- السلفيون يأخذون بالدليل القاطع مع الالتزام بالأمانة العلمية بعيداً عن التزوير وقلب الحقائق وبتر النصوص
- أهل العلم أكمل الناس عقلاً وأعدلهم قياساً وأصوبهم رأياً وأسدهم كلاماً وأصحهم نظراً وأهداهم استدلالاً
أكد د.بسام الشطي ان السلف الصالح هم أصبر الناس على اقوال المخالفين ودعواتهم وانهم يتناظرون في المسائل الاجتهادية مع بقاء الألفة والمحبة فيما بينهم، بعيدون عن الاسفاف متسمون بالأدب واللياقة، موضحا ان ما تعلمه السلفيون من السلف الصالح بأن ديننا سهل وسلس ولا يحاك في السراديب بل هو منهج صاف ووسطي اسس على بنيان متين، مشيرا الى ان التعامل يكون بالدليل القاطع والبرهان الساطع بالأمانة العلمية بعيدا عن التزوير وقلب الحقائق.
وقال ان السلف لا يختلفون في اصل من اصول الدين وقواعد الاعتقاد ولا من اجل المراء والتعصب والانتصار للنفس والتشفي من الآخرين، وحول منهج السلفيين كان هذا الحوار:
كيف كانت بدايتك مع الدعوة السلفية؟
٭ منذ طفولتي تربيت في كنف الدعوة السلفية المباركة، وتعلمت من العلماء والمشايخ وطلبة العلم الحرص على الوحدة ولم الشمل وجمع الكلمة وإزالة اسباب النزاع والفرقة، لأنها بذور الشقاق الذي يؤدي الى الفشل، قال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا).
النصح والإرشاد
كيف تعامل أهل السلف مع خلافاتهم؟
٭ السلف الصالح رضي الله عنهم هم أصبر الناس على أقوال المخالفين ودعواتهم، فهاهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله دعا الى السنة والإسلام وجادل اهل الباطل باللسان وجالدهم بالسنان بهمة وقّادة وعزمة وثابة حتى نصر الله به السنة وكسر به البدعة وجدد به الدين وجعله شجي في حلوق المبتدعة، والحال نفسه يتكرر مع مجدد القرن الثاني عشر الهجري الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، فلقد خرج هذا الإمام في مجتمع يعج بالشرك والبدع والضلالات، فقام لله ودعا الى سبيل الله، وشمر عن ساعد الجد واستفرغ لذلك الطاقة والجهد، فهدى الله به قلوبا غلفا وآذانا صما وأعينا عميا، وأبان به المحجة واقام على الناس الحجة.
المودة والأدب
وما الذي تعلمته من المشايخ حول هذه الخلافات؟
٭ تعلمت ان اهل السنة قد يحدث بينهم خلاف ويتناظرون في المسائل الاجتهادية والتنظيمية مع بقاء الألفة والمودة والمحبة فيما بينهم في حدود الأدب واللياقة وبعيدا عن الإسفاف والصفاقة.
فالسلف لا يختلفون بحمد الله في أصل من أصول الدين وقواعد الاعتقاد ولا يختلفون من اجل المراء وإحداث فتنة ومجلبة للتعصب واتباع الهوى ومطية للانتصار للنفس والتشفي من الآخرين وذريعة للقول على الله بغير علم، بل يريدون ضبط وتأصيل العمل الإداري ليكون الجميع على بصيرة، قال مسلم بن يسار: إياكم والمراء فإنه ساعة جهل العالم وبها يبتغي الشيطان زلته» وقال جعفر بن محمد «إياكم والخصومات فإنها تشغل القلب وتورث النفاق».
منهج وسطي
ما أهم تعاليم أقطاب السلف الصالح؟
٭ تعلمنا من المشايخ ان ديننا سهل وسلس وواضح فلا بيعات تقام ولا جلسات في السراديب تحاك ولا مسلك باطلا يطال، بل منهج صاف ووسطي وقد اسس على بنيان متين وتأصل على قواعد ذهبية واجيز من كوكبة وثلة من العلماء الربانيين والافذاذ، لهم عقول راجحة وعواطف صادقة ومعايير منضبطة وحكمة بالغة ونظرة ثاقبة وحنكة صائبة، فلم يضعوا المنهج السلفي لضغوط سياسية ولم يستفزهم مخالف او يستثرهم معاكس فأوجدوا المنهج لردود فعل غير منضبطة بل ليكون نبراسا للقاصي والداني والسير بخطى ثابتة والتعامل بالعدل، فمحبتهم للسلف لم تجعلهم يرفعونهم عن منزلتهم وكراهيتهم للكفار والمبتدعة لم تدفعهم لظلمهم او التقول عليهم، قال تعالى (وإذا حكمتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى).
الأمانة العلمية
ما نهجكم في الأمانة العلمية؟
٭ تعلمنا من علمائنا أن نتعامل بالدليل القاطع والبرهان الساطع بالأمانة العلمية بعيدا عن التزوير وقلب الحقائق وبتر النصوص أو ضرب النصوص ودمج المحكم بالمتشابه أو زخرفة الباطل أو تحكيم العوائد واتباع الهوى ولا التعليل للمخالف أو التهويل للمواقف ولا التعصب لرأي قابل للمناقشة وليس من المسلمات والثواب. وتعلمنا من علمائنا أن الشيطان يئس أن يعبد في الجزيرة ولكن قد يحرش بين أهل الحق والعلماء وطلبة العلم ويطرح الشبهات ليكثر الجدال والخصومة عن طريق القيل والقال، «إن الله تبارك وتعالى كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال».
