لو اجتمعت آراء الناس على احد لكان الأحق بذلك هو رسول الله، الا ان الله اخبره بانه صلى الله عليه وسلم لن يستطيع ارضاء الناس، خاصة خصومه الذين يملأ الحقد قلوبهم تجاهه.
ومن الذين حاولوا ان يجمعوا الناس على كلمة واحدة، ويوحدوا الصفوف والشتات بين افراد الامة، هو الامام المجاهد والخليفة العادل علي بن ابي طالب الذي كان بمنزلة هارون من موسى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن صفحات جهاده المشرف ان عليا رضي الله عنه ظل يبحث عن الشهادة ويشتاق اليها منذ هجرة النبي وفي جميع غزواته فأحبه الله وأحبه رسوله، وفي يوم خيبر قال النبي «لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله»، وكانت لعلي بن ابي طالب، وظل الامام علي مجاهدا حتى بعد ان اصبح اميرا للمؤمنين، الا ان الامور قد تنغصت عليه واضطرب عليه جيشه وخالفه اهل العراق، وتخلوا عنه واستفحل امر اهل الشام وزعموا ان الامرة لمعاوية، وكثرت الفتن واشتدت المحنة وحاول علي رضي الله عنه ان يجنب الامة ويلات التناحر الداخلي. الا ان الخوارج اجتمعوا على قتل علي رضي الله عنه ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما انتقاما لمقتل اخوانهم من اهل النهروان، وسار احدهم وهو عبدالرحمن بن ملجم قاصدا الكوفة ليقتل علي بن ابي طالب، وهناك قابل امرأة حسناء يقال لها «قطام بنت الشجنة» قد قتل ابوها واخوها يوم النهروان، وفأعجب بها ابن ملجم وعرض عليها الزواج فطلبت ان يكون مهرها ثلاثة آلاف درهم وجارية مغنية وعبدا، وقتل علي بن ابي طالب، واختارت له مساعدا من قومها يقال له وردان، واختار ابن ملجم مساعدا آخر يقال له شبيب بن نجدة، ولما كانت ليلة الجمعة 15 رمضان سنة 40 هـ ترصد الثلاثة لخروج الامام علي لصلاة الصبح، وسيوفهم تقطر بالسم، وحين خرج علي ينادي في الناس الصلاة الصلاة نهض اليه شبيب بالسيف، فضربه فوقع، ثم جاء ابن ملجم بسيف مسموم وضربه على قرنه فسال دم علي رضي الله عنه على لحيته وصاح ابن ملجم: لا حكم الا لله ليس لك يا علي ولا لاصحابك، وهرب وردان فادركوه وقتلوه وامسكوا بعبدالرحمن بن ملجم، وحملوا عليا الى منزله وجاءوا اليه بابن ملجم، فسأله علي: اي عدو الله ألم احسن اليك؟ قال: بلى.. شحذت سيفي اربعين صباحا وسألت الله ان يقتل به شر خلقه، فقال علي: لا اراك الا مقتولا به ولا اراك الا من شر خلق الله، ثم امرهم الامام علي ان هو مات ان يقتلوا القاتل بسيفه، وان عاش فليتركوا الانتقام له، وبقي علي رضي الله عنه يومين ومات ليلة الاحد 17 رمضان وغسله ابناه وعبدالله بن جفر وصلى عليه الحسن ودفن في وقت السحر.