«إن الله جلّ ثناؤه لا يخزيه أبدا».
أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا الوضاح ـ وهو أبوعوانة ـ قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا عمرو بن ميمون، قال: إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط، فقالوا: إما أن تقوم معنا، وإما أن تخلونا يا هؤلاء ـ وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ـ قال: أنا أقوم معكم. فتحدثوا، فلا أدري ما قالوا، فجاء وهو ينفض ثوبه وهو يقول: أف وتف، يقعون في رجل له عشر، وقعوا في رجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله، لا يخزيه الله أبدا»، فأشرف من استشرف، فقال: «أين علي؟» قيل: هو في الرحا يطحن، وما كان أحدكم ليطحن، فدعاه وهو أرمد ما يكاد يُبصر، فنفث في عينيه، ثم هز الراية ثلاثا، فدفعها إليه، فجاء بصفية بنت حُييّ.
وبعث أبا بكر بسورة التوبة، وبعث عليا خلفه، فأخذها منه، فقال: «لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه». ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين وعليا وفاطمة، فمد عليهم ثوبا، فقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا».وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة، ولبس ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونام، فجعل المشركون يرمون كما يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يحسبون انه نبي الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبوبكر، فقال: يا نبي الله! فقال علي: ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قد ذهب نحو بئر ميمون فاتّبعه، فدخل معه الغار، وكان المشركون يرمون عليا حتى أصبح.
وخرج بالناس في غزوة تبوك، فقال علي: أخرج معك؟ فقال: «لا» فبكى، فقال: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، الا انك لست بنبي» ثم قال: «أنت خليفتي» ـ يعني في كل مؤمن بعدي ـ قال: وسد أبواب المسجد غير باب علي، فكان يدخل المسجد وهو جنب، وهو في طريقه ليس له طريق غيره.
وقال: «من كنت وليّه فعلي وليّه».
قال ابن عباس: وقد أخبرنا الله في القرآن انه قد رضي عن أصحاب الشجرة، فهل حدثنا بعد انه سخط عليهم؟
قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر حين قال: ائذن لي، فلأضرب عنقه ـ يعني حاطبا ـ فقال: «ما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم».
قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: «إنه مغفور لك»
أخبرني هارون بن عبدالله الحمّال البغدادي، قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن الزبير الأسدي، قال: حدثنا علي بن صالح، عن أبي اسحاق، عن عمرو بن مرة، عن عبدالله بن سلمة، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر لك ـ مع انه مغفور لك: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا هو العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش الكريم، الحمد لله رب العالمين».
«قد امتحن الله قلب علي للإيمان»
أخبرنا محمد بن عبدالله بن المبارك، قال: حدثنا الأسود بن عامر قال: حدثنا شريك، عن منصور، عن ربعي، عن علي قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم أناس من قريش، فقالوا: يا محمد! إنا جيرانك وحلفاؤك، وإن أناسا من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين، ولا رغبة في الفقه، إنما فروا من ضياعنا وأموالنا، فارددهم إلينا.
فقال لأبي بكر: «ما تقول؟» فقال: صدقوا، انهم لجيرانك وأحلافك، فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال لعلي: «ما تقول؟» قال: صدقوا، انهم لجيرانك وحلفائك، فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: «يا معشر قريش! والله ليبعثن الله عليكم رجلا منكم، قد امتحن الله قلبه للإيمان، فليضربنكم على الدين، أو يضرب بعضكم».
فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: «لا».
قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: «لا، ولكن ذلك الذي يخصف النعل».
وقد كان أعطى عليا نعله يخصفها.
«إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك»
أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا الأعمش، قال: حدثنا عمرو بن مرة، عن أبي البختري: عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وأنا شاب حديث السن، فقلت: يا رسول الله، انك بعثتني الى قوم يكون بينهم أحداث، وأنا شاب حديث السن، قال: «إن الله سيهدي قلبك، ويثبّت لسانك» فما شككت في قضاء بين اثنين.