في الآونة الأخيرة ظهر في مجتمعاتنا الإسلامية من بعض المشعوذين، أو بعض من لبس الشيطان عليه وتخبط به من أدعياء الرقية، من أدخل على الرقية الشرعية بالقرآن الكريم والأذكار والأدعية ما ليس منها، من بعض الخرافات وصور الدجل، وكم سمعنا منهم من خاطب الجن، أو استعان بهم، أو استخدم الضرب الشديد والصعق الكهربائي، علاوة على جعل بعضهم من الرقية مهنة يسترزق بها وباب اتجار يدر عليه آلاف الدنانير شهريا.
«الأنباء» التقت رئيسة حملة «حسبنا» لمواجهة أدعياء الاستشفاء بالقرآن الكريم والرقية الشرعية حصة القحطاني، لتكشف لنا أهداف الحملة، وأبرز المعوقات أمام تحقيقها، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
حدثينا في البداية عن تاريخ حملة «حسبنا»، ومن هم القائمون عليها، وأبرز أهدافها؟
أنشئت الحملة في 21/ 3/ 2010م نظرا لانتشار العديد من الظواهر الاجتماعية الدخيلة السلبية على مجتمعنا الكويتي والتي أدت الى تمزيق النسيج الأسري والمجتمعي بقوة مما يحتاج الى تسليط الضوء عليها والمساهمة في علاج تلك الظواهر بالطرق المتاحة، ويقوم عليها مجموعة أهلية تحب الكويت تضم مجموعة من الناشطين الاجتماعييــــن والإسلاميين والإعلاميين والنواب الحاليين والسابقين والشخصيات العامة المهتمة بالشأن الكويتي العام في المجالات النفسية والاجتماعية والأسرية والتربوية.
ويتركز عمل الحملة على الجانب التوعوي والتثقيفي للمجتمع الكويتي واستنهاض همم المسؤولين كل في مجاله للمساهمة في علاج تلك الظواهر السلبية والوقاية منها ضمن محاور أربعة، هي البعد الديني المتمثل بالتمسك بأخلاقيات وسلوكيات المسلم واتباع ما جاء في القرآن والسنة، والبعد الاجتماعي وهو التبصير بالحلول المناسبة للظواهر السلبية والمساهمة معا في تقوية النسيج الاجتماعي للوطن والذي سيترتب عليه جميع المجالات الأخرى، والبعد القانوني لسن القوانين التي تحمي النسيج الاجتماعي للمجتمع الكويتي من التمزق والتفكك، وحمايته من الدجل والشعوذة، والبعد الوطني المتمثل بتنمية الوازع الوطني والقيمي حيث يعد السكوت عن تلك الظواهر السلبية وعدم محاربتها، عرقلة للتنمية الاجتماعية مما يؤثر سلبا على جميع المجالات الأخرى.
لماذا يتركز عملكم على مكافحة ظاهرة أدعياء الرقية بالذات؟
لانتشارها في السنوات الخمس الأخيرة، مما سبب الكثير من المشكلات لدى المئات من الأسر من قطع للأرحام، وتدمير للبيوت وجرائم عنف تم التكتم عليها، أو حفظها في مخافر الشرطة وهذا كله ساهم في تمزيق للنسيج الاجتماعي للأسرة الكويتية.
ما أبرز الجرائم أو الأخطاء التي يرتكبها هؤلاء الأدعياء والدجالين في حق مرضاهم؟
أكل أموال الناس بالباطل ببيع أرقام دخول المرضى بأسعار تبدأ من 3 دنانير حتى 10 دنانير للجلسات الجماعية، وأغلبهم يبدأ توزيع الأرقام ما بعد صلاة الظهر حتى العصر فقط، وهناك الكثير من المرتزقة يأخذون أرقاما وهم لا يرغبون في الدخول انما لبيعها لمن يأتي بعد انتهاء تسليم الأرقام بسعر مضاعف، أو من هذا المدعي الرقية نفسه ليضاعف هو الآخر من أرباحه، كما يتم تسعير الجلسات الخاصة باسعار تتراوح بين 15 و 25 دينارا، بالاضافة الى بيع الماء والزيت والعسل والبخور بأسعار باهظة، وبعملية حسابية بسيطة نجد أن متوسط دخل أي مدعي الرقية تقريبا 40 ألف دينار شهريا، اذن هي أصبحت مهنة مربحة جدا لكل من يرغب بالثراء السريع. كما أن بعضهم يقوم باستخدام طريقة التخيل وهي طريقة شيطانية لا تمت للشرع بصلة حيث يقرأ عليها في الجلسة الفردية حتى تنهار من القراءة ثم يجعلها تغمض عينيها ويسألها من هو الشخص الذي تتهمينه والذي أراد بك سوءا؟ طبعا من سيكون هذا التعيس الا شخصا تكرهه أو بينها وبينه مشاكل أو تشعر بالغيرة الشديدة منه، ولكم ان تتخيلوا قوة انفجار قنبلة الفتنة بين الأسر بسبب تلك التخيلات. وكذلك يعكف بعضهم على إقناع الجن الذي بداخل المرضى على الإسلام ان كان كافرا، وهذا مرفوض شرعا وقد تستمر هذه المحاولات لأشهر عدة حتى يسلم، وذلك محاولة من هذا المدعي بالرقية لإقناع الجني المسلم بإخباره بمكان السحر، ولك ان تلاحظ فالمريضة وأسرتها كالمتعلقين بالقشة وفي نهاية المطاف 99% لا يستدل على مكان السحر لأنه في الأساس لا يوجد سحر وانما وهم، وأخيرا استخدام بعضهم للصعق بالكهرباء إيمانا منهم بأنه فعال لعلاج السحر والحسد والمس، فضلا عن الضرب الشديد أو الاعتداء الجنسي.