التشاور
هل يتشاور السلفيون مع من يخالفهم؟
٭ أيضا تعلمنا من علمائنا ألا نجعل الكثرة والغوغاء والسواد الأعظم الذي تحركه العواطف والإعلام، تدفعنا للرفض أو تكوين رأي أو التعدي بلساننا أو جوارحنا ولكن نسأل أهل العلم ونلتف حولهم، فهم أكمل الناس عقلا، وأعدلهم قياسا، وأصوبهم رأيا، وأسدهم كلاما، وأصحهم نظرا، وأهداهم استدلالا، واقومهم جدلا، واتمهم فراسة وأحدهم بصرا ومكاشفة وأصوبهم سمعا ومخاطبة وأعظمهم وأحسنهم وجدا وذوقا، فنتشاور معهم ونقوي الروابط ولحمة الصف من خلالهم لنوثق عرى الألفة ووحدة الهدف، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: نعم المؤازرة المشاورة وبئس الاستعداد الاستبداد.
كما تعلمنا أن المنهج الذي يبنى على دليل قطعي سليم من الاضطراب والتناقض واللبس قال تعالى: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) هو محفوظ بإذن الله تبارك وتعالى وتتناقله الأجيال جيلا بعد جيل ومن التزم به رفع الله قدره ورقى قلبه وزكى نفسه ونقى بصره وزاده عزا قال تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) ويحمي ربنا تبارك وتعالى أصحاب المنهج السليم من التخبط والفوضى والضياع ويمنحهم الراحة النفسية وشراحة الصدر واستنارة الفكر وسلامة القصد والحياة الكريمة والسعادة في الدارين (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون).
تبجيل العلماء
وكيف يتعامل السلف مع العلماء في صوابهم أو خطئهم؟
٭ تعلمنا من علمائنا أننا نحب العلماء ونتأدب معهم ونذب عنهم ونحسن الظن بهم وننشر محامدهم ونسعى إليهم ونأخذ منهم ونصدر عن رأيهم والعلماء مفزع الأمة ـ بعد الله ـ عند الشدائد فنواليهم وننزلهم منازلهم ونقدرهم حق قدرهم ولكن العلماء بشر غير معصومين بل يجوز عليهم في الجملة الخطأ والنسيان والهوى، وهذا لا ينقص قدرهم ولا يسوغ ترك الأخذ عنهم ولا نسارع في تخطئة العلماء ولا يجوز الوقيعة فيهم أو تحريض الناس عليهم لكن نحمل كلامهم على أحسن المحامل.
ولاة الأمر
وما علاقة السلفيين مع ولاة الأمور في حالة خطئهم؟
٭ نحن وسط في التعامل مع ولاة الأمور فلا ندين بالخروج على أئمة الجور ولا نرى أنهم هم وحدهم سبب الشر والفساد وأن الخروج عليهم كفيل بإصلاح الأحوال ولا نكون مداهنين أو متخاذلين أو مخذلين ونسكت عن ظلم الولاة وترك نصحهم والإنكار عليهم، ولا نزين باطلهم ونسوغ لهم ظلمهم وفسادهم ووقوفهم مع الباطنية وقبولهم بطانة سوء عندهم وغشهم وخدعهم وتأليبهم على المصلحين والصالحين لأننا في سفينة واحدة إن تركناهم يعبثون فسنغرق جميعا، وواجبنا أن نتعاون لإسداء النصيحة لولاة الأمر وبيان خطورة هؤلاء في الماضي والحاضر والمستقبل ونتعاون مع الولاة لتحصيل المنافع وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها وان الولاة من يتحملون مسؤولية كل منكر وفساد وكل مسؤول معين ولديه القدرة والاستطالة. كما تعلمنا أهمية الشورى التي تشمل الأمور الدينية والدنيوية الخاصة والعامة والابتعاد عن التفرد والاستبداد امتثالا لأمر الله عز وجل واتباعا لرسوله صلى الله عليه وسلم ولعلم السلف بفضائل الشورى وعوائدها الجمة وفوائدها الكثيرة فهي سر النجاح والاستمرار قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه نعم المؤازرة المشاورة وبئس الاستعداد الاستبداد.
نصيحة لكل سلفي
أقول كما تعلمنا من علمائنا أهمية محبة بعضنا بعضا، أهل السنة والجماعة ونرحم بعضنا بعضا، ونبني علاقتنا على المودة والألفة والنصرة وجسور الترابط قال تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) وقال سبحانه (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) فنكف لساننا عن التفسيق والتبديع أو التكفير فنحن نرد على المخالف منا ونوضح له الحق وهم ونحن بشر نخطئ وننسى ونغفل ونجهل فلنلتمس العذر، فلابد من سلامة اللسان والجوارح ويترحم بعضنا على بعض ونأخذ العلم من بعضنا البعض ونذب عن اعراضنا ونذكر فضائل من أحسن، وكلنا يعمل في الدعوة من أجل اعلاء كلمة الله ونشر الحق المبين وواجبنا أن نواسي بعضنا في مدلهمات الملمات والفتن. نسأل الله أن يزيل الاحقاد والضغائن ويؤلف على الخير والحق قلوبنا ويجعلنا إخوة متحابين على سرر متقابلين، مفاتيح للخير مغاليق للشر رجاعين الى الصراط المستقيم وقافين عند الدليل.