- مَن عزم على أداء الحج صادقاً فإما أن يوفقه الله له في أعوام قادمة أو يجازيه بالأجر بقدر نيته
- أداء الحج فضل من الله واصطفاء يستوجب الشكر وتجنب الرياء أو العجب أو الجحود
أوضح الخطيب في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية الداعية حمد الامير أن من رحمة الله وفضله على عباده تجدد مواسم الطاعات على مر العام الواحد، فرمضان ثم العشر الاواخر منه، ثم العشر الاول من ذي الحجة فعرفة والحج ثم عاشوراء ومحرم وغيرها من المواسم، والله سبحانه يقول «ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وآمنتم»، لافتا الى أهمية استغلال هذه المواسم المباركة وكسب الاجور الكبيرة من خلالها وعدم اغفالها. وأكد الامير في لقائه مع «الأنباء» أنه يجب على الحاج شكر الله على اصطفائه وتيسير الحج له من دون الآخرين، وأن يكون حجه هذا العام محطة تغيير في حياته من وحل المعاصي والتهاون بالواجبات الى الاكثار من الطاعات والتزام الواجبات، ومن صحبة الاشرار الى صحبة الاخيار، محذرا من الاستهتار بالمعاصي ظنا وتلبيسا من الشيطان ان الحج يغفرها لان الانسان لا يدري ان كان الله سيمد في عمره أو يحفظ له صحته حتى يحج في الاعوام المقبلة. وأضاف الامير أن من عزم على أداء الحج صادقا من قلبه وباذلا للاسباب، فاما أن يوفقه الله له في أعوام قادمة أو يجازيه بالاجر بقدر نيته، ففي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزاة فقال «ان أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا ولا واديا الا وهم معنا فيه حبسهم العذر»،
وفيما يلي تفـاصيـل اللقـاء:
ما علامات قبول الاعمال الصالحة خاصة أن الكثير يتساءل كيف يعرف أن الله تقبل حجه أو أضحيته؟
علامات قبول العمل الصالح فيما نحسبه عند الله تعالى عديدة، منها تغير حال الحاج عما كان عليه قبل سفره للحج، من ناحية الطاعات والمعاصي، فيكون عاملا للواجبات التي كان قد قصر بها مثل عدم المحافظة على الصلوات أو لا يصليها مع جماعة المسلمين، وكذلك يترك المعاصي التي كان يقترفها قبل سفره وتاب عنها بعد هذه الرحلة المباركة.
وكذلك من علامات قبول العمل الصالح ذلك الانشراح الذي يجده الحاج في نفسه لحب هذا الدين وأهله، وهو في نفس الوقت يتمنى أن يكون ممن ينهضون به ويغارون عليه، وكذلك منها التوبة الصادقة التي تنبعث من قلب الحاج لكل طاعة تركها، وكل معصية كان يفعلها، وذلك بالندم على فعلها والعزم على تركها وألا يفكر في الرجوع اليها مرة ثانية، ومنها أيضا الرغبة الحقيقية في تغيير بيئة الانسان من بيئة غافلة لاهية بعيدة عن طاعة الله الى صحبة صالحة تعينه على الطاعة فيما تبقى من عمره، فالصاحب ساحب، ويمتثل بذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».
لا تيأس
انتهى موسم فضيل قبل أيام اغتنمه العقلاء والاتقياء من المسلمين، فماذا نقول لمن لم يوفق الى الحج هذا العام أو استغلال العشر الاوائل من ذي الحجة؟
هناك فئة من المسلمين لم يوفقوا لعمل الطاعات في مواسم مرت عليهم مثل الحج أو العمل في العشر الاوائل من ذي الحجة، ونقول ان المسلم الذي يريد مرضاة ربه يغتنم الفرص المتاحة له من ربه عز وجل، لان الله سبحانه يريد لنا الخير، فلا ييأس بل يعزم على عمل الخير فيما تقدم من أيام، ويغتنم تلك الفرص الكبيرة، والله سبحانه يجازيه على صدق نيته واخلاصه، حتى لو أعاقه عن فعل هذه الطيبات مانع خارج عن ارادته فالله سبحانه يجازيه على نيته.
