القرآن الكريم، كتاب الله العزيز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، محفوظ من الله، حيث قال تعالى في محكم التنزيل (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) فالحمد لله كثيرا على ذلك، ثم الحمد لله كثيرا أن قيض على مدى الازمان من يحفظون كتابه الكريم، ويعتنون به وينشرونه، ويختص بهذا الفضل من يشاء من عباده. وكما شرف الله المملكة العربية السعودية بخدمة المسجد الحرام، والمسجد النبوي، فقد خصها كذلك بدور رائد في خدمة الاسلام والمسلمين والعناية بالقرآن الكريم، عبر انشائها الصرح الاسلامي الشامخ لخدمة كتاب الله وسنة رسوله «مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف» بالمدينة النبوية. وقد بلغ متوسط انتاج المجمع السنوي 10 ملايين نسخة، توزع على المسلمين في جميع القارات، كما أنتج أكثر من 160 اصدارا موزعة بين مصاحف كاملة وأجزاء وترجمات وتسجيلات وكتب للسنة والسيرة النبوية، وتتولى الاشراف عليه وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد، ووزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ المشرف العام على المجمع ورئيس هيئته العليا، ويتابع تنفيذ سياسات المجمع وتحقيق أهدافه أمانة عامة يضطلع بمسؤوليتها ويشرف عليها سعادة الاستاذ الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي الامين العام للمجمع. «الأنباء» كان لها زيارة الى المجمع الكبير والالتقاء ببعض المسؤولين والمشرفين فيه لنقل الصورة الباهرة عن المجمع وعن أهدافها وكيفية تحقيقها، وأهم انجازاته،
وفيما يلي تقرير تفصيلي حول المجمع:
أمام ازدياد حاجة العالم الاسلامي الى المصحف الشريف، وترجمة معانيه الى مختلف اللغات التي يتحدث بها المسلمون، والعناية بمختلف علومه، وكذلك خدمة السنة والسيرة النبوية المطهرة، واضطلاعا من المملكة بدورها الرائد في خدمة الاسلام والمسلمين، واستشعارا من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله لأهمية خدمة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من خلال جهاز متخصص ومتفرغ لذلك العمل الجليل، امام كل ذلك وضع الملك فهد - رحمه الله - حجر الاساس لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة في السادس عشر من المحرم سنة 1403 هـ (1982م)، وقال رحمه الله عند ازاحة الستار عن اللوحة التذكارية لوضع حجر الاساس لمشروع المجمع «بسم الله الرحمن الرحيم، وعلى بركة الله العلي القدير.. اننا نرجو أن يكون هذا المشروع خيرا وبركة لخدمة القرآن الكريم أولا، ولخدمة الاسلام والمسلمين ثانيا، راجيا من الله العلي القدير العون والتوفيق في كل أمورنا الدينية والدنيوية، وأن يوفق هذا المشروع الكبير لخدمة ما أنشئ من أجله، وهو القرآن الكريم، ولينتفع به المسلمون وليتدبروا معانيه». وافتتحه ـ رحمه الله ــ في السادس من صفر سنة 1405هـ (1984م) قائلا «لقد كنت قبل سنتين في هذا المكان لوضع حجر الاساس لهذا المشروع العظيم، وفي هذه المدينة التي كانت أعظم مدينة. فرح أهلها بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا خير عون له في شدائد الامور، وانطلقت منها الدعوة، دعوة الخير والبركة للعالم أجمع، وفي هذا اليوم أجد أن ما كان حلما يتحقق على أفضل مستوى، ولذلك يجب على كل مواطن في المملكة العربية السعودية أن يشكر الله على هذه النعمة الكبرى، وأرجو أن يوفقني الله أن أقوم بخدمة ديني ثم وطني وجميع المسلمين، وأرجو من الله التوفيق».
