كان عبدالله بن المبارك، صاحب أبي حنيفة رضي الله عنهما، يحج سنة ويغزو أخرى، حدث عن نفسه قال: لما كانت السنة التي أحج فيها، خرجت بخمسمائة دينار الى موقف الجمال بالكوفة لأشتري جملا، فرأيت امرأة على بعض الطريق تنتف ريش بطة، احسبها ميتة فقلت: لم تفعلين هذا؟ فقالت: يا عبدالله، لا تسألني عما لا يعنيك. ثم قالت: يرحمك الله، أنا امرأة علوية، ولي أربع بنات مات أبوهن عن قريب، وهذا اليوم الرابع ما أكلن شيئا، وقد حلت لنا الميتة، فأخذت هذه البطة أصلحها واحملها الى بناتي، فقلت في نفسي، ويحك يا ابن المبارك، أين أنت من هذه؟ ابسطي حجرك، فصببت الدنانير في طرف ازارها وقلت لها: «عودي إلى بيتك فاستعيني بهذه الدنانير على اصلاح شأنك» ونزع الله من قلبي شهوة الحج، فصار كل من أقول له: قبل الله حجتك وشكر سعيك، يقول لي: وأنت قبل الله حجتك وسعيك، إنّا قد اجتمعنا بك في مكان كذا وكذا فبت متفكرا في ذلك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقول: «يا عبدالله لا تعجب فإنك أغثت ملهوفة من ولدي فسألت الله ان يخلق على صورتك ملكا يحج عنك!».