تيسير الحج منّة من الله
البعض يظن أنه فعل الكثير إذا حج وكأنه بذلك يمن على الله أن أدى عبادة شاقة ومكلفة، فما تقول لمثل هؤلاء؟
ينبغي على الحاج ألا يمن على الله أن هداه للإيمان أو هداه إلى العمل الصالح، وخاصة إلى حج بيت الله الحرام، قال تعالى (قل لا تمنوا علي إيمانكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإسلام)، ولينظر الحاج إلى أن الله اصطفاه واختاره من دون عامة المسلمين في جميع أنحاء العالم، والذين يقدرون بمليار ونصف المليار مسلم، بينما الذين حجوا لا يكاد يصل تعدداهم إلى 3 ملايين، أوليس ذلك نعمة وفضلا من الله سبحانه؟! وكذلك رغم المشقة والتعب إلا أن الحاج يشعر براحة عظيمة في بدنه ونفسه ما كانت لتحصل لولا فضل الله عز وجل عليه وعلى جميع الحجاج، ولنستذكر قول أهل الجنة حين يدخلونها «الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله»، فالهداية للحج نعمة تستوجب الشكر، والأولى أن يسأل الله القبول لهذا العمل العظيم، لأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
ما الحكمة من تجدد مواسم الطاعات على مر العام الواحد؟ فلا يكاد ينتهي موسم إلا ويأتي موسم فضيل آخر.
الحكمة من تجدد مواسم الطاعات على مر العام الواحد كرمضان والعشر الأواخر منه، والعشر الأول من ذي الحجة وعرفة والحج وعاشوراء ومحرم وغيرها من المواسم هي رحمة الله وفضله على المخلوقين، خاصة لو تأملناها، فالله عز وجل يريد أن يكثر لنا مواسم الخير ويكثر لنا أعمال الخير ليعطينا من فضله ويكرمنا بجنته، كما قال سبحانه (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم).
تصور شيطاني
البعض يظن أن بتكراره لأداء مناسك الحج وغيرها من العبادات الجليلة أنه يسمح لنفسه بالوقوع أو التساهل بالمعاصي، لأنه تغفر له ذنوبه في كل مرة يحج أو يتوب فما تعليقك؟
هذا الاعتقاد أو التصور تصور شيطاني لا يذهب إليه إلا قصير النظر من الحكمة لمثل هذه الأعمال، فكيف لإنسان يغتسل من الأوساخ ويلبس النظيف من الثياب ثم بعد ذلك مباشرة يقع في الأوساخ باعتقاده أن لديه حماما يغتسل منه، فأقول لهذا الشخص هل ضمنت حياتك أن تعيش وتعمل الطاعات؟ هل ضمنت صحتك؟ لا أظن يقول هذا الكلام مؤمن حقا، بل هذا يسيء الظن بالله تبارك وتعالى.
يؤجر بنيته
ماذا يقال لمن لم يوفق لأداء مناسك الحج هذا العام رغم حرصه الشديد على ذلك؟
الذي لم يوفق هذا العام من أداء مناسك الحج والعمرة نقول له اطمئن بأن الله سبحانه يمن على عباده، ومن عزم صادقا فالله سبحانه إما أن يوفقه لأداء هذا العمل العظيم في أعوام قادمة أو يجازيه بقدر نيته، وفي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزاة فقال «إن أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا فيه حبسهم العذر».
ما رأيكم فيمن يحج حتى يقال له «حاج» أو ينال لقب «الحاج فلان»؟
المسلم يعمل الطاعات يريد بها وجه الله تعالى، ولا يريد بذلك رياء ولا سمعة، فمن عمل عملا أراد به حظا من حظوظ الدنيا ومنها اللقب كقارئ للقرآن أو ليقال له مجاهد شجاع أو جواد كريم، فكل هذه الأعمال رغم عظمها تذهب هباء منثورا، ومثله من يريد أن يقال له حاج، فعمله ليس لله بل للقب.
وفي الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلّم العلم، وعلّمه، وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلّمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار».
قطار المشاعر
أخيرا، حدثنا عن تجربة قطار المناسك الأولى لهذا العام، وهل كانت ناجحة؟
قطار المشاعر فكرة رائدة وجبارة، وأتوقع لها نجاحا كبيرا في تسهيل المناسك على الحجاج بعد استكمال بقية مراحله، فمن الخطأ الحكم على هذه التجربة من أول تطبيق لها، وأسأل الله سبحانه أن يوفق السلطات السعودية في إتمام هذا المشروع الجبار والعمل على راحة حجاج بيت الله الحرام من جميع أقطار العالم الإسلامي.