ويعد انشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة من أجلّ صور العناية بالقرآن الكريم حفظا وطباعة وتوزيعا على المسلمين في مختلف أرجاء المعمورة، وينظر المسلمون الى المجمع على أنه من أبرز الصور المشرقة والمشرفة الدالة على تمسك المملكة العربية السعودية بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اعتقادا ومنهاجا، وقولا، وتطبيقا، وهذا الامر ليس مستغربا من المملكة العربية السعودية التي قامت باعلاء كلمة التوحيد، ورفعت رايته خفاقة عالية، وعرفت بنبل مقاصدها، وعلو همتها، وسمو أهدافها، وحرصها على كل ما من شأنه خدمة الاسلام والمسلمين وذلك منذ عهد مؤسسها المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، لقد وفق الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - لاقامة هذا المشروع الاسلامي الضخم حيث اعتنى بطباعة المصحف الشريف وتوزيعه بمختلف الاصدارات والروايات على المسلمين في شتى أرجاء المعمورة، واعتنى بترجمة معاني القرآن الكريم الى كثير من اللغات العالمية، وطباعة كتب السنة والسيرة النبوية.
أهداف المجمع
وتتضح أهداف المجمع فيما يلي:
1 - طباعة المصحف الشريف بالروايات المشهورة في العالم الاسلامي.
2 - تسجيل تلاوة القرآن الكريم بالروايات المشهورة في العالم الاسلامي.
3 - ترجمة معاني القرآن الكريم وتفسيره.
4 - العناية بعلوم القرآن الكريم.
5 - العناية بالسنة والسيرة النبوية.
6 - العناية بالبحوث والدراسات الاسلامية.
7 - الوفاء باحتياجات المسلمين في داخل المملكة وخارجها من اصدارات المجمع المختلفة.
8 - نشر اصدارات المجمع على الشبكات العالمية.
وتتضح سياسات المجمع لتحقيق أهدافه فيما يلي:
1 - استمرار انتاج اصدارات المجمع المطبوعة، والمرتلة بمختلف الروايات المشهورة وبأعلى مستويات الدقة مع ما يتطلبه ذلك من اعداد ومراجعة علمية.
2 - مواصلة نشاط المجمع في ترجمة معاني القرآن الكريم الى مختلف اللغات.
3 - الاستمرار في توزيع اصدارات المجمع على المسلمين في مختلف أنحاء العالم.
4 - تقديم هدية خادم الحرمين الشريفين السنوية لحجاج بيت الله الحرام.
5 - خدمة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من خلال اصدارات المجمع.
6 - مواصلة اجراء الدراسات المتعلقة بأهداف المجمع.
7 - نشر اصدارات المجمع وجهوده المختلفة على شبكة الانترنت.
8 - تطوير أعمال المجمع بما يتناسب مع مناشطه المتعددة، من خلال مراكز، ولجان، وادارات المجمع المختلفة.
9 - اتاحة الفرصة للمسلمين لزيارة المجمع.
10 - تنظيم ندوات علمية ذات أهداف المجمع.
11 - تدريب الموظفين داخل المجمع وخارجه، وتنظيم دورات تجويدية لحفظة كتاب الله الكريم.
الإشراف على المجمع
تتولى وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الاشراف على المجمع، ومعالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ هو المشرف العام على المجمع ورئيس هيئته العليا، ويتابع تنفيذ سياسات المجمع وتحقيق أهدافه أمانة عامة يضطلع بمسؤوليتها ويشرف عليها سعادة الاستاذ د.محمد سالم بن شديد العوفي الامين العام للمجمع، وفيما يلي استعراض لاهم مهام التقسيمات الرئيسية للمجمع واختصاصاتها:
الهيئة العليا للمجمع
تختص الهيئة العليا للمجمع بما يلي:
1 - رسم الخطط والاهداف العامة للمجمع وسياسات تطبيقها، والاشراف على تنفيذها.
2 - الموافقة على طلبات التعاون الواردة من خارج الوزارة.
3 - دراسة ما يعرض عليها من الامانة العامة للمجمع.
