تتميز الأسرة المسلمة في حياتها الزوجية بأن أحكام الإسلام وآدابه هي التي تسود فيها دون غيرها والجو الذي يسود الحياة الزوجية داخل الأسرة المسلمة يوجه الكل لصالح الأبناء ولإعداد الولد الصالح الذي يدعو لوالديه بعد موتهما، ويكون من سواد الأمة المسلمة التي سيفاخر بها النبي صلى الله عليه وسلم الأمم يوم القيامة، ولكن كيف تكون الأسرة هي المحضن الأول الذي سيكون أساس التربية الصالحة؟ هذا ما يحدثنا به المستشار النفسي والتربوي د.مصطفى سعد.
بداية كيف يكون إنجاب الأبناء طريق الجنة للأبوين؟
بأن تتولى الأسرة تربيتهم تربية صالحة، ففي الحديث ان من رزقه الله 3 بنات فرباهن فأحسن تربيتهن كن له حجابا من جهنم يوم القيامة، ومن أنجب أبناء وفقدهم فصبر كانوا له ججابا من النار، وهو مفلح وفائز في كلتا الحالتين، وانما الشرط عند الفقد ان يصبر ويحتسب. فعلى الزوجين ان يقيا نفسيهما من النار بإنجابهما الأبناء وتربيتهم وأن يقيا أبناءهما النار كذلك كثير من المسلمين يغفلون عن هذا فنجدهم يفدون أبناءهم بكل شيء لإنقاذهم من الموت والفراق ولا يبذلون شيئا لإنقاذهم من فراق الابن يوم القيامة وهم يعلمون انه في ذلك اليوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) كما ان على الوالدين ضرورة العمل على ابراز الميل الفطري الذي يكون في الآباء والأمهات، هذا الميل هو ان يكون أبناؤهم أفضل منهم فيعمل الأبوان على ابراز هذه الأفضلية في مجالات العلم والتقوى والصلاح والفضل لا في مجالات المال والدنيا فحسب.
الصبغة الإسلامية
كيف يؤثر الجو الأسري على تكوين الأطفال؟
الجو الأسري السوي يعتبر مكانا صالحا لنشوء الأبناء وتربيتهم، وهذا الجوهر ما يعرف بالسلوك العام الذي يسود داخل البيت فالأسرة المسلمة يجب ان تتميز عن غيرها بالصبغة الإسلامية في كل شيء وان تكون الأحكام الإسلامية سائدة في البيت.
وما تلك الأحكام الإسلامية التي يجب ان تسود البيت المسلم؟
ان يسود الحجاب داخل البيت (عند الحاجة) وخارجه وهذا أصل عظيم تتفرع من أحكام كثيرة منها ان المرأة المسلمة لا تعمل إلا لضرورة وفي عمل يناسبها، كما ان الأصل فيها انها لا تجاهد وإن جاهدت كانت في مؤخرة الصفوف تقوم بما يناسبها من أعمال، كما ان الأصل في المرأة انها لا تتولى شؤون الأسرة الخارجية إلا لضرورة تقدر بقدرها وهناك أحكام أخرى كثيرة ويكفي ان نعلم قاعدة الإسلام في مثل هذه الأحكام فهو عندما يضع أصلا من الأصول الكبيرة من جانب ما، يمنع كل ما يؤدي الى هذا، كما انه لو وضع أصلا من الأصول يراعى عند وضعه الأغلبية المتوسطة ولا يلتفت الى الأقلية المتفوقة وهذا من واقعية تشريعاته.
