بقلم: حاي الحاي
من سماحة الإسلام ويسره أنه جعل للمسافر أحكاما خاصة، كقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، وجواز الجمع بين الصلوات (الظهر والعصر) و(المغرب والعشاء) تقديما أو تأخيرا، والمسح على الخفين مدة ثلاثة أيام بلياليها.
وهذه المسألة - أعني مدة قصر الصلاة في السفر – اختلف أهل العلم فيها وتعددت مذاهبهم والأمر الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن من سافر أربعة أيام، أو عشرة أيام، أو شهرا أو أكثر فله الرخصة في قصر الصلاة الرباعية والجمع إذا شاء.
فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ إذا خرج من بيته مسافرا صلى ركعتين ركعتين حتى يرجع «إسناده صحيح: أبو داود الطيالسي في المسند وأخرجه الضياء المقدسي».
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ: «كان يجمع بين الصلاتين في السفر» أخرجه البزار في مسنده وقال عنه العلامة الألباني في الصحيحة «هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات».
وعن أبي مجلز قال: كنت جالسا عند ابن عمر فقلت: «يا أبا عبدالرحمن آتي المدينة طالب حاجة فأقيم بها السبعة الأشهر والثمانية كيف أصلي؟ قال: ركعتين ركعتين» صحيح أخرجه عبد الرزاق من طريق ابن المنذر.
وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته. أخرجه مالك في الموطأ وهو صحيح، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «إذا أقمت في بلد خمسة أشهر فأقصر الصلاة» أخرجه ابن أبي شيبة وهو صحيح، وما أجمل كلام شيخ الإسلام رحمه الله حيث قال: «وأما القصر فلا ريب أنه من خصائص السفر«.
قلت: ما أبلغ هذه العبارة لاشك أنها من الكلم المشرق الذي يتجلى فيه فقه شيخ الإسلام رحمه الله، ولي رسالة سميتها «تنبيه أولي النظر في فقه قصر الصلاة في السفر» أوردت فيها آثارا كثيرة عن الصحابة والتابعين وأقوال الأئمة في أن الراجح هو من سافر أكثر من أربعة أيام أن يقصر الصلاة وإن شاء أن يجمع، وستطبع الرسالة قريبا بإذن الله.
منكرات السفر
1 - ذهاب المرأة بدون محرَم إما جهلا أو تهاونا واستهتارا وهذا مُحرَّم.
2 - السفر إلى الدولة الأوروبية الأجنبية للسياحة والإقامة وذلك لما فيها من انتشار الفساد والمخدرات.
3 - ومن المنكرات ما تقوم به بعض المسافرات الجاهلات من نزعهن لحجابهن بمجرد ركوبهن الطائرة أو مغادرة بلادهن.
4 - ومن أخطر المنكرات التي يقع فيها المسافرون من الشباب ارتياد أماكن الفساد وبيوت الدعارة والرذيلة وقد حذر الله تعالى عباده الصالحين من الوقوع في الفاحشة فقال: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا)، ودخول الشباب إلى البارات والمراقص والملاهي الليلية حيث يختلط الرجال مع النساء وتدار الخمور والمخدرات وتستباح بين الجالسين لما رواه الحاكم في مستدركه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر«هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه».
ومن المنكرات أيضا: زيارة أماكن وبقاع الذين عذبوا من الأمم السابقة «قوم لوط وثمود وعاد وفرعون... إلخ» وهذا منهي عنه لقوله ﷺ: «لا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم» رواه الشيخان، فالدخول على هؤلاء الذين عصوا الله تعالى وكفروا به وحاربوا رسله فجاءهم العذاب بغتة أما بصاعقة أو ريح مدمرة أو إغراق في البحر أو رجم بالحجارة من السماء، فلو حدث للمسلم أن مر بديار المعذبين فإنه يسرع السير كما فعل ﷺ لما مر (بالحِجر) وهي ديار ثمود، ولما مر بوادي (محسر) وهو الوادي الذي أرسل الله تعالى الطير الأبابيل على أبرهة وجنده.