في ليلة من الليالي، أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة من النوم، ثم قام من نومه وهو يقول:
«زيد وما زيد، جندب وما جندب».
فتعجب المسلمون وقالوا: يا رسول الله، ما خبر زيد، وجندب؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هما رجلان من أمتي، أما أحدهما فتسبقه يده الى الجنة، ثم يتبعها سائر جسده، وأما الآخر فيضرب ضربة تفرق بين الحق والباطل».
ثم مضت السنون، وكاد الناس ينسون خبر زيد وجندب، حتى كان اليوم الرابع من أيام القادسية، يومها الحاسم الأخير، وهو يوم الأحد السادس عشر من شعبان من العام الخامس عشر للهجرة (22 من سبتمبر 636م)، فارتفع صوت القعقاع بن عمرو رضي الله عنه ينادي المسلمين: يا معاشر المسلمين، إن الهزيمة بعد ساعة لمن تتخاذل، فاصبروا ساعة ولا تنخذلوا، واحملوا على عدوكم، فإن النصر مع الصبر.
وما هي إلا لحظات حتى كان أبطال الإسلام يتدافعون نحو عدوهم، واحتدم القتال على أشد ما يكون القتال، وتطايرت الرؤوس من غير حساب، وتناثرت الأشلاء فوق كل شبر على أرض المعركة، وبلغ عدد شهداء المسلمين في يوم القادسية الحاسم ستة آلاف شهيد.
وفي احدي ساحات المعركة كان زيد بن صوحان رضي الله عنه يدك بعزماته المؤمنة صفوف الكافرين، ويثخن فيهم الجراح، فتجمع عليه عدد من الفرس، فحاصروه فثبت لهم، وظل يقاتلهم وحيدا، حتى تمكن أحدهم منه، فضربه بسيفه ضربة قطعت يده من أعلى الكتف، فوقعت على الأرض، وتحامل زيد على جرحه، وظل يقاتل بيده الأخرى، حتى تمكن من الوصول الى مواقع المسلمين لتتلقفه الأيدي المؤمنة تضمد جراحه، وهو لا يفتأ يدعو الله عز وجل ان تتحقق فيه رؤيا رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه، فيلحق جسده بيده الى الجنة.