- العاطفة والحماس مطلوبان للدفاع عن حرمات المسلمين لكن يجب أن يقيدا بضوابط الشرع.. والأمور العامة المتعلقة بمصالح الأمة لا تقررها الجماهير والأحزاب والشارع السياسي وإنما الحكام والعلماء المعتبرون
- كبار العلماء حرَّموا المظاهرات سداً للذريعة لما رأوها عبر التاريخ مخيبة للآمال ومهدرة للدماء والأرواح والأموال
أكد د.عبدالرحمن الجيران أن المظاهرات ليست من وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يقل بجوازها أحد من العلماء المعتبرين، مشيرا إلى أن المشروع هو النصيحة والكتابة والمراسلة، والذهاب إلى من وقع في المنكر وتوضيح الأمر له بالحكمة والموعظة الحسنة. وأوضح أنه لا يوجد في شريعتنا المطهرة ما يبيح المظاهرات ويسوغها اللهم إلا جريا وراء التقليد لليهود والنصارى والفرس، مستشهدا بما قاله د.عمر الأشقر في كلية الحقوق في الشويخ عام 1982م «إن أول مظاهرة خرجت تندد باحتلال اليهود لفلسطين الذي دعا إليها ونظمها هم اليهود، والسر في ذلك أن الشاب خرج مع الشابة، ولا تسأل بعد ذلك ماذا سيحصل؟». وأشار الجيران إلى أن العاطفة والحماس مطلوبان للدفاع عن حرمات المسلمين، لكن يجب أن يقيدا بضوابط الشرع، لافتا إلى أن جميع المظاهرات المعاصرة والثورات بدأت بهدف الإصلاح وانتهت بنتائج سيئة، آلاف من القتلى والجرحى والتضييق على الدعوة الإسلامية، بسبب أن من يقودها الدهماء والغوغاء، وليس العلماء والحكماء. «الأنباء» التقت د.عبدالرحمن صالح الجيران للحديث حول ضوابط المظاهرات وتاريخها، وأهم أسباب النصر الإلهي للمسلمين، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
بداية هل كانت المظاهرات معروفة في عالمنا الإسلامي وتاريخه؟
لا يوجد في تاريخنا الإسلامي الطويل مثال لمظاهرة خرجت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل مضت القرون الثلاثة المفضلة وهم خير من قام بهذه الفريضة ولم يعرفوا المظاهرة طريقا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما كانت ثورة البروتستانت على الكنيسة في العصور الوسطى عام 1529 م أول مظاهرة في التاريخ، ثم انتقلت إلى العالم الإسلامي من باب التقليد مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم «لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن».
وسيلة غير مشروعة
وما حكم المظاهرات في الشريعة الإسلامية؟
المظاهرات كوسيلة من وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقل بجوازها أحد من العلماء المعتبرين، ولذلك فهي وسيلة غير مشروعة، ولا يوجد في شريعتنا المطهرة ما يبيح المظاهرات ويسوغها اللهم إلا جريا وراء التقليد لليهود والنصارى والفرس.
ولنا على هذه المظاهرات ملاحظتان، الأولى: أن كبار العلماء لما منعوا المظاهرات لم يكن سبب المنع فقط أنها مظهر من مظاهر التعبير عن الرأي وإنكار المنكر، وإنما نظروا إلى أبعد من ذلك وهو الثمرات والنتائج، فلما رأوها عبر التاريخ مخيبة للآمال وراعهم الدماء والأرواح التي أهدرت حرموها سدا للذريعة، والإمام الطحاوي وضع كتابه في العقيدة ـ منتصف القرن الثالث الهجري ـ وذكر الأصل الذي ميز أهل السنة وهو الصبر على جور الأئمة وترك الخروج عليهم، وذلك بعدما قرأ ورأى وأخذ من العلماء ممن عاينوا الفتن التي تموج كموج البحر، ثم أتى ابن أبي العز الحنفي فشرح العقيدة الطحاوية وزادها توضيحا، ثم العلامة الألباني خرج أحاديثها وعلق عليها فجزاهم الله خيرا، هذا فضلا عن النصوص المحكمة في الكتاب والسنة التي فصلت ووضحت العلاقة بين الحاكم والمحكوم فالأمر واضح، والملاحظة الثانية: من أدب المفتي قبل الإفتاء من النظر في النوازل والفتن، لابد من بحث مقدمات المسائل ولوازمها وتوابعها إلى غير ذلك من قواعد الأصول، وكذلك النظر في العواقب ومآلات الأمور، فإن كانت تؤدي إلى شر أكبر فلا يجوز الإفتاء بهذا ويكون الإفتاء بهذا من الصبر في سبيل الله تعالى، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
إذن ما هو البديل عنها لمن يريد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا ما وقعه فيه الحاكم؟
المشروع في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر النصيحة والكتابة والمراسلة، والذهاب إلى من وقع في المنكر وتوضيح الأمر له، هذا هو المشروع والذي عليه كبار العلماء.
شبهة ورد
لكن قد يقول قائل ان في المظاهرات تتحقق بعض الإيجابيات كتبديل الرئيس أو استقالة الحكومة أو تنصيب شخص ما أو غير ذلك من الإيجابيات، ألا يكون هذا سببا لجوازها؟
نقول عن هذه الشبهة ان هذه الإيجابيات الجزئية إذا قارناها بالفساد الأكبر الذي يقع لا تعتبر شيئا في الفقه الإسلامي، بل هذا يكون كمن يبني قصرا ويهدم مصرا، وإذا دققنا النظر في النصوص القاطعة بتحريم الربا والخمر والزنا وسائر المحرمات نجد أن هذه المحرمات قد حوت إيجابيات أو مصالح جزئية أو على الأقل هي في نظر فاعلها أمرا محببا ومطلوبا وتهواه نفسه الأمارة بالسوء ولكن الشارع الحكيم ألغى وأبطل هذه المصالح الجزئية والمنافع الصغيرة بجانب الشر العظيم المترتب عليها، وعندنا أيضا القاعدة الشرعية وهي درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
تلمس أسباب النصر
البعض يرى أن القول بتحريم المظاهرات إنما هو دعوة للخنوع والتخذيل، فما تعليقك؟
لا، إنما هو محاولة لتلمس طريق النصر الجاد بعيدا عن المزايدات والمهاترات، ونصيحة وخلاصة ما أخذته من علمائنا الكبار، أما غير هذا فيبقى كلاما تغلب عليه العاطفة والانفعال والحماس، وهذا وإن كان مطلوبا للدفاع عن حرمات المسلمين إلا أنه يجب أن يقيد بضوابط الشرع، وانظروا مثلا إلى موقف عمر رضي الله عنه في صلح الحديبية ثم مراجعته لنفسه بعد أن اتضح له أن الصواب بمتابعة الدليل وليس بمخالفة الدليل، وإن ظهر هذا في بادئ الرأي، وكذلك أقول هذه الأمور العامة المتعلقة بالثورات والاحتجاجات ومصالح الأمة لا يقررها الدهماء والأحزاب والشارع السياسي كما يقال، إنما يقررها ولاة الأمر الحكام والعلماء، ويمكن أن أضيف قيدا هنا مفيدا وهو إضافة إلى كلمة العلماء أضيف (المعتبرين)، وإلا كما هو معلوم ليس كل من انتسب إلى العلم يعتبر عالما فضلا عن المعتبر والراسخ في العلم.
مظاهرة نظمها اليهود
نريد بعض الأمثلة البارزة من التاريخ الحديث على مساوئ المظاهرات وعلى زيف مصالحها المزعومة برأيك؟
سأذكر بعض الأمثلة لمظاهرات واحتجاجات وثورات خرجت للمطالبة بإصلاحات، وأحيانا تغيير نظام الحكم، لكنها مع الأسف الشديد انتهت بنتائج سيئة، آلاف من القتلى والجرحى والتضييق على الدعوة الإسلامية، ففي أول محاضرة للشيخ الدكتور عمر الأشقر سنة 1982م في كلية الحقوق في الشويخ قال «إن أول مظاهرة خرجت تندد باحتلال اليهود لفلسطين الذي دعا إليها ونظمها هم اليهود؟ والسر في ذلك ـ والكلام للدكتور الأشقر ـ أن الشاب خرج مع الشابة ولا تسأل بعد ذلك ماذا سيحصل...؟».
المثال الأول: حادثة الحرم المكي، بدأت أحداثها فجر يوم 1 محرم 1400هـ الموافق 20 نوفمبر 1979م، حين استولى (200) مسلح على الحرم المكي وهو من مقدسات المسلمين، في محاولة لقلب نظام الحكم في المملكة العربية السعودية إبان عهد الملك خالد بن عبدالعزيز. هزت العملية العالم الإسلامي برمته، وانتهت إلى سفك دماء بريئة وانتهاك حرمة البيت الذي لم يحل إلا ساعة من نهار فقط للنبي صلى الله عليه وسلم.
المثال الثاني: اغتيال السادات، قامت الحكومة بحملة اعتقالات واسعة شملت المنظمات الإسلامية ومسؤولي الكنيسة القبطية والكتاب والصحافيين ومفكرين يساريين وليبراليين، وفي 6 أكتوبر 1981 (بعد 31 يوم من إعلان قرارات الاعتقال)، تم اغتيال السادات في عرض عسكري كان يقام بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر، وقام بقيادة عملية الاغتيال خالد الإسلامبولي التابع لمنظمة الجهاد الإسلامي، التي كانت تعارض بشدة اتفاقية السلام مع إسرائيل، ولم يرق لها حملة القمع المنظمة التي قامت بها الحكومة في شهر سبتمبر، وخلفه في الرئاسة نائب الرئيس محمد حسني مبارك، وانتهت هذه الفتنة العمياء بشر مستطير ما زالت مصر تعاني آثاره إلى اليوم.
المثال الثالث: أحداث حماة أو مجزرة حماة: بدأت في 2 فبراير من عام 1982م وكانت أوسع حملة عسكرية يشنها النظام السوري ضد المعارضة المسلحة في حينها، وأودت بحياة الآلاف من أهالي مدينة حماة، وانتهت هذه الفتنة بشر عظيم ولم نسمع إلى اليوم تراجعا من القائمين على هذه الفتنة.
المثال الرابع: أحداث الجزائر: (الجبهة الإسلامية للإنقاذ) هي حزب سياسي جزائري سابق، محل بقرار من السلطة، أنشئ في مارس 1989م بعد التعديل الدستوري وإدخال التعددية الحزبية اللذين فرضتهما الانتفاضة الشعبية في أكتوبر 1988م. واعترفت الحكومة الجزائرية بها في مطلع شهر سبتمبر 1989م ويترأس الجبهة الإسلامية للإنقاذ منذ تاريخ تأسيسها الشيخ عباس مدني، وينوب عنه الشيخ علي بلحاج خرجت الجبهة في مظاهرة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونتج عنها بعد المواجهات (40) ألف قتيل، على الرغم من نصح كبار العلماء لهم بعدم الخروج والصبر.
أسباب ضعف المسلمين
هل من وصية أخيرة تقولها للشباب المسلم المتحمس للنصر وإقامة شرع الله؟
أنتهز هذه المناسبة لأوجه الأنظار إلى أهمية قراءة الرسالة التي بعنوان (أسباب ضعف المسلمين وانهزامهم أمام أعدائهم) للعلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله، وهي عبارة عن محاضرة ألقيت قبل ما يزيد على 30 عاما بالرياض، وفيها بيان لأسباب ضعف المسلمين وانهزامهم وتشخيص مواطن الداء وبيان معالم طريق النصر إذا أراده المسلمون.
الضوابط الشرعية في الحكم على الثورات والمظاهرات والاحتجاجات اتباع منهج السلف و الاستقامة ووجود القائد والبراءة من الشرك وأهله
الضابط الأول هو أن أي ثورة ـ إن جاز هذا اللفظ ـ أو أي حركة أو جماعة إنما يكون الحكم عليها من خلال ثلاثة أمور وهي (1- التوحيد 2- العبادة 3- التزكية والأخلاق (السلوك)، فإذا قامت أي ثورة أو حركة أو جماعة على غير هذه الأسس فهي غير ناجحة وأظن هذا معروف بداهة بدون شرح، فالتوحيد حق لله على العبيد، فأين شعار التوحيد ودثاره في الثورات والمظاهرات؟ وهنا أترك الإجابة لكل منصف ناصح لربه ولرسوله ولدينه ولأمته وأئمة المسلمين وعامتهم.
وثانيا العبادة، أين موقعها من الثورات؟ وأعني الجانب المتعلق بالمسلمين فقط، وإلا فإني أعلم أن الثورات والحركات تحوي عقائد شتى؟ وما قصدته بالعبادة هنا العبادة الصحيحة، ذلك لأنه ثبت في السنة من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا يصلي صلاة غير صحيحة ولا يقيم صلبه من الركوع فقال له: (منذ متى تصلي هكذا) فقال منذ أسلمت فقال صلى الله عليه وسلم: (أما إنك لو مت على هذا لمت على غير ملة الإسلام) فأين الالتزام بالعبادة الصحيحة؟
وثالثا التزكية والأخلاق المعبر عنها بالسلوك، فمن المعلوم أن رسالة الإسلام رسالة طاهرة نقية من أوضار الذنوب والرجس، وهذا النقاء في الغاية كما هو موجود في الوسيلة أيضا، وليس عندنا ذلك المبدأ الذي يقول «الغاية تبرر الوسيلة».
اتباع منهج السلف
وأما الضابط الثاني فهو جريان العمل على ذلك، ونعني به هنا أن يجري عمل السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن طريق المظاهرات والاعتصامات، والسؤال هنا هل جرى العمل على ذلك في القرون الثلاثة؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادة) (متفق عليه).
الاستقامة ووجود القائد
والضابط الثالث أن طريق النصر كما يحدثنا التاريخ الإسلامي الطويل يكون من خلال ما يلي
1 - الاستقامة على طريق الله (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، 2 - أن ينبري قائد ملهم ويخلص دينه لله ويلم الله تعالى به شعث الأمة فيدحر أعداء الله من اليهود وغيرهم، وهذا عين ما حصل للقائد محمود الغزنوي وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم كثير، يقول ابن خلكان عن محمود الغزنوي «(بلغ في الجهاد من حيث لم تبلغه في الإسلام راية ولم تنزل به قط سورة ولا آية، فدحض أجناس الشرك وأقام بدلا عن بيوت الأصنام مساجد الإسلام وبدلا من مشاهد البهتان معابد التوحيد والإيمان»، فإذن هذان طريقان للنصر فأين الأمة الإسلامية منهما؟ فأما الطريق الأول فالآية فيه صريحة وهي قوله تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)، وأترك تفسير هذه الآية لكل عالم ولكل طالب علم يحدد مقدار كم وكيف المخالفات التي تقع وما زالت في الأمة الإسلامية ولا منكر لها ولا ناصح فاللهم سلم اللهم سلم، فكانت الهزيمة وكان القتل سببه شؤم المخالفة فأين الاعتبار؟
التاريخ يعيد نفسه
أما الضابط الرابع فقوله تعالى (وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون)، وهنا أقول إن الأمة الإسلامية مرضها واحد وعلاجها واحد كذلك، فأكثر المسلمين اليوم لا يعلمون طريق النصر؟ وإذا علموه ما سلكوه؟ وإذا سلكوه لم يثبتوا عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله. فإذن ماذا نفعل اليوم؟ فالجواب: نقول ان التاريخ يعيد نفسه، نبدأ كما بدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى متى نحن كذلك؟ الجواب: لا نقول إلى متى، لأن سنن النصر الإلهي لا يمكن حسابها كالاقتصاد الإسلامي، ولكن جواب هذا: حتى يتغير ما في نفوس المسلمين، ومع هذا يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (ولكنكم قوم تستعجلون؟).
أما الضابط الخامس فقوله تعالى (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)، هذه الآية الكريمة يتناولها كل المسلمين والجماعات والأحزاب، ولها جانبان: جانب معلوم لدى الجميع، وجانب مجهول أو قل إن شئت لا يريدونه ولا يرونه ولا يمتثلونه وهنا بيت القصيد، أما الجانب المعلوم من الآية فهو تفسيرها أن تعملوا بأحكام الله الظاهرة والباطنة ولا تروغوا كروغان الثعالب حينئذ يتنزل النصر وهنا يتناول الحكام والمحكومين، أما الجانب المجهول الذي لا يريدونه ولا يدندنون حوله فهو أن أحكام الله تعالى اليوم تغيرت وتبدلت، وكل حكم تغير وأصابه التعطيل أو التحريف أو التأويل، يعتبر كافيا، لأن تنزل علينا حجارة من السماء، فكيف بالله نريد النصر من الله؟
البراءة من الشرك وأهله
والضابط السادس قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا)، ومعنى اتخاذ الكافرين أولياء أي الرضا عنهم وعن دينهم الباطل واتخاذهم أصحابا وأخدانا نلقي إليهم بالمودة، وبمعنى أن نبوح لهم بأسرارنا وخصائص أمورنا، وأترك هذه الحقيقة ماثلة أمام كل منصف يطلب الحق مظانة ويدع العاطفة جانبا أن يحكم على المسلمين أن يقفون من هذه الآية الكريمة وسأزيد الأمور وضوحا.
فإذا نظرنا إلى شريحة العلماء الرسميين نجد الفتاوى الشاذة المنحرفة الداعية إلى وحدة الأديان والتسامح الديني وحرية العقيدة وأن كل إنسان حر فيما يختار من عقيدة، يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله «من قال إن الإنسان حر وله الحرية فيما يختار من دين فإنه كافر بالله، لأن الله تعالى أنزل هذا الدين وأوجب على الجميع الدخول فيه وحكم على من لم يدخل بالنار (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين».
وإذا أخذنا شريحة المفكرين والكتاب من المسلمين نجد التأثر الواضح بالغرب، وهذا تأثر المغلوب بثقافة الغالب وتجدهم يمدحون الغرب من حيث الحريات والحقوق الشخصية بما فيها حقوق الإنسان والديموقراطية، وإذا كتبوا عن العالم الإسلامي فلا يصفونه إلا بالجهل والظلم والديكتاتورية فولاؤهم وحبهم إنما هو للغرب الكافر وليس للمسلمين، وهذه طبقة النخبة كما يقال فكيف بغيرهم.