إن منهج «وشهد شاهد من أهلها» هو أكثر المناهج علمية وفاعلية في الرد على الافتراءات الغربية خصوصا ان هذه الشهادات كتبها علماء لهم ثقل واحترام في الثقافة الغربية ولمنطقهم قبول عند العقل الغربي.
فتح في التاريخ البشري
يقول روم لاندو: لم ينسب محمد صلى الله عليه وسلم في أي يوم من الأيام الى نفسه صفة ألوهية أو قوى أعجوبية، على العكس، لقد كان حريصا على النص على انه مجرد رسول اصطنعه الله لإبلاغ الوحي للناس.
كان محمد صلى الله عليه وسلم تقيّا بالفطرة، وكان من غير ريب مهيأ لحمل رسالة الإسلام التي تلقاها، وبالاضافة الى طبيعته الروحية، كان في سرّه وجهره رجلا عمليا عرف مواطن الضعف والقوة في الخلق العربي، وأدرك ان الإصلاحات الضرورية ينبغي ان تقدم الى البدو الذين لا يعرفون انضباطا والى المدنيين الوثنيين، وفي آن معا، على نحو تدريجي، وفي الوقت نفسه كان محمد صلى الله عليه وسلم يملك إيمانا لا يلين بفكرة الإله الواحد، وعزما راسخا على استئصال كل أثر من آثار عبادة الأصنام التي كانت سائدة بين الوثنيين العرب».
«كانت مهمة محمد صلى الله عليه وسلم هائلة، كانت مهمة ليس في ميسور دجال تحدوه دوافع أنانية، وهو الوصف الذي رمى به بعض الكتاب الغربيين المبكرين الرسول العربي صلى الله عليه وسلم ان يرجو النجاح في تحقيقها بمجهوده الشخصي، ان الإخلاص الذي تكشف عنه محمد صلى الله عليه وسلم في أداء رسالته، وما كان لأتباعه من إيمان كامل فيما أنزل عليه من وحي، واختبار الأجيال والقرون، كل أولئك يجعل من غير المعقول اتهام محمد صلى الله عليه وسلم بأي ضرب من الخداع المتعمد.
ولم يعرف التاريخ قط أي تلفيق ديني متعمد استطاع ان يعمر طويلا، والإسلام لم يعمر حتى الآن ما ينوف على الألف وثلاثمائة سنة وحسب، بل انه لايزال يكتسب – في كل عام – أتباعا جددا، وصفحات التاريخ لا تقدم إلينا مثلا واحدا على محتال كان لرسالته الفضل في خلق امبراطورية من امبراطوريات العالم وحضارة من أكثر الحضارات نبلا».
«كانت مهمة محمد صلى الله عليه وسلم هي القضاء على النظام القبلي القوي الذي كان مسؤولا عن اندلاع نار الحرب، على نحو موصول تقريبا، بين العرب، والاستعاضة عنه بولاء لله يسمو على جميع الروابط الأسرية والأحقاد الصغيرة، كان عليه ان يعطي الناس قانونا كليا يستطيع حتى العرب المتمردون قبوله والإذعان له، وكان عليه ان يفرض الانضباط على مجتمع عاش على العنف القبلي والأثر الدموي لضروب من المظالم بعضها واقعي وبعضها متوهم، كان عليه ان يحل الإنسانية محل الوحشية، والنظام محل الفوضي، والعدالة محل القوة الخالصة».
«عندما توفي محمد صلى الله عليه وسلم عام 632م كان في نجاح الإسلام ما زكى إيمان السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ بالوحي الذي تلقاه زوجها، وكانت العقيدة التوحيدية الجديدة في سبيلها الى القيام بفتح روحي ومادي لا يضارعه أي فتح في التاريخ البشري».