- القطـــان: لا بديـــل للمسلمين اليوم إلا التعاون والوحدة ونسيان الخلافات فالأفكــــار والمبــــادئ المستوردة كرّست فرقة الأمــة
- لا تستطيع الأمة الإسلامية مواجهة التحديات إلا إذا عادت إلى دينها واتحدت صفوفها لمواجهة مخططات الأعداء الذين يعملون على تمزيق أوصالها
الإسلام يدعو المسلمين الى توحيد الصفوف وجمع الكلمة لأنه دين الوحدة، دين لا يدعو الى توحيد الخالق سبحانه وتعالى فحسب بل انه يقوم على الوحدة في كل الأمور، في العقيدة والسياسة والاقتصاد والاجتماع، فهل يمكن للمسلمين ان يجتمعوا تحت مظلة واحدة رغم حالة التفكك التي يعيشونها؟ وهل من الممكن ان يتقاربوا اقتصاديا وثقافيا وان ينبذوا ما بينهم من خلافات؟
الاجابة تحملها هذه السطور...
دين الوحدة
يوضح الداعية الاسلامي احمد القطان حرص الشريعة الاسلامية على الوحدة بين المسلمين، فقال: لقد خاطب الله تعالى المسلمين بأنهم أمة فقال: (ولتكن منكم أمة)، ثم قال: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، وحسم الأمر كله في الآية الكريمة (إن هذه أمتكم أمة واحدة)، وكررها مرتين في موضعين مختلفين (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ـ المؤمنون: 25)، وقوله (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ـ الأنبياء: 92) فالإسلام اهتم اهتماما بالغا بوحدة الأمة ونبذ أسباب الفرقة، كما دعا الى انتظام الصف (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ـ آل عمران: 105).
وزاد: فالإسلام هو دين الوحدة ولا يدعو الى توحيد الخالق سبحانه وتعالى فحسب بل انه يقوم على الوحدة في كل الأمور، في العقيدة والسياسة والاقتصاد والاجتماع، وخير دليل على ذلك العديد من مظاهر الوحدة السائدة في العبادات الاسلامية كالصلاة والحج.
فالإسلام بدعوته الى الوحدة انما يرسي دعائم الأمة القوية التي لا تعرف الفرقة اليها سبيلا ولا تسلك الهزيمة اليها طريقا ولا ينال منها القهر والبغي والإثم والعدوان.
تشرذم الأمة
وأعرب الداعية القطان عن أسفه إزاء ما وصلت اليه أوضاع الأمة الاسلامية قائلا: ان الكارثة التي تواجهها الأمة ترجع الى غياب الوحدة وتشرذمها واختلاف كلمتها، ولو ان الأمة الاسلامية كانت موحدة الصف والهدف لما تعرضت لهذه النكبة التي تتعرض لها والتي لم يشهد لها تاريخ العرب والإسلام مثيلا مما جعلها تضطر الى الاستعانة بالآخرين كي يحلوا مشاكلها، ذلك ان اليأس من أنبائها أصبح شديدا.
تعدد المرجعية
وعن العوامل التي أدت الى تفرق الأمة، حصرها الداعية القطان في عدة أسباب منها: ظهور العصبيات التي فرقت بين الأمة، مؤكدا ان الأمة الاسلامية كانت تعيش تحت مظلة الأخوة الاسلامية (إنما المؤمنون اخوة)، وقد اعتبر الإسلام الأخوة ايمانا والفرقة كفرا، فعندما حاول بعض اليهود التفريق بين الأوس والخزرج نزل قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا ان تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله)، أي بعد وحدتكم متفرقين وبعد أخوتكم اعداء (وكيف تكفرون) أي وكيف تتفرقون؟ فكان التعبير قويا عن الفرقة بالكفر.
ثم انتقل القطان الى توضيح عامل آخر أدى الى فرقة المسلمين وهو تعدد المرجعية، مشيرا الى ان الأفكار والمبادئ المستوردة كرست هذه الفرقة فبعد ان كانت الأمة تحكمها شريعة ومرجعية واحدة، أصبحت الآن تحتكم الى أشياء أخرى، قال تعالى: (وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله).
ويؤكد الداعية القطان ان توحد المسلمين وتضامنهم في كل مجالات الحياة هو افضل سبيل لمواجهة مخططات الاعداء الذين يعملون ليل نهار على تمزيق أوصالها وجعلها أقاليم وقوميات تحت شعار «فرق تسد»، لافتا الى انهم سعوا لإبعادهم عن دستورهم السماوي، كما حاولوا تفكيك تواصل المسلمين الثقافي عن طريق ترويج نظريات مادية معادية للإسلام، كالوجودية والشيوعية والوثنية والقاديانية والعلمانية الى غير ذلك من التيارات الهدامة.
كلمة سواء
وأكد القطان ان العقيدة الاسلامية هي الرابطة الوحيدة القادرة على جمع المؤمنين على كلمة سواء، مشددا على انه لا يوجد بديل امام المسلمين اليوم الا التعاون والوحدة ونسيان الخلافات في سائر أرجاء الوطن الاسلامي ليكون الجميع متعاطفين ومتساندين ومتعاونين على البر والتقوى.
واستطرد قائلا: ان العرب يجمعهم دين واحد، ورب واحد، ويجمعهم التاريخ والمصير المشترك وتجمعهم الآمال والآلام، فعليهم ان يتقوا الله حق تقاته وان يعيشوا بالاسلام، فما علمنا في التاريخ ان امتنا انتصرت الا بالعودة الى الاسلام، كما انتصرت على ممالك كسرى وقيصر وأقامت دولة العدل والاحسان وحضارة العلم والايمان.
التاريخ يشهد
وأضاف: ان الله قد أبدل العرب بالخوف قوة وشجاعة وبالضعف جرأة ونصرا، عندما جاء الإسلام العظيم وفهم العرب هذا الدين واتحدت جميع القبائل على يد واحدة، وسارت جيوشهم متحدة نحو بلاد الشام التي كان يقطنها الرومان البيزنطيون وهزموهم شر هزيمة وهكذا تم فتح بلاد الشام بالاسلام الذي وحد بين المسلمين وجمع قلوبهم.
وأكد ان أهم ركيزة هي الوحدة والاتحاد تقوم على أساس المحبة وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم»، وهكذا الاسلام هو دين المحبة مثلما هو دين القوة.
وزاد: اذا كانت الامة الاسلامية قوية متحدة متعاونة متكاملة فستستطيع نشر رسالة الاسلام لا ان تعيش خلافا ولا نزاعا ولا فوضى ولا تفرقا ولا قتالا ولا صراعا، حيث من المشاهد ان نرى ان أخطر ما تواجهه الامة الاسلامية اليوم يتمثل في ضعفها وعدم قدرتها على الاتحاد فلاتزال الفرقة تلعب دورا بارزا في تمزقها.
وجوب الوحدة
ودعا الداعية القطان المسلمين الى ضرورة اعادة الاعتبار لأنفسهم بين دول العالم ويجب ان تترابط الدول الاسلامية في نسيج اجتماعي متواصل حتى تستطيع حمل رسالة الاسلام بمعناها الواسع (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير).