إسلام بعد عداوة
كان عمير بن وهب من ألد القرشيين عداء للنبي صلى الله عليه وسلم، ووقع ابنه وهب في الاسر يوم بدر، فزاده ذلك حقدا وكرها للنبي والمسلمين. وذات يوم جلس عمير الى صفوان بن أمية فذكر له قتلاهم يوم بدر، فقال صفوان: والله ما في العيش بعدهم خيرا.
- عمير: صدقت والله! اما والله لو لا دين على ليس له عندي قضاء، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت الى محمد حتى اقتله، فإن ابني اسير في ايديهم!
- صفوان: علي دينك انا اقضيه عنك، وعيالك مع عيالي اواسيهم ما بقوا. - عمير: فاكتم شأني وشأنك! - صفوان: افعل! وتجهز عمير وسافر الى المدينة يريد اغتيال النبي فدخل المسجد وسيفه معلق في رقبته، فقال له صلى الله عليه وسلم: ما اقدمك يا عمير؟ - عمير: قدمت في اسير عندكم فقاربونا فيه: ابني وهب! وسأله النبي عن السيف الذي في رقبته، فقال عمير: انما انسيته حين نزلت وهو في رقبتي! فقال النبي: اصدق، ما اقدمك؟! فقال عمير: ما قدمت الا في اسيري.
وواجهه النبي بما اضمر في نفسه قائلا له: الله حائل بينك وبين ذلك. فقال عمير: اشهد انك رسول الله وانك صادق.
وسر لذلك الموجودون من المسلمين، وقال لهم النبي: علموا اخاكم القرآن واطلقوا له اسيره.
الفرار بالدين
كان صلح الحديبية فتحا عظيما للمسلمين، وكان من بين نصوصه ان من اتى محمدا بغير اذن وليه رده عليهم. ولكن ابا بصير عتبة بن اسيد هرب من مكة الى المدينة فارا بدينه، فكتب يطلبه ازهر بن عوف والاخفش بن شريق، وبعثا لذلك برجلين الى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ولما وصل ابوبصير المدينة قال له النبي: يا ابا بصير انا قد اعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر، وان الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، فانطلق الى قومك.
ابوبصير: يا رسول الله، اتردني الى المشركين يفتنونني في ديني؟ وطمأنه النبي ثانية فأطاع، لكنه عندما وصلوا الى ذي الحليفة «وكان قرب المدينة» جلس ابوبصير الى جدار ومعه رجلان يحرسانه، فقال لاحدهما: اصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر؟ ثم اخذ ابوبصير السيف من العامري وقتله، وعندئذ رجع الحارس الآخر مسرعا الى المدينة وقص القصة على النبي، ورجع ابوبصير ايضا وقال للنبي: يا رسول الله: اسلمتني بيد القوم، وقد امتنعت بديني ان افتن فيه، او يعبث بي، وبلغ النبأ مكة فقال سهيل بن عمرو لابي سفيان وآخرين: والله لا اؤخر ظهري عن الكعبة حتى تدفع دية هذا الرجل، أبوسفيان: والله ان هذا لسفه، والله لاندفع ديته، والله لا تدفع ديته! وخرج ابوبصير الى ساحل البحر الاحمر، ولحق به عدد من المسلمين الذين حبستهم قريش فألفوا جيشا قطع طريق قريش الى الشام.