الخلافات
كيف يمكن القضاء على الخلافات الزوجية بين زوجين مسلمين؟
يمكن للزوجين ان يقللا هذه الخلافات في حياتهما حتى تصل الى حد الندرة والاختفاء التام وذلك بأن يكون لهما تكوين إسلامي صالح قبل ان يقترنا وان يضعا لهما مجموعة من القواعد في التعامل يتفقان على الالتزام بها معا، وتستوعب هذه القواعد كل ما يؤدي الى الخلاف فتضع له قوانينه وطرق التصرف عند حدوثه، ويحدثنا التاريخ ان شريحا القاضي قابل الشعبي يوما، فسأله الشعبي عن حاله في بيته، فقال له: منذ عشرين عاما لم أر ما يغضبني من أهلي، قال له كيف ذلك؟ قال شريح: من أول ليلة دخلت على امرأتي رأيت فيها حسنا وجمالا نادرا، قلت في نفسي فلأتطهر وأصلي ركعتين شكرا لله، فلما سلمت رأيت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي، فلما خلا البيت من الأصحاب والأصدقاء قمت اليها فمددت يدي نحوها فقالت: على رسلك يا أبا أمينة، كما أنت ثم قالت: الحمد لله أحمده واستعينه وأصلي على محمد وآله، واني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبين لي ما تحب فآتيه وما تكره فأتركه وقالت: انه كان لك في قومك من تتزوجه من نسائهم وفي قومي من الرجال من هو كفء لي، ولكن إذا قضى الله أمرا كان مفعولا، وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به «إمساك بمعروف أن تسريح بإحسان» أقول قولي هذا واستغفر الله لي ذلك.
قال شريح فأحوجتني والله يا شعبي الى الخطبة في ذلك الموضع فقلت الحمد لله أحمده واستعينه وأصلي على النبي وآله وسلم وبعد فانك قلت كلاما إن ثبت عليه يكن لك حظك وان تدعيه يكن حجة عليك، أحب كذا وكذا وما رأيت من حسنه فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها.
القوامة
وكيف تتحقق قوامة الرجل؟
على الرجل القوامة والاشراف العام على البيت وان تكون المرأة المسؤولة داخل البيت وهذا أصل عظيم تتفرع منه أحكام تفصيلية (الرجال قوامون على النساء بما أنفقوا) فالرجل مكلف بالإنفاق على زوجته وأولاده والاهتمام بأمورهم ومعاملتهم بالرفق والحسنى والنصيحة والحب.
ومتى يكون الأبناء والأموال فتنة؟
يقول الله تعالى (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) ومن فتنة الأولاد ان يدفعوا آباءهم الى ما لا يحتمل من النفقات فيضطر الأب للسرقة أو الرشوة أو أي وجه من وجوه الكسب الحرام أو يضطر في سبيل كسب أكبر من الحلال الى تضييع الفرائض وقد أثر عن بعض نساء السلف الصالح انهن كن يودعن أزواجهن في الصباح قائلات: اتقوا الله ولا تكسبوا إلا حلالا فإنا نصبر على الجوع في الدنيا ولا نصبر على النار.
ضرورة الصبر
وما نصيحتك للأسرة حتى تحافظ على تماسكها؟
ضرورة الصبر عند الخلاف وتحمل كل فرد للآخر فالأسرة المسلمة ليست أسرة مثالية خالية من المشاكل لكنها تتميز عن غيرها من الأسر بأن الزوج يصبر على ما يكره من زوجته كما ان الزوجة تصبر على ما تكره من زوجها فإنهما إن كرهما من نفسيهما شيئا رضيا أشياء. والتغلب على الخلاف داخل الأسرة المسلمة أمر ضروري لإنقاذ عش الزوجية من التمزق والضياع والحرص على سلامة الأبناء وتنشئتهم في أحسن الظروف والأجواء، ولهذا لما جاء أحد المسلمين الى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطلب منه الاذن في تطليق زوجته وسأله عن السبب قال اني لا احبها اجابه الفاروق عمر: ويحك وهل لا تبنى البيوت الا على الحب؟ اين الرعاية واين التراحم؟ كما ان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءه أحد المسلمين يريد ان يشكو زوجته له فلما وقف سمع زوجة أمير المؤمنين ترفع صوتها عليه فقفل راجعا فأدركه عمر فسأله عن سبب مجيئه فما أخبره قال له: يا أخي اني تحملتها لحقوق لها علي انها طباخة لطعامي غسالة لثيابي مربية لأطفالي وتعفني عن الحرام، لذا فهذه الخلافات هي قاعدة الحياة الزوجية وتنشب بين الحين والآخر وعند نشوبها لابد ان يتم التغلب عليها.