الآيات والأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت في بر الوالدين التي توضح تأكيد حق الأم كثيرة ومعروفة لنا جميعا وتدل لقارئها دلالة ظاهرة على وجوب اكرام الوالدين جميعا واحترامهما والإحسان إليهما وتوضح ان عقوق الوالدين من الكبائر التي توجب النار وغضب الله تعالى، ونحن في مجتمعنا الإسلامي الأم ليست في حاجة الى تخصيص يوم لها كما فعل الغرب من تخصيص الأم بالتكريم في يوم من السنة فقط ثم إهمالها بقية العام ولو كان فيه خير لفرضه الله سبحانه وتعالى او اقره رسوله الكريم في سنته، فعيد الام في نظر علماء الشرع ما هو إلا تقليد الكفار والذين هم بحاجة الى تخصيص يوم للأم لأنهم لا يعرفون معنى البر فالأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدع ومشابهة لأعداء الله وأعياد المسلمين معروفة عند اهل الاسلام وهي عيد الفطر وعيد الأضحى وعيدنا الأسبوعي (يوم الجمعة) فهل الاحتفال بتحديد يوم للأم بدعة وحرام أم مباح؟
بدعة
يؤكد الداعية أحمد الكوس ان الاحتفال بعيد الام بدعة في العقيدة ولا يجوز الاحتفال به لأن الأعياد تشريع من الله عز وجل وأن الله تعالى قد قرر في كتابه الكريم بأن الأعياد شرع من عنده ولا يحل للبشر أن ينشئ عيدا لقوله تعالى (ولكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر) وأنه عندما رأي النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار في المدينة يحتفلون بعيد مرتين قال ما هذا قالوا يومان كنا نحتفل بهما في الجاهلية فقال صلى الله عليه وسلم «إن الله أبدلكما يومين هما الفطر والأضحى»، وعلى ذلك قال الفقهاء إن اي عيد يبتدع غير هذين العيدين يعد بدعة في العقيدة ومن ناحية أخرى فإن في هذه الاحتفالات تشبها بالكفار يقول النبي صلى الله عليه وسلم «من تشبه بقوم فهو منهم» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحرا لدخلتموه وراءهم قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى قال ومن الناس غيرهم».
تجديد الأحزان
من جهته قال الباحث منصور العجمي ان البر بالأمهات ليس يوما واحدا في السنة لكن البر والاحتفال بالأم يكون كل ساعة وكل يوم وانه من عظمة الاسلام انه لم يجعل توقيتا معينا للاحتفال بعيد الأم كما هو واقع الآن لأن الاسلام يأمر الإنسان بأن يبر والديه أو أحدهما اذا كان على قيد الحياة طوال العام ولو كانا كافرين، كما أن الاحتفال بعيد الأم من ناحية أخرى قد يكون تجديد الأحزان على الأمهات اللاتي توفين وتركن أولادهن يشعرون بألم الفقد والحرمان عندما يرون غيرهم يحتفلون بأمهاتهم الأحياء وبالتالي فتسمية هذا اليوم عيدا أو يوما او مناسبة او اي اسم لا يغير من كونه بدعة كما يقرر علماء الشرع.
توطيد الحب
وترى الباحثة موضي العميري ان كان البعض يعتبر اقامة هذه الاحتفالات بالأم بدعة فهي بدعة حسنة وهي لا تضيف شيئا للدين ولكنها تقوي الجانب الاخلاقي والسلوكي لأبناء المسلمين فلا بأس من الاحتفال بعيد الأم فهو دعوة لمكارم الاخلاق وما احوجنا في هذه الأيام الى توطيد الحب في قلوب الأبناء واعلاء لقيمة الأمومة في المجتمع كما انه دعوة الى تقوية الروابط الاجتماعية وإشاعة روح الحب والمودة بين الناس وهذا ما يدعو إليه الإسلام بغض النظر عن تسمية ذلك عيدا فهو دعوة الى توجيه الأبناء لمعرفة حق الوالدين والرحمة بهما خاصة الأم.
واضافت فلو أخذنا الاحتفال بعيد الأم بمعنى التذكير بفضل الأم والبر بها فما المانع من الاحتفال به أما اذا اعتبرناه عيدا بمعنى ان الإنسان يبر الأم في هذا اليوم فلا يجوز ان نجعله عيدا فالغرب يحتفل بالأم يوما واحدا في العام أما الإسلام فجعل الاحتفال بها كل يوم إذا كانت على قيد الحياة، بل لم يجعل البر بالأم وهي على قيد الحياة فقط بل في حياتها وبعد مماتها.
آيات تحث على بر الوالدين
(وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ـ البقرة: 83).
(واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ـ النساء: 36).
(قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ـ الأنعام: 151). (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ـ إبراهيم: 40).
(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ـ الإسراء: 23 و24). (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا، إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا، يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا، يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا، يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا ـ مريم 41-45).
(قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا ـ مريم 30-32). (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ـ الفرقان: 74). (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ـ العنكبوت 8). (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ـ لقمان 14 و15). (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ـ الصافات: 102). (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين ـ الأحقاف: 15).
(رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا ـ نوح 28).