- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»
- لم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلم الطفل الموهوب أبومحذورة صاحب الصوت الجميل الذي كان يستهزئ بأذان المسلمين بل مسح صلى الله عليه وسلم على رأسه وقال: اللهم بارك فيه واهده إلى الإسلام، اللهم بارك فيه واهده إلى الإسلام» وقال له: «قل الله أكبر الله أكبر» حتى أذن أبومحذورة بمكة
من عظمة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مع الأطفال أن رحمته ورعايته إياهم تشمل الأطفال جميعا، فهي تشمل أطفال غير المسلمين كما تشمل أطفال المسلمين، وتشمل الإناث كما تشمل الذكور، وتشمل المرضى كما تشمل الأصحاء، وتشمل أطفال المجتمع العام كما تشمل أطفال ذوي القربى، وتشمل الموهوبين كما تشمل ذوي الاحتياجات الخاصة، فالطفولة في منهجه صلى الله عليه وسلم لها وضع خاص ومعاملة مميزة عن غيرها، فإذا نظرنا إلى تعامله مع أطفال غير المسلمين لوجدنا منهجا رائعا يستحق التقدير والتحية والإكبار والإجلال وتتمثل في الآتي:
الحرص عليهم وهم في أصلاب آبائهم
لما تعرض أهل الطائف لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآذوه ورموه بالحجارة عرض عليه ملك الجبال أن يطبق عليهم الأخشبين (جبلين بمكة) عندها قال النبي الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم: «أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يوحد الله»، فقمة الرحمة أن يحفظ الإنسان على حياة عدوه ويرجو الخير لذريته التي تخرج من صلبه.
النظرة نحوهم تتميز بالروح الطيبة
وتصنفهم في إطار البراءة والفطرة وتربي المسلمين على سلامة الصدر نحوهم، وأن تخلو النظرة النفسية حتى من مجرد الكراهية تجاههم: ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصراه، أو يمجسانه»، ويأتي ذلك أيضا في إطار قوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث (ومنهم) وعن الصبي حتى يبلغ الحلم».
الحرص على الطفل الموهوب غير المسلم
ومن جوانب عظمته صلى الله عليه وسلم حرصه على الطفل الموهوب حتى لو كان غير مسلم، ويتبين لنا هذا من قصة الطفل الموهوب غير المسلم (أبو محذورة) صاحب الصوت الجميل الذي كان يستهزئ بأذان المسلمين وكيف اهتم به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبه على استهزائه بأذان المسلمين، بل مسح على رأسه وقال: «اللهم بارك فيه وأهده إلى الإسلام.. اللهم بارك فيه وأهده إلى الإسلام»، وقال له: «قل الله أكبر الله أكبر» حتى أذن أبو محذورة بمكة.
الاهتمام بالأطفال المرضى غير المسلمين ودعوتهم
فبرغم انتصار الإسلام وتأسيس الدولة بالمدينة المنورة كان حريصا على زيارة مرضى أطفال غير المسلمين ودعوتهم والأخذ بأيديهم إلى الخير. ورد في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: «كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: «أسلم». فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النار».
وورد في الصحيحين (البخاري ومسلم): عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبي عند أطم بني مغالة. وقد قارب ابن صياد، يومئذ، الحلم. فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صياد: «أتشهد أني رسول الله؟»، فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين. فقال ابن صياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال «آمنت بالله وبرسله»، ورغم لؤم هذا الغلام ورفضه الإسلام بل وسخريته برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه صبر عليه ونهى سيدنا عمر بن الخطاب عن قتله.. وقد ورد في (أسد الغابة في معرفة الصحابة) خبر إسلام ابن صياد هذا بعد ذلك.
عدم تكليف الأطفال غير المسلمين أعباء مالية أو ضريبية في ظل الدولة الإسلامية
عن أسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد: أن لا تضربوا الجزية على النساء ولا على الصبيان «كنز العمال الإصدار للمتقي الهندي المجلد الرابع ومسند عمر رضي الله عنه: 11412».
عدم إكراه الأبناء على اعتناق العقيدة
وهذا من روعة منهج الإسلام الذي يحترم رأي الطفل ويعتمد الحوار والإقناع: روى أبو داود في «باب في الأسير يكره على الإسلام» عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «كانت المرأة تكون مقلاتا» المقلاة: التي لا يعيش لها ولد، فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله عز وجل: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) (البقرة: 256).
الحفاظ على حياة أطفال غير المسلمين وعدم التعرض لهم أثناء الحروب
ما أعظم محمد صلى الله عليه وسلم في حرصه على حياة الأطفال، وما أعظم ممارسات أصحابه من بعده التي تنم عن عظيم الرأفة والرحمة، ورحمة محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الفاتحين العظماء شهد بها القاصي والداني حتى قال جوستاف لوبون الفيلسوف الفرنسي: «ما عرف التاريخ فاتحا أعدل ولا أرحم من العرب».
روى مسلم في صحيحه عن بريدة بن الحصيب الأسلمي «أن رسول الله كان إذا أمر أميرا على جيش أو سرية، أوصاه...»، وذكر من جملة ما أوصاه: «ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا».
وقد أجاب سيدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنه عن سؤالا ورد إليه: يقول: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل الصبيان؟ فقال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل الصبيان فلا تقتل الصبيان» يقول الإمام النووي وفيه: النهي عن قتل صبيان أهل الحرب.
وقد ورد في كنز العمال للمتقي الهندي عن ابن عمر أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعث يزيد بن أبي سفيان إلى الشام وكان مما أوصاه به: ولا تقتلوا شيخا كبيرا ولا صبيا ولا صغيرا ولا امرأة.
وورد في مسند الإمام أحمد عن الأسود بن سريع قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وغزوت معه فأصبت ظفرا، فقتل الناس يومئذ حتى قتلوا الولدان فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما بال أقوام جاوز بهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية؟»، فقال رجل: يا رسول الله إنما هم أبناء المشركين، فقال: «ألا إن خياركم أبناء المشركين»، ثم قال: «ألا لا تقتلوا ذرية، كل مولود يولد على الفطرة، فما يزال عليها حتى يعرب عنها لسانه، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه».
المسلم في حالة الأسر والظلم وعند الإعدام لا يغدر ولا يقتل أطفال الأعداء
روى البخاري، في باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة: عن أبي هريرة رضي الله عنه في شأن سيدنا خبيب بن عدي رضي الله عنه وهو الأسير المحجوز للقتل، لا يقتل طفل الأعداء وهو يقدر على قتله: «.. فمكث عندهم أسيرا حتى إذا أجمعوا قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحد بها فأعارته قالت فغفلت عن صبي لي فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذاك مني وفي يده الموسى فقال أتخشين أن أقتله ما كنت لأفعل ذاك إن شاء الله، وكانت تقول ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب...».