، إلى قبلة ابراهيم فكيف بإخواننا؟ فأنزل الله تعالى: (وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم).