قال حسان بن ثابت رضي الله عنه يعتذر من الذي قاله في شأن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها:
حصـــــان رزان ما تزن بريبـــة
وتصبــح غرثى من لحوم الغوافل
حليلة خير الناس دينا ومنصبا
نبي الهـــدى والمكرمات الفواضل
عقيلة حي من لؤي بن غالب
فرام المساعي مجدها غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها
وقــــاهـــا مــــن كل سوء وباطل
فان كنت قد قلت الذي قد زعمته
فلا رفعـــت صوتي إلي اناملي
وان الذي قد قيل ليس بلائط
بها الدهــــر بل قول امرء بيماحل
فكيف وودي ما حييت ونصرة
لآل نبـــــــــي الـــــله زين الــــمحافل
له رتب عال على الناس كلهم
تقاصر عـــــنـــه ســـورة المتطاول
رأيتك وليــــغفر لــــك الله حرة
من المحصنــات غــير ذات موائل
حصان رزان مـــــا تزن بريــــبة
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
وقد قام القارئ مشاري راشد العفاسي قبل سنوات بإنشاد هذه الأبيات الرائعة بصوته الشجي، ويمكن الاطلاع على الأنشودة عبر زيارته موقعه الرسمي www.alafasy.com
شرح المفردات
-
حصان رزان: العفيفة ذات الثبات والوقار.
-
تزن: تتهم.
-
غرثى: جائعة.
-
الغوافل: مفردها غافلة وهي التي لا ترتع في اعراض الناس.
-
الخيم: الاصل.
-
العقيلة: السيدة الكريمة.
-
لائط: لازم.
-
الماحل: من محل به الى السلطان وقيل انه قال شيئا لم يقله وافتري عليه.
-
الرتب: ما شرف من الأرض واستعاره المجد والشرف.
-
الغوائل: جمع غائلة وهو الشر والفساد.
ظروف النص:
مناسبة هذه القصيدة ذلك أن حسان رضي الله عنه قد زل لسانه في حادثة اتهام أم المؤمنين الفقيهة الشاعرة العالمة العفيفة الصبورة السيدة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها وقد تاب وندم وعفي عنه بعد أن برأ الله أمنا رضي الله عنها بقوله تعالى (الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) إلى قوله (أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم)، وكان في آخر عمرها يدخل عليها وينشد هذه القصيدة بين يديها، وهي من ابلغ قصائد التاريخ ومعانيها رائعة جميلة غاية في البلاغة وإنها لمن جوامع الكلام، وانك والله لتذرف عينك عندما تتأمل معانيها، حينما يذم شاعرنا المبجل نفسه وترى اثر الندامة تتخلخل من بين كلماتها البراقة والتوبة الصادقة من مفرداتها.