نماذج نادرة من العطاء والتضحية والصمود ومن بين تلك الصور يبرز الوجه المشرق والأصيل للمرأة الكويتية ويسجل لها التاريخ من المواقف والأعمال والبطولات، فكان عطاؤها زاخرا حيث عملت الكويتية ومازالت تعمل من أجل كويت يرفرف عليها السلام ويسودها الأمان وحول بعض ما قامت به المرأة الكويتية تحدثنا رئيسة اللجنة النسائية بجمعية الإصلاح الاجتماعي سعاد الجارالله:
تتذكر الجارالله ما كانت عليه المرأة الكويتية أثناء فترة الغزو الغاشم فتقول: كان للمرأة الكويتية الملتزمة بنهج الإسلام والعاملة في مجال الدعوة وبما توفر لديها من علم شرعي وثقافة إسلامية دورها المميز في التوعية بين صفوف النساء، والمساهمة في التهدئة والصبر والثبات والحاثة على البذل والعطاء ونكران الذات، والمؤمنة بالنصر والتأييد من الله عز وجل، ولم تخل منطقة من المناطق أو حي من الأحياء من مسجد أو منزل تنظم فيه حلقات القرآن الكريم أو الدروس الدينية أو ولائم الإفطار الجماعية أو صلاة القيام، وقد كانت مثل هذه اللقاءات والتجمعات، تمثل الزاد الروحي المعين على مواجهة تلك المحن العظيمة التي عاشها كل من رابط على هذه الأرض.
الدعاء المتواصل
وعن بعض المظاهر التي طرأت على المرأة الكويتية أثناء الاحتلال أوضحت الجارالله قائلة، كان من المألوف عودة الجميع من النساء إلا ما ندر الى ارتداء العباءة عند الخروج من المنزل والاحتشام في المجلس والتخلي عن كل مظاهر التبرج والزينة مدعمات بذلك التوجه الديني العام الذي شمل الجميع والذي تمثل في الالتجاء الصادق الى الله عزّ وجلّ، والدعاء المتواصل له سبحانه وتعالى برفع الكرب والإقبال المتزايد على النوافل والطاعات فرادى وجماعات.
وأكدت الجارالله ان من أهم دواعي انقشاع الغمة وتأييد العزيز القدير لأهل هذا البلد بالنصر على عدوهم وتحرير أرضهم من ظلمه ورجسه قالت: ان وضع المرأة الكويتية أثناء فترة الاحتلال كان ممارسات راقية على مستوى المسؤولين والأحداث شارك فيها الجميع بعفوية وذاتية كل حسب امكاناته وقدراته ومع ذلك لم تخل الساحة النسائية من عمل منظم وتخطيط مدبر قامت به مجموعات منهن بالتعاون مع اخوانهم الرجال وبحسب ما توافر لديهن من الطاقات والامكانات وما تهيأ فيهن من القدرة على الحركة والاتصال استطعن من خلاله ان يحققن من الأعمال والانجازات ما كان له أهميته وجدواه في ظل تلك الظروف العصيبة والأحوال الأمنية البالغة الخطورة آنذاك.
دور لا ينكر
وأشارت الجارالله الى ان المرأة الكويتية كان لها دورها الذي لا ينكر ولعل أبلغ دليل على ذلك ما ضمته قوافل الشهداء من أسماء السيدات وفتيات جدن بأرواحهن فداء للحق وما تعرضت له الكثيرات من السجن والاعتقال والتعذيب لاتهامهن من قبل سلطات الاحتلال بالتعاون مع المقاومة.
وعن الأدوار التي قامت بها المرأة الكويتية أثناء تلك الفترة قالت: الخروج من مظاهرات في الأيام الأولى للغزو تعبيرا عن الاحتجاج العلني والرفض التام للاحتلال العراقي والتمسك بالشرعية، وكذلك المشاركة في اخفاء الأسلحة وأجهزة الاتصال ونقلها من منطقة لأخرى لصالح المقاومة، بالاضافة الى نقل الجرحى والمصابين بين رجال المقاومة والمشاركة في علاجهم وتمريضهم في البيوت الخاصة، وكذلك المساهمة في كتابة المنشورات والبيانات والتعليمات الإرشادية وطباعتها وتصويرها وتوزيعها في مختلف المناطق، وأيضا رصد تحركات العدو ونقل المعلومات الاستخبارية لقيادة المقاومة والمشاركة في التخطيط والاعداد والتنفيذ لبعض عمليات المقاومة الجريئة.
عطاء مستمر
وأوضحت الجارالله دور المسجد حيث كان هو المنطلق الأول لدعوات التحدي والحث على العطاء والمرابطة، ومنه بدأ تجنيد المتطوعات للعمل في مختلف المرافق الصحية ودور الرعاية الاجتماعية وغيرها، وبه نظمت الدورات في الإسعافات الأولية والتمريضية، ومنه كانت توزع المنشورات والبيانات الرافضة للاحتلال والداعية الى مواصلة المقاومة والعصيان، كما فتحت أسر كثيرة منازلها لعقد الدروس الدينية والتجمعات النسائية واستخدام ما لديها من امكانيات لخدمة حركة المقاومة السرية، وتدافعت كثيرات للعمل في دور الرعاية الاجتماعية وتولي أمر رعاية الأيتام والأطفال والمسنين والمعوقين تحت اشراف من بقي من إدارييها وموظفيها، كما كان للمرأة الكويتية العاملة في الطب والتمريض وغير ذلك من المهن المساعدة وهي أدوار بطولية مشرفة ومع قرب نشوب الحرب سارعت أسر كويتية كثيرة الى احتضان أبناء وبنات دور الرعاية الاجتماعية وإيوائهم في منازلهم.