4 - اقرار برنامج انتاج اصدارات المصحف الشريف، وترجمة معانيه الى مختلف اللغات.
5 - الموافقة على اختيار القراء للمصحف المرتل.
6 - الموافقة على ما يتم اختياره من مركز الدراسات القرآنية ومركز خدمة السنة والسيرة النبوية ومركز الترجمات من الكتب، والموضوعات العلمية تأليفا، وتحقيقا، وترجمة، ونشرا.
7 - اقرار خطة التدريب للعاملين في المجمع.
8 - اقرار الميزانية للامانة العامة للمجمع.
9 - اعتماد الضوابط والمعايير التي تصرف على ضوئها المكافآت لاعضاء الهيئات واللجان والمتعاونين.
10 - اقرار اللوائح والانظمة التي يحتاجها المجمع.
11 - اتخاذ ما تراه محققا للمصلحة العامة في الحالات المستجدة من الامور التي لم يرد ذكرها في اختصاصات الاجهزة المختلفة.
12- الاطلاع على التقرير السنوي للمجمع والبت في الأمور التي يتضمنها.
المجلس العلمي للمجمع: يرأسه الأمين العام للمجمع، وتتبلور مهامه واختصاصاته في رسم خطة عمله وفقا لأهداف المجمع، واقتراح ما يؤدي إلى تطوير الأعمال العلمية فيه، ودراسة القضايا والبحوث ذات الصبغة العلمية والتي تتعلق بعلوم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وترجمات معاني القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، ودراسة ما يكلف به من بحوث ودراسات من قبل الوزير المشرف العام على المجمع، ودراسة التقارير المعدة من قبل اللجان والجهات العلمية في المجمع وإبداء الرأي فيها.
اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة النبوية: تعنى بمراجعة المصاحف حال خط خطاط المجمع لها وخلال الضبط وبعده على أمهات كتب القراءات، والرسم، والضبط، والفواصل، والوقف، والابتداء، والتفسير. وتظل المراجعة مستمرة من قبل اللجنة العلمية في جميع مراحل الإعداد والتحضير حتى تأذن اللجنة بالبدء بطباعة المصحف، كما تتولى مراجعة المصاحف المخطوطة، والمطبوعة التي ترسل إلى المجمع من داخل المملكة وخارجها.
لجنة الإشراف على التسجيلات: تعنى بالإشراف على مختلف التسجيلات التي يصدرها المجمع للتأكد من صحتها وسلامتها وفقا للقراءات التي تسجل بها. وصدر عن المجمع ستة تسجيلات خمسة منها برواية حفص عن عاصم لأصحاب الفضيلة الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي، والشيخ إبراهيم الأخضر، والشيخ محمد أيوب محمد يوسف، والشيخ عبدالله بن علي بصفر، وسجل برواية حفص عن عاصم بقصر المنفصل للشيخ عماد بن زهير حافظ، والسادسة برواية قالون لفضيلة الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي. مركز الترجمات: يعنى بالشؤون العلمية للترجمات وبخاصة القيام بأعمال ترجمات معاني القرآن الكريم إلى مختلف اللغات، ودراسة المشاكل المرتبطة بالترجمات وتقديم الحلول المناسبة لها، وإجراء البحوث والدراسات في مجال الترجمات، ودراسة الترجمات الحالية، وترجمة ما يحتاج إليه المسلمون من العلوم المتعلقة بالقرآن الكريم، وهناك مجلس للترجمات يعنى بالنظر في مختلف شؤون الترجمات.
مركز خدمة السنة والسيرة النبوية: أنشئ المركز بالأمر السامي الكريم ذي الرقم 5/793/م المؤرخ في 20/ 4/1406هـ المتضمن الموافقة على قيام الجامعة الإسلامية بإنشائه بالتعاون مع المجمع لطباعة ما يتم إعداده وتحقيقه. ويعنى المركز بجمع وحفظ الكتب المخطوطة والمطبوعة والوثائق والمعلومات المتعلقة بالسنة والسيرة النبوية وإعداد الموسوعات الخاصة بها، وتحقيق ما يمكن من كتبها، وإعداد البحوث العلمية التي تخدمها، ورد الأباطيل ودفع الشبهات عنها، وترجمة ما تدعو الحاجة إليه منها. وطبع المجمع ـ من إنتاج المركز كتاب «إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة» للإمام الحافظ أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني ويقع في عشرين مجلدا، وفهرس، وكتاب «المستشرقون والسنة النبوية»، وكتاب «فضائل المدينة».