ضعف الوازع الإيماني
لكن لماذا اللجوء الى الرقية في الأصل إذا كان يمكن للمسلم أن يرقي نفسه بنفسه؟
أولا ضعف الوازع الديني وأبرزه قلة التوكل على الله، كما أن بعض النساء تسعى إلى لفت انتباه زوجها بأنها اما مسحورة أو معيونة، ومنها انتشار الامراض النفسية بصورة لافتة مثل القلق والاكتئاب والوسواس، وعدم الوعي بالطرق السليمة والصحيحة لعلاجها، وكذلك منها التفسير الخطأ لمشكلات التأخر في الحمل أو الإجهاض المتكرر لدى بعض النساء أو انتشار ظاهرة العنوسة والزعم أن سببه العين أو السحر، وأخيرا وأهمها عدم تقبل قضاء الله وقدره وايعاز المصائب والابتلاءات بأنها من الآخرين.
توعية المجتمع
ماذا تريدون أن تحققوا من هذه الحملة؟
تسليط الضوء على هذه القضية الحساسة ليتعاون الجميع على وضع الحلول المناسبة لها، وتوعية وتثقيف المجتمع الكويتي بالرقية الشرعية والشروط الواجب توافرها في الرقية والراقي والمرقي، والمساندة النفسية والعاطفية والقانونية لهؤلاء الضحايا، ومساعدة الضحايا على النهوض بأنفسهن واسترجاع ثقتهن بأنفسهن والمطالبة بجميع حقوقهن، وتوعية الأسر بعدم السماح لنسائهم بالذهاب للرقاة، فرقية المريض لنفسه هي الأفضل، وإذا كان ولابد من الاستعانة بهم فلابد من التأكد من الرقية الشرعية وعدم الانصياع لهؤلاء النسوة بإتباع الدجالين والمشعوذين.
لابد من التعاون مع الآخرين في مثل هذه الحملات الكبيرة حتى تؤتي ثمارها، فما تعليقك؟
نعم صحيح، ولذلك نحن نسعى في الحملة الى تعاون كل الوزارات والمؤسسات والجهات المعنية بالمساهمة في علاج هذا الموضوع الحساس وتفعيل أدوارهم سواء بالتوعية كمثل وزارة الأوقاف، والصحة، والتربية، والشؤون الاجتماعية والعمل، وجمعيات النفع العام ذات الصلة، ووسائل الإعلام المختلفة، ومنها كذلك لجنة الظواهر السلبية بمجلس الأمة، والتي التقيناها الخميس الماضي لمناقشة ما استجد عندنا من أعمال.
ماذا ينقصكم؟ أو ما العوائق التي تمنع تحقيقكم لأهداف حملة «حسبنا» النبيلة؟
ينقصنا قانون يجرم أدعياء الرقية والدجالين، قانون يقدم في البداية كاقتراح برغبة ليتحول بعد ذلك إلى قانون ملموس يمكن الاستناد اليه لمعاقبة هؤلاء، ومن هذا المنبر الإعلامي «الأنباء» نناشد نواب مجلس الأمة استصدار قانون يحفظ المواطنين من عملية الجدل والنصب الذي يقوم به الرقاة والسحرة. كما نطمح الى التعاون المثمر مع وزارة الداخلية، ونتمنى عليها تفعيل العقوبات التي سيتم سنها وتطبيقها لردع هؤلاء الدخلاء والمشعوذين، وتوعية المواطنين والمقيمين بهذه الظاهرة وتحذيرهم من التستر على هؤلاء، وإنشاء خط ساخن لإدارة المباحث لاستقبال شكاوى المتضررين، وبحمد الله ساهمنا مؤخرنا مع مباحث الداخلية بالقبض على 9 أدعياء للرقية منهم 4 كويتيين.