مع ارتفاع أسعار الحج في السنوات الأخيرة التي وصلت الى 70 ألف جنيه لجأ البعض الى حيل وطرق متنوعة للتواجد في الأراضي المقدسة أثناء وقت الحج حتى يقوموا بأداء مناسك الحج والعمرة، وكان من أبرزها في الفترة الأخيرة استخراج البعض تأشيرات عمل كوسيلة للتحايل على السلطات لأداء مناسك الحج والعمرة، وهو ما اعتبره العلماء تحايلا على الدين ورفضوه حتى في أصعب الظروف وأقصاها، بينما أفتت دار الإفتاء بأن الحج صحيح لكن مع وقوع صاحبه في الإثم.
فمن جانبها توضح دار الإفتاء ان هناك فرقا بين صحة الحج وجوازه: فإذا اكتملت أركان الحج وواجباته فالحج صحيح يسقط الفرض إن كان حجة الإسلام، ويحسب نفلا إن لم يكن حجة الإسلام، وأما جوازه فشيء آخر، فمن يحصل على تأشيرة عمل وكان عقد العمل لا يسمح للشخص بالحج، ولكنه خالف وقام بالحج فهذا إثم، لمخالفة شرط العقد، وما يترتب علي ذلك من الضرر الذي يلحق بالشخص وبالآخرين، مع كون الحج صحيحا إذا استوفى أركانه وشروطه.
بينما يري د.مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر ان استخدام تأشيرات العمل او الزيارة قبل موعد الحج بأشهر قليلة والاستمرار في البقاء في الأراضي المقدسة الى موعد الحج واستغلالها لغرض الحج من الأمور المرفوضة شرعا، ويعتبر تحايلا على الله عز وجل، حيث إن الله جعل الحج والعمرة وإن كان من أركان الإسلام حسب المقدرة المادية ولم يفرضهما كالصلاة والصوم على العموم فليس على غير المقتدر ماديا ان يلجأ لتلك الحيل واللجوء لأساليب غير شرعية لأنه بذلك يفسد المسألة برمتها، ويجعل حجه فاسدا.
وتقول د.آمنة نصير أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر ان تعمد التحايل على السلطات باستخدام تلك التأشيرات وهي تأشيرات الزيارة والعمل يعد مخالفة شرعية تستوجب بطلان الحج، وللأسف هو ما يلجأ إليه الكثير في السنوات الاخيرة تهربا من دفع مبالغ مالية حتى أن البعض من المقتدرين ماليا يلجأ لاستخدام تأشيرة زيارة لأحد الأقارب بالسعودية والتي يستمر فيها لموعد الحج ويستطيع وقتها أداء المناسك دون دفع رسوم وهذا أيضا مخالفة شرعية لأنه يتجاوز حقوق الغير.
وتضيف أنه طالما ان الإنسان مقتدر ماليا فعليه الحج بماله الخاص وليس بسلف من أحد، أما من لا يملك التكلفة المالية لأداء تلك الفريضة فليس عليه جناح والله أعلم بحاله فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولذلك ليس عليه ارتكاب ذلك الخطأ لأنه يعتبر إثما.
وتضيف نصير انه بالرغم ما تقوم به السلطات السعودية من إخلاء للبلاد من المسافرين قبلها والمتخلفين من عمرة رمضان والذين يمثلون واجهة سيئة لبلادهم إلا انه مازال هناك الكثير الذين يتهربون بطرق مختلفة.
قلة الوعي
ويوضح د.محمد نبيل غنايم أستاذ الفقه بكلية دار العلوم أن فكرة استخدام تأشيرات العمل في الحج كنوع من التحايل على الشرع والقانون فكرة تنتشر في الأوساط الريفية والصعيد حيث يقل الوعي الديني لدى تلك الفئة من المجتمع فيرون انه طالما النية خير وهي الحج لبيت الله الحرام اذن جميع السبل مشروعة وللأسف ينشر البعض هناك تلك الفكرة فنجدهم يكررون ما فعله غيرهم دون سؤال او استفسار عن مدى مشروعية ذلك الفعل.
ويطالب بضرورة حملات توعية على مستوى الجمهورية عن الطرق الشرعية للحج وما عدا ذلك يكون غير شرعي ولابد من تجنب فعله لأنه لا يصح معه الحج.
ويضيف غنايم ان الأمر يختلف بالنسبة للمقيمين في الأصل داخل الأراضي السعودية من المغتربين والعاملين هناك الذين تصادف وجودهم مع تزامن وقت الحج والذين يرغبون في أداء فريضة الحج او العمرة فهذا يصح طالما ليس فيه تعمد للتهرب او استغلال التأشيرة والتستر وراءها لغرض الحج.
ويؤكد د.صبري عبدالرؤوف الأستاذ بجامعة الأزهر دور الدولة في محاربة تلك الظاهرة السيئة المستجدة على موسم الحج وذلك من خلال سن تشريع بمعاقبة من يتم ضبطه مخالفا للتأشيرة التي سافر على أساسها مثل العمل او الزيارة وإذا تمت مخالفة تلك الأغراض يتم ترحيله على الفور الى بلده الأصلي ومعاقبته بغرامة مالية حتى يكون عبرة لمن يحاول الإقدام على ذلك العمل كذلك فهؤلاء المستغلون يعملون على زيادة الازدحام في موسم الحج حيث لا تدرجهم السلطات السعودية في قوائمها لأنهم لا يستخرج لهم تأشيرة حج التي تقرر السعودية عددها كل عام وتفاجأ أثناء موسم الحج بزيادة العدد عن المتوقع.