مركز الدراسات القرآنية: يعنى بجمع وحفظ الكتب المخطوطة والمطبوعة والوثائق والمعلومات المتعلقة بالقرآن الكريم وعلومه وبالعمل على تحقيق الكتب المتعلقة بالقرآن الكريم، ورد الأباطيل ودفع الشبهات التي تثار عن القرآن الكريم، وصدر عنه «التفسير الميسر» للقرآن الكريم، وكتاب مختصر التبيين لهجاء التنزيل للإمام أبي داود المتوفى سنة 496 هـ، وكتاب الطراز للتنسي المتوفى سنة 899 هـ، وكتاب فهرست مصنفات تفسير القرآن الكريم، كما دفع للطباعة كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، ويعمل الآن على تحقيق كتاب لطائف الإشارات للقسطلاني. مركز التدريب والتأهيل الفني: يعنى بتدريب الكوادر السعودية لتأهيلها فنيا للعمل بمختلف أقسام المجمع الفنية سواء في مجال التحضير والتجهيز والمونتاج أو الطباعة أو التجليد أو الصيانة، أو التسجيل، أو الاستنساخ الصوتي والأعمال المساندة للإنتاج ونظم لهم إحدى عشرة دورة تدريبية إعدادية. ويتم ابتعاث عدد من المتفوقين من خريجي دورات المركز إلى الكليات والمعاهد المتخصصة داخل المملكة وخارجها، وتجرى دورات تدريبية تطويرية لمنسوبي المجمع.
طاقة المجمع الإنتاجية
تصل الطاقة الإنتاجية للمجمع إلى ما يربو على 10 ملايين نسخة من مختلف الإصدارات سنويا للوردية الواحدة، ووصل عدد الإصدارات التي أنتجها المجمع إلى أكثر من 160 إصدارا موزعة بين مصاحف كاملة وأجزاء وترجمات وتسجيلات وكتب للسنة والسيرة النبوية وغيرها. كما أصدر المجمع أكثر من 60 بحثا محكما عن ندوة عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه، ومثلها عن ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم تقويم للماضي، وتخطيط للمستقبل، و80 بحثا عن ندوة عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية. وللمجمع 5 مخطوطات خاصة به كتبها خطاط المجمع وروجعت من قبل اللجنة العلمية بالمجمع: اثنتان برواية حفص وواحدة بكل من رواية ورش، والدوري، وقالون.
توزيع إصدارات المجمع
\بدأ المجمع توزيع إصداراته من المصاحف، والتسجيلات، والأجزاء، وربع يس، والعشر الأخير، والترجمات، والكتب منذ عام 1405هـ، ويتم ذلك على المسلمين داخل المملكة وخارجها في مختلف أرجاء العالم، وبلغت الكميات الموزعة عشرات الملايين.
هدية سنويــة مــن خــــادم الحرميـن الشريفين للحجاج
إنفاذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ بتقديم نسخة من إصدارات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة لضيوف الرحمن من حجاج بيت الله الحرام، يواصل المجمع سنويا توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين على كل حاج عند مغادرته منافذ المملكة عائدا بسلامة الله وحفظه إلى بلاده بعد أن أدى مناسك الحج في يسر وطمأنينة متمتعا بالتسهيلات الكبيرة وبالإمكانات الهائلة التي وفرتها له المملكة، وزاد عدد النسخ الموزعة على الحجاج حتى موسم 1424/ 1425هـ على 20 مليون